ليس دوما علامة الرضى؛ السكوت أحيانا علامة نضوب مخزون الأمل، ومنسوب الوضوح، وجرعات الثقة ؛ أحيانا ،هو علامة اندهاش بل إحساس بتيه ودوار يفقدك توازنك، فتظل تسأل :أين أنا؟ ولا جواب. السكوت هو إحساس مبكر بنهاية الحلقات ، وانصرام وقت المبررات؛ السكوت ان لا تبالغ في وضوحك في هذا العالم الأعمى؛ السكوت ان ترى بأم عينيك اهتزازات ومواقف رجفاء وادعاءات ، أن تعاين اللامنطق يتحدث بالمنطق، ويصرخ بأنه منتهى العقل… ان تلمح في العيون غلالة كذب وحزمة بهتان…. ان تعاين عن قرب، انتصار “التشفي” على ” التدافع” و غلبة ” الرعونة ” على “المودة” و مرادفاتها النبيلة ؛ والحال انه انتصار أحور و رعونة مثيرة للشفقة ومسامير صدئة تدق في حزمة عود فتفكها… ألم يعلموا ان العود ضعيف بمفرده، قوي بحزمته؟! السكوت ان يوقعوا معك على معاني سامية: حرية الرأي وحرية التعبير ما لم تمس الجوهر…. فيصادرونك هذا الحق فجأة، ويعادونك ، ويتحججون بانك وبانك وبانك …. لأنك فقط لست للتنميط والتسميط…. لانهم يريدونك نسخة مكرورة باردة وجوفاء؛ السكوت ايضا ان تقسم لكل الناس أن هناك مشتركا حصينا و منيعا يحتويك ويحتويهم ، فتستفيق ذات يوم وتكتشف ان اعتقادك بضع حلم… انك كنت تبني فوق كتبان رملية ليس إلا ؛ السكوت ان ترى كلا يغني على ليلاه، فلا ليلاك ليلاهم ، ولا ليلك ليلهم… انك استفرغت الوسع في الاغتراف من “حسن النية “والتماس العذر” و”انتقاء قواميس التبرير” حتى اكتفيت…. وبكلمة، السكوت قصة عنوانها”لاشيئ يحكى”،ولا داعي ليحكى ولا معنى لأن يحكى…. و إلى ان تسكت دهشتك، وتهدأ اساريرك، وتستطيع ان تلتمس العذر لنفسك ولطيبوبتك ولإخلاصك ….فتفتح صفحة أخرى وتخط عليها بضع كلام…. سيظل السكوت ملاذك ، تفر إليه عن قناعة، حتى لا تؤذي نفسك وغيرك، فتفك عبره شفرة امتعاضك. انه السكوت، جرعات مرة ، أي نعم هي مرة لكنها افضل من قطع شعرة الأخوة الف مرة.