لحدود اللحظة، لم أعرف بعدُ هل النظام العسكري الجزائري “يناضل” من أجل تمكين فئة من مواطنيه الصحراويين من “دولة مستقلة” فوق أراضي غيرية، ألا و هي الأراضي المغربية، أم يفعل ذلك من أجل المطالبة بالاستقلال لصحراويين مغاربة محتجزين لديها لعقود من الزمن، عوض أن يطالبوا هم بذلك لأنفسهم؟ في كلا الحالتين، النوايا شاذةٌ و غريبة، و المنطق غائبٌ و الحجة ضعيفة، و القضية مخسورة…، و الضحية مواطنون سمحوا لأنفسهم بأن يكونوا ضحايا الحرب الباردة في مفهومها العام بين المعسكرين الرأسمالي و الاشتراكي زمن السبعينات، و في مفهومها الخاص بين الجارين المغرب و الجزائر!! في اعتقادي، الحل يبدأ من التحرير الفكري و الاجتماعي و الديموقراطي للمحتجَزين قسراً بالمخيمات الجزائرية، التي تم بناؤها في ظروف تاريخية ميَّزتها أحاسيس و عقائد ذات حمولة سياسية داكنة و عدائية تجاوزها المنطق و التاريخ.. الكتابة في هذا الموضوع تستلزم وجود قدرة و إدراك لدى الكتاب و المساهمين على عدم الخلط بين الشعب الجزائري الشقيق الذي لا يميزه عن الشعب المغربي سوى الحروف التي يُكتبُ بها إسمه، و بين الحسابات السياسية و الكواليس الدولية التي تُرَتَّبُ خلف الجدران و عبر اللاسلكي قديما، و الإلكتروني حديثاً. جديرٌ بالذكر أن لا أحد من المواطنين الجزائريين — بما فيهم باحثون و أساتذة و قادة أحزاب سياسية و نقابات عمالية — يُساير الطرح الرسمي للجهاز العسكري التنفيذي بالدولة الجزائرية. الإخوة الجزائريون يدركون أن وطنهم وطن شاسع، و ليسوا بحاجة إلى المزيد من الرمال و المساحات بل كل ما يطالبون به دولتهم المركزية هو توزيع ما أودعه الله من خيرات بباطن وطنهم بالعدل و المساوات. من جهة ثانية ، علينا أن نُدركَ أن وجود و نشأة الثقافة و العرق الصحراوي ليس مرتبطا بجنوب المغرب فقط، بل إن الإخوة الصحراويون “قوْمٌ” رُحَّلٌ، أو ظاهرة متحركة، لذلك ففكرة تقرير المصير يجب أن لا تبقى رهينة الحالة المغربية، و بالتالي على المفاوض الصحراوي المغربي أن يقابل المطلب بحتمية تقرير المصير لكل الصحراويين بجنوب الجزائر و تونس و ليبيا و مصر، بل حتى بشمال دول الساحل، فنصبح أمام ظاهرة تفريخ الكيانات، و هو الأمر الذي لا يمكن أن يطالب به لبيب أو يتحمس إليه تواق، و المشكل الذي يشغل الشعوب عادة، بدلاً عن ذلك، هو التوزيع العادل للثروة، و التمكين للشباب و المرأة، عبر الحق في تعليم متميز و صوت مسموع و حق مكفول، و آليات ديموقراطية صادقة و متجدرة..، و ليس بناء المزيد من الكانتونات و ترسيم المزيد من الحدود و خلق المزيد من النزاعات الجغرافية و الطائفية. فلقد علَّمنا التاريخ، خاصة الحديث، كيف أن النزاعات تُخَلفُ وراءها حمامات من الدم و المآسي الإنسانية! في نقطة أخرى، من شأن صيانة و تعزيز الخيار الديموقراطي داخل وطننا ، كخيار مقدس و عليه إجماع عام و يحظى بالتقدير و الاحترام اللازم، أن يساهم بطرق مباشرة و غير مباشرة، في إفراغ الهواء من العجلات التي ظلت تعطي قوة الحركة و الدفع لأطروحة الانفصال المدعومة جزائريا. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة