لم يكن المغرب وحده يراهن على حدوث تحول ديمقراطي في الجزائر لحدوث انفراج بين البلدين الجارين، بل كانت كل البلدان المغاربية تتطلع إلى ذلك لتأسيس شراكة اقتصادية يقر الجميع بأن حدوثها سوف يجعل من المنطقة المغاربية تكتلا اقتصاديا مهما، وأيضا قطاع واسع من رجال المال والأعمال الجزائريين الذين سبق لهم أن اصطدموا بتبون في عهد بوتفليقة، والذين يتطلعون إلى حضور اقتصادي وازن للجزائر في إفريقيا. لكن، يبدو أن استعادة الجيش الجزائري، بقيادة أحمد قايد صالح، أحد وجوه العهد القديم، ووصول تبون، الذي بنى جزءا من حملته الانتخابية على إبداء مواقف سلبية من المغرب، أعاد عقارب الساعة إلى الصفر، وأجل الموعد المغاربي لإحياء اتحاد مغاربي فاعل ومؤثر إلى تاريخ لاحق. وفي الوقت الذي كان الجزائريون ينتظرون من مرشح الرئاسة أن يتحدث عن انتظاراتهم، ويبدد هواجسهم وتخوفاتهم من استمرار النظام القديم (العصابة)، كان تبون يتحدث، خلال حملته الانتخابية، بشكل بارد إلى سلبي، عن العلاقات مع المغرب. والحقيقة أن تبون لم يكن يتحدث إلى الشعب الجزائري، بل إلى المؤسسة العسكرية التي تستمد قوتها من عقيدة مشكلة من عناصر مركبة، تبدأ من حرب التحرير الشعبية، وتنتهي بمعاداة المغرب، والتي يقع تسويغها وتسويقها للشعب الجزائري وللعالم على أنها تدخل في إطار هوية الجزائر، باعتبارها إحدى قلاع حركة التحرر في العالم.