لم أجد توصيفا أفضل من “التشرميل السياسي” للتعليق على التصريحات الأخيرة للقيادي في الأصالة والمعاصرة محمد الشيخ بيد الله، والتي ربط فيها، مرة أخرى، بين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية. مثل هذه التصريحات منتظرة قبل المؤتمر الرابع ل “البام”، خصوصا وأن هناك تصادم، ولأول مرة، بين تيارين داخل هذا الكيان السلطوي، الذي كان ينتخب أمينه العام بالتصفيق والصفير، بل أضحت هذه التصريحات مثل طقوس لابد منها لإرضاء أصحاب الحل والعقد المالكين لرخصة سياقة “الجرار”. لكن إذا كان الباعث، في الماضي، على مثل هذه التصريحات هو الخوف من حزب العدالة والتنمية، ولهذا تأسس “البام” أصلا، فإن الباعث لها اليوم هو الخوف من الأصالة والعاصرة نفسه، بسبب التحول في العقيدة السياسية لعدد من قيادييه. فمن يتابع تصريحات قياديي “تيار المستقبل” يدرك بسرعة أن حجم التغيير داخل “البام” كان صادما، وأن هناك قيادة جديدة تريد إعادة بناء هذا الحزب بعيدا عن جلباب الإدارة، لعله يتخلص من خطيئة النشأة الأولى. الأسباب وراء هذا الربط الأخرق بين مشروع العدالة والتنمية وجماعة الإخوان المسلمين، مكشوفة وواضحة، وهي الوقيعة بينه وبين المؤسسة الملكية، من خلال إلصاق تهمة الولاء لجهات خارجية به واتهام قيادته بممارسة التقية وتبنى العنف كإستراتيجية من خلال استدعاء مرحلة من تطور جماعة الإخوان المسلمين. العودة إلى الشيخ بيد الله، المشبع بثقافة التخويف والتخوين، تارة باسم القبيلة وتارة أخرى باسم الحداثة والتنوير، ليلعب دور الفزاعة في الحقل السياسي، دليل على أن ماكينة السلطوية لم تعد قادرة على إنتاج أدوات جديدة للتحكم في الفضاء العام، الذي أصبح مكشوفا بفعل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. ما لا ينتبه له الواقفون خلف هذه الحملة أن بيد الله لا يصلح للعب هذا الدور، و إلا كان نجح فيه سابقا، وأن اللحظة السياسية تقتضي الكثير من الحكمة والتبصر لتهيئ الأجواء لإطلاق مبادرة سياسية جديدة لطي عدد من الملفات الحقوقية الحارقة التي ساهم حزب بيد الله نفسه في إشعالها. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة