بدأت هذه الأطماع لما عمد الاتحاد السوفياتي السابق إلى تقديم مشروع قانون إلى الأممالمتحدة سنة 1960 يدعوها إلى الاعتراف بالوضع الاستعماري من طرف إسبانيا لكل من جزر الكناري والصحراء المغربية والمطالبة بتقرير المصير بهما. وفي سنة 1966 فكرت إسبانيا في حيلة لإبقاء نفوذها على الصحراء المغربية فأوعزت إلى بعض عملائها في الأممالمتحدة فكرة تنظيم استفتاء في الصحراء تحت مراقبة الأممالمتحدة. وقد قبل الملك الحسن الثاني رحمه الله هذا الاقتراح حرصا منه على سمعة المغرب، ولكي لا يقال أن المغرب دولة مستعمرة وأنها تريد الاستيلاء على جيرانها .. وأيضا فقد علم الملك الراحل علم اليقين بأن سكان العيون أو الداخلة هم مغاربة مثل سكان طنجة أو الدارالبيضاء، وإذا ما سئلوا وكانت لهم حرية تامة في إبداء نظرهم هل يريدون الرجوع إلى حظيرة الوطن أو إبقائهم تحت النير الاستعماري الغاشم؟؟ فهم لا ريب سيعربون عن رغبتهم الاجتماعية في الرجوع لأصلهم؛ لذلك قبل المغرب مبدأ الاستفتاء وربط قبوله بشروط؛ منها: جلاء القوات الإسبانية سلفا عن الصحراء حتى لا يقع ضغط على المصوتين. ومنها: مراقبة أممية ومنها: السماح للمغرب أن يبين للشعب الحقيقة ومنها: عدم التلميح إلى استقلال الصحراء لأن الصحراء جزء من المغرب. وهنا لا بد أن نسجل ملاحظة هامة تبرز تطفيف الدول الإمبريالية: إذا سمحنا للصحراويين بالاستقلال عن المغرب؛ فلماذا لا نسمح إذن للشعب الباسكي أو للشعب الكاطلاني بالاستقلال عن إسبانيا؟ لاسيما وقد فاز الانفصاليون في إقليمكاطالونيا الإسباني، بأغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، وهو ما جعل الحكومة تذوق مرارة تهديد وحدتها الترابية؛ ومع فوز الحزب الانفصالي؛ تؤكد الحكومة تمسكها بالدستور الذي لا يسمح لأي منطقة بالانفصال ..! لقد كان الموقف الإسباني مدفوعا بالطمع في الخيرات الصحراوية ومؤطرا بمشروع الاتحاد السوفياتي الذي كان يبحث -في سياق الحرب الباردة- عن إقامة قواعد عسكرية في المنطقة الأطلنتية. وهكذا؛ وتحت ضغط الاتحاد السوفياتي، اعترفت الأممالمتحدة في عام 1968 بذلك المشروع وبالحركة الانفصالية الكنارية "الحركة من أجل تقرير مصير استقلال أرخبيل الكناري" بزعامة (أنطونيو كبيللو)، الذي كان يعيش آنذاك بالجزائر. وفي عام 1986 أكد الزعيم الليبي الهالك معمر القذافي في تصريح له في إحدى الصحف العربية بقوله: "لابد من القول إنه على "البوليساريو" والحزب القومي الكناري تشكيل حزب سياسي مندمج لإقامة دولة واحدة في جزر الكناري والصحراء". وقد بلغ اهتمام الدول الغربية بالصحراء المغربية إلى درجة تأسيس فرنسا لوزارة خاصة بالصحراء .. كما أن وزارة الخارجية الأمريكية أحدثت إدارة للصحراء عهدت بها إلى المستر دومان؛ وفي هذا الصدد يقول الأستاذ عبد الهادي بوطالب: "تأسيس وزارة لها بفرنسا وإدارة لها بواشنطن؛ يعني أن أمر الصحراء أصبح جدا، وأن الخبراء قد اعتكفوا هنا وهناك على دراسة استغلالها لفائدة الدولتين، وأن سياسة محددة للصحراء قد وقع رسمها، ليمضي على نهجها الوزير الفرنسي والمدير الأمريكي"اه. وزاد من تعقيد الوضع دخول الجزائر على خط النزاع إلى جانب المعسكر الشرقي؛ حيث عملت أجهزتها الأمنية على تكريس الأزمة السياسية المصطنعة في الصحراء، وذلك من خلال قيامها بترسيخ وتأطير الجمهورية الوهمية بأوهام الوطنية والعروبة، باسم الحرية والاشتراكية. ولا شك أن الموقف الجزائري موقف هي فيه موكلة بشكل خفي من الإمبريالية، التي تحرص على الحفاظ على هيمنتها على كثير من مستعمراتها قديما من خلال أنظمة عسكرية استبدادية ..