إن البشرية قاطبة تجتاز مرحلة جد صعبة وحرجة ودقيقة غير مسبوقة، بسبب تحول فيروس كرونا المستجد إلى وباء عالمي. هناك إجماع دولي على أننا بتنا أمام خطر كاسح وقاتل يهدد الوجود البشري في حد ذاته، ما يعني أن هذه الجائحة تطرح تحديات كبيرة وتفرض على كل الشعوب التحلي باليقظة والجدية والتضامن والتعاون والانظباط لإجراءات السلامة والوقاية ،والتقيد بحالة الطوارئ الصحية والبقاء في المنازل.وفي نفس الوقت عدم الوقوع في فخ الهلع والرعب والتهويل ونشر الأخبار الزائفة والإشاعات ،لأن من شأن هذا السلوك أن يروع أي مجتمع. ففي بلدنا اتخذت الدولة كل التدابير والإجراءات الاحترازية طبيا واقتصاديا واجتماعيا لضمان الأمن والاستقرار ونشر الطمأنينة في المجتمع. و تبقى مؤسسات الدولة هي الجهة المعتمدة كمصدر لكل المعطيات والمعلومات والتطورات المتعلقة بالحالة الوبائية على المستوى الوطني. إن السرعة التي ينتشر بها هذا الوباء، أمر مرعب، واكتساحه الرهيب للكرة الأرضية،وغموض هويته وأصله جعل العلماء ومختبرات البحث العلمي أمام أحد أخطر التحديات على الإطلاق. هناك جهود كبيرة تبذل وتنيسق عالمي وميزنايات ضخمة رصدت بغية التوصل إلى لقاح أو علاج لهذا الفيروس الفتاك. وحتى الآن يبدو أن كل الأبحاث الجارية لم تصل بعد إلى علاج فعال.رغم أن بعض البروتوكولات العلاجية اعتمدت مجموعة من الأدوية التي كانت تقدم أصلا لعلاج الملاريا وبعض الأمراض المزمنة الأخرى . وهذا ما يجعل من الوقاية والنظافة بما في ذلك ارتداء الكمامات، وتجنب الاختلاط والإلتزام بمسافة الأمان والبقاء في المنازل إجراءات أساسية لامحيد عنها. خاصة في بلدنا التي لانريد لمنظومتها الصحية أن تختنق وتنهار علما أنها متواضعة، مقارنة مع متظومات قوية ومرجعية. إن المؤشرات المرتبطة بهذا الفيروس في بلادنا تدل على منحى تصاعدي في عدد الإصابات والوفيات ، لكنها مع ذلك لاتدعو إلى القلق، لأن عددا من الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطات المغربية و حزمة التدابير التي أقدمت عليها كانت فعالة وتبعث على الاطمئنان .لكن يجب علينا أن نضاعف من مستوى اليقظة بشكل جماعي، وأن نتعاون ونتضامن ونتكاتف لحماية بلدنا وأهالينا و حماية البشرية جمعاء. وعلينا أن لا نتعامل بنوع من الإستهتار وعدم المسؤولية مع وباء قاتل أصاب مآت الآلاف في شتى الدول ،وخلف ضحايا يعدون بالآلاف كذلك . و تضرر ت منه كل الاقتصادات، وانهارت بسببه حركة البورصة والسياحة والطيران والتجارة والصناعة و التعليم والرياضة والثقافة والفن وكل الخدمات ووووو. كل الدول أعلنت حالة الطوارئ والحجر الصحي ، وعبأت كل الإمكانيات وخصصت ميزانيات إستثنائية تعد بملايير الدولارات لمواجهة الجائحة، وأغلقت الحدود وأوقفت الأسفار جوا وبحرا وبرا، مع ما يتطلبه ذلك من انظباط وصبر وطاقة على التحمل. وهناك دول منعت جنسيات معينة من دخول ترابها. ومجموعة من قادة الدول لم يترددوا في مصارحة شعوبهم بهول الكارثة وجديتها وخطورة عواقبها. في المغرب، وبحكم المعلومات والأخبار التي تتدفق علينا على مدار الساعة وطيلة اليوم، لابد أن نتفاعل مع ما يحدث في العالم، ولابد أن نجند أنفسنا لمواجهة الخطر،فكل المغاربة معنيون بهذه المعركة التي تخوضها البشرية من أجل البقاء .معنيون كحكومة و كمؤسسات وكأحزاب و كمنظمات نقابية ومدنية ومهنية وكإعلام للوقوف جدارا سميكا وصفا متحدا ومجتمعا متضامنا في وجه هذا الوباء الذي يحتم على البشرية وبشكل غير مسبوق التفكير القلق والمسؤول في مصيرها ومستقبلها. إن شباب المغرب إناثا وذكورا ،معروف بأخلاقه العالية، وشجاعته وبسالته في اللحظات الصعبة ،وهاهويضرب موعدا مع التاريخ ويهب لمساعدة المسنين والمرشدين و المساهمة في إنجاح المجهود الوطني للتصدي للجائحة ،الذي تقوده الدولة بحكمة ووطنية ومسؤولية وجدية معبئة كل مواردها وإمكانياتها ،تنفيذا لتعليمات وتوجيهات جلالة الملك محمد السادس الذي بادر في الوقت المناسب الى إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كرونا المستجد. بكل صدق، البشرية توجد أمام إمتحان صعب للغاية، فرغم كل التطورات العلمية و الاكتشافات والثورات التكنولوجية ،بما في ذلك تكنولوجيا غزو الفضاء وخوض الحروب الذكية، فإن فيروس كرونا المستجد لم ينفع معه كل هذا التطور العلمي والتكنولوجي الهائل. لكن علينا أن نربي الأمل وعلينا أن نثق في قدرة الإنسان بعد الله، على اجتراح المعحزات ومواجهة كل وباء وداء. الدولة المغربية تدرك جيدا خطورةجائحة كورونا وتداعياتها الكارثية، لذلك فهي بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع إلى بر الأمان.الإصابات في تصاعد كبير.من هنا يتحتم على المغاربة التزام بيوتهم. لمساعدة الأطقم الطبية والتمريضية التي تجاهد وتواجه الوباء بكل بسالة وشجاعة، و أيضا لتمكين السلطات من أداء واجبها ورسالتها بدون مشاكل واكراهات عكس ذلك ، سيكون المآل هو الهلاك بقوة الوقائع والواقع. عبدالصمد بن شريف: صحافي وكاتب