تبدو العلاقات المغربية الجزائرية محفوفة بالمخاطر مهما جاء الزمن محملا بزخم من التحولات . و مهما كانت الحرب الباردة الجديدة مرخية بظلالها على شمال افريقيا ، كامتداد للشرق الأوسط ، الذي طالما كان محل اهتمام التنظير الجيو – استراتيجي للغرب ، فإن المغرب كان دائما السباق الى استحضار مصلحة الشعوب في رسم مخططات علائقية تروم الدفع بعجلة التواصل البناء على أرضية حسن الجوار . و يكفي القيام بمسح سياسي للمواقف الجزائرية الرسمية طيلة هيمنة الفهم البومدياني للتأكد من غلبة النفحة العسكرية في تدبير نقاط الخلاق مع المغرب، لأنه العداء مع المغرب عقيدة للاستمرار. و لأن الخط الدبلوماسي البومدياني يمتح من استراتيجيات العسكر المتواطئ مع الرئاسة وفق أجندة تأزيم العلاقات مع المغرب ، فإن أفق التواصل بين المغرب و الجزائر ظل للأسف حبيس رهانات اللاسلم و اللاحرب الذي كان لصالح الفساد العسكري لدولة تنكرت لكل ما قدمه المغرب لصالح ثورة الجزائريين ضد الإحتلال الفرنسي . ومع ما أصبح يميز الفضاء العمومي الجزائري من ديناميات اجتماعية بلغت درجة اعتقال صقور الرئاسة ، بما فيه شقيق الرئيس المقال بالإرادة الشعبية عبد العزيز بوتفليقة . إذ نجح الشارع الجزائري في رفع منسوب الضغط للحسم مع مرحلة الإنحباس الديموقراطي ، إلا ان وصول ” تبون ” الى كرسي الرئاسة ، و استحضارا لما سبق أن صرح به حيال المغرب ، يفيد اننا امام بوتفليقة قديم جديد، وقد يكون زمن بوتفليقة أرحم وأضمن لأنه يفهم منطق التوازنات ويراعيها . بمعنى أن العسكر نجح في الإنقلاب على شرعية دينامية الشارع بشكل ناعم ، حتى اصبحت كل شعارات التغيير مجرد رهانات للإستهلاك لصالح عودة لوبي الجيش من بوابة الرئيس الجديد تبون . و لأن هذا الأخير ظهر أنه لن يتوانى في مواصلة الخط التقليدي البومدياني ضد المغرب لحشد الشعبية المفقودة بالنظر الى استمرار الحراك وضعف المشاركة في الانتخابات، فإن أفق العلاقات المغربية الجزائرية لا محالة ستمر بلحظات عاصفة ، سيما اذا نجح تبون في فرملة صخب الشارع و تمكن من كبح جماح السخط الجماهيري الذي توفق في بناء فعل احتجاجي بديل لصالح انبلاج عهد جديد قوامه الحسم مع الفهم التقليدي الذي يعتبر قضية الصحراء من صلب مواقف الجزائر من الاستعمار ، بما يوطد عرى الأسطوانة المشروخة المعادية للمغرب على قاعدة الاستمرار في الإضرار به عبر التمويل والمساندة والمرافعة لصالح البوليساريو، ولما لا دفع الأخيرة وتحريضها لمغامرة عسكرية ضد المغرب من أجل احتواء الوضع الداخلي بالحزائر. و نستنتج من كل هذا ؛ انه ، إذا اتيحت الفرصة للسيد تبون لتعبيد الطريق للتدبير البومدياني للشأن العام داخليا بأدوات الحديد و النار بمنطق عسكري بيسماركي فج ، و خارجيا وفق تأويل ستاليني للعلاقات مع الخصوم ” الأعداء ” ، بما سيرهن مستقبل الجزائر لسنوات اخرى في بوثقة انحباس خطير قد يعصف بالمغرب الكبير على اشلاء حلم الشعوب بوحدة مغاربية مؤسسة على المصالح المشتركة.