فبراير 2020، ظهر السيد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، بتصريح يصف فيه الاقتصاد المغربي بالمريض، و صندوق النقد الدولي بالطبيب، و وصفاته بالعلاج. مارس 2020 خرج مندوب الطبيب (السيد الجواهري) بالمرحلة 2 من وصفة العلاج، لتوسيع تحرك سعر صرف الدرهم بشكل حر من 2.5% إلى 5% صعودا و نزولا. لكن، هل انتهت القصة؟! بالكاد في منتصفها، فحكاية مرض المغرب و علاجات صندوق النقد الدولي، عن طريق الممرض الجواهري، قديمة و ممتدة ل ثمانينات القرن البائد و ما قبلها. سنة 1981، و إلى غاية 1986، تولى السييد عبد اللطيف وزارة المالية، لتنزيل حلول صندوق النقد الدولي السريعة على اقتصاد يحتاج حلولا هيكلية طويلة الأمد. لسد العجز و آداء الديون المتراكمة و علاج المغرب المريض بالفساد و البيروقراطية، قام السيد الجواهري بتمرير مخطط تقويم هيكلي حد من إنفاق الدولة على قطاعات حيوية كالصحة و التعليم، و فوت أغلب القطاعات الحيوية و المنتجة للقطاع الخاص، لجمع أموال سريعة و سد الثقوب (علاج الأعراض)، و إنقاذ أجهزة الدولة من الإفلاس، مقابل قتل و تحطيم أسس المجتمع و الإقتصاد، بالحد من تمويل الدولة لقطاعات حيوية ك الصحة، التعليم، التشغيل و البنية التحتية الأساسية. فهل شفي المريض؟! الكل تباكى فيما بعد على الإنصياع لمخطط التقويم الهيكلي، لكن السيد الجواهري ظل يطوف بإدارات الدولة السيادية الاقتصادية، باعتباره رجل صندوق النقد و رجل الولاء للحكام القدامى كما الجدد. تولى سيادته رئاسة البنك المغربي للتجارة الخارجية المملوك للدولة سنة 86، و لم يسلمه إلا و قد بيع لابن جلون سنة 1995 عن طريق فينوس القابضة. نعم، إنه سوبر مان خصخصة و مصمصة! الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يبشرنا السيد جطو بأنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة سنة 2024، كان تحت إدارة السيد الجواهري بين 2002 و 2003، و لم يكلف نفسه إعداد تشخيص ينذر بانهيار نظام التقاعد المغربي، في ظل استمرار الدولة في تمويل تقاعد المؤسسة العسكرية بمساهمات المدنيين. لا أحد حذر من الكارثة ليتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه! السيد الجواهري مسك بنك المغرب منذ 2003 إلى يومنا هذا، و لم يجد وصفة (أو ساهم في إيجادها ) لمرض وعدنا بشفاءه منذ 1981! اليوم يعدنا الطبيب بعلاج لمرضنا عن طريق تحرير الدرهم بشكل تدريجي. لماذا تدريجي؟ لأن السيد الجواهري لاحظ منذ نهاية 2017، يوم شاع أمر التحرير الكلي للدرهم، كيف لجأت بنوك قطاع مصرفي يسميه قويا، بشراء مليارات من العملات الصعبة و تخزينها، ما كاد يهوي بالدرهم لأسفل سافلين لولا تدخل بنك المغرب، و ضخه كمية معتبرة من العملة الصعبة في السوق مقابل شراء فائض الدرهم، و صرف النظر عن قرار التعويم المفاجئ. القصة موجودة و موثقة لمن أراد التوسع. مبررات السيد عبد اللطيف في سعيه نحو التعويم : ملائمة احتياطات النقد الأجنبي ، تضخم متحكم فيه، ثبات مستوى الدين العام و صلابة القطاع المالي. مصوغات إجرائية قصيرة المدى و هشة، ليست هيكلية متينة و مستدامة. فأما قطاعنا المالي فليس صلبا بل جبان و محتفظ، لا يضخ السيولة إلا لقروض الإستهلاك و العقار، أو المشاريع ذات الربح السريع و الساخن، و لا يستثمر لا في الصناعة و لا في البحث العلمي. لذلك فهو آمن كما تأمن السفينة في البر، و ما لذلك صنعت!! و أما التضخم فيمكن التحكم فيه بسهولة بتغيير سنة الأساس، بحساب معدل زيادة الأسعار (مثلا) بين 2018 و 2019، بدل حسابها بين 2010 و 2019!! نحن نخدع أنفسنا و نحسب سرعة الإرتفاع بطرق ملتوية و ليس حجمه. و أما احتياط النقذ فهو كاف لسد حاجيات التصدير ل3 أشهر لبلد يستورد أكثر مما يصدر. كارثة مثل انتشار فييروس كورونا قد تعجل بنفاذه. و أما مستوى الدين فهو في أعلى مستوياته داخليا و خارجيا بسبب استمرار عجز ميزاننا التجاري مع 53 دولة، بفضل قرارات السي جطو يوم كان وزيرا أولا . داخليا، يقبع مكتب الماء و الكهرباء تحت وطأة 50 مليار درهم ديون و الفوسفات تحت 30 مليار درهم. أما ديوننا مع العالم فسترتفع ل50 مليار دولار متم 2020 كما صرح وزير المالية السيد ابن شعبون. للقصة بقية. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة