شيع عشرات الآلاف، عصر اليوم الجمعة، جثان الشيخ والعالم محمد بن الأمين بوخبزة، في جنازة مهيبة ورهيبة، انطلقت من منزله الكائن بسيدي طلحة نحو مقبرة بن كيران الاسلامية بمدينة تطوان. وجابت الجنازة، شوارع المدينة، لتكون بذلك آخر رحلة يقوم بها الفقيد لمسقط رأسه، والذي احتضنه إبان حياته، عالما جليلا تقيا، عارفا بالله، غزير العلم، قبل أن تستقبل أرضها جثمانه. وأدى عشرات الآلاف صلاة الجنازة، بمسجد سيدي طلحة الكبير، والذي لم تتسع مساحته وجنباته لأعداد المشيعين، واضطر أضعاف مضاعفة من الحاضرين، أداء صلاة العصر والجنازة خارج المسجد، بالاضافة الى استغلال مساحات ومساجد الأحياء القريبة. وعرفت الجنازة، حضورا لافتا لطلاب العلوم الشرعية، بمختلف مدن المغرب، كما عرفت مشاركة الآلاف من النساء اللواتي شاركن في الجنازة، حتى داخل المقبرة الاسلامية بتطوان. وتسبب حجم الجنازة، في إغلاق جميع شوارع تطوان، وسط حضور محتشم لرجال الامن والشرطة، مع تسجيل حضور قوي لمعارف واصدقاء الراحل داخل المغرب وخارجه. الراحل غادرنا إلى درا البقاء، أمس الخميس 30 يناير 2020، حيث فاضت روحه بقسم الإنعاش بإحدى المصحات الخاصة بمدينة تطوان، بعدما نُقل إليها في حالة جد حرجة قبل عشرة أيام، تاركا وراءه عشرات الكتب والمجلدات والمخطوطات، التي قضى معظم فترات حياته في كتابتها (عاش 88 عاما)، لكنه لم يقم بطباعتها، كما تخرج على يديه مئات من طلاب العلم الشرعي من مختلف دول العالم، منهم علماء ودعاة. ومن بين الأمور التي يحتفظ بها التاريخ للراحل، إلى جانب نبوغه العلمي، هو نضاله السياسي منذ فترة الاستعمار، إلى آخر لحظات عمره، فالراحل مارس الصحافة قبل استقلال المغرب وأصدر جرائد ومجلات سخرها لانتقاد سياسة الاستعمار الإسباني في التعليم واضطهاد الطلبة والتضييق عليهم وكاد بسببها أن يُسجن، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف في العلوم الشرعية، كما أنه رحمة الله عليه، أمضى الشيخ زُهاء 53 عاما من حياته في الخطابة الدينية، وكانت خلالها المساجد التي يقيم بها دروسه وخطبه بتطوان تكتظ بالراغبين في الأخذ من علمه وأجوبته على إشكالات الناس الدينية، خاصة مسجد "العيون" بالمدينة العتيقة، غير أن مساره في الخطابة انتهى بقرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الراحل عبد الكبير العلوي المدغري جاء فيه: "أنت موقوف عن كل نشاط ديني"، حسب ما صرح به بوخبزة.
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة