إذا كانت القوانين و الدساتير تنظم حياة المجتمع و تحفظ حقوقه و واجباته فالأمثال الشعبية هي بمثابة الضابط المجتمعي المتبلور من عادات وتقاليد مجتمع ما. تلعب الأمثال دورا محوريا في تأطير وعي الناس و تضع لهم الضوابط والشروط التي تجعل من الفرد مقبولا أو مرفوضا من الجماعة و هذا ما يسمى في علم الاجتماع بديناميكية الجماعات. وعليه وكأي ثقافة جذورها ضاربة في التاريخ، تعرف الثقافة المغربية تعدد و تنوع لا حصر له من الأمثال أو “القوافي” الشعبية التي تحكي الكثير عن نمط عيش و تفكير المجتمع المغربي و نخص بالذكر هنا الأمثال التي تركز على المرأة أي النصف الثاني من المجتمع. I. المرأة و المشاكل يقول المثل المغربي ” لِمَعَندُو هَم،ْ توَلْدُو لِيهْ مَرْتُو” أي فيما معناه أن المرأة سبب الكثير من المشاكل التي على الرجل أن يواجهها، وهناك من ذهب أبعد من ذلك حيث يتهم المرأة أنها سبب شقاء البشرية بنزول آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض نتيجة عصيان أوامر ربه والقصة المشهورة حول الشجرة، علما أن القرآن الكريم واضح و صريح: “فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه” الآية 36 من سورة البقرة، إن استعمال ضمير المثنى في الآية يدحض كل المزاعم الواهية بأن حواء هي المتهم رقم واحد في المعصية بل هما معا. II. المرأة و الجنس مِن بين الأمثال الأكثر جدلا هو القائل ” المَرَة بِلا أولاد كِالخيمة بِلا أوتاد” بمعنى أن المرأة العاقر منبوذة و غير مرغوب فيها من المجتمع. نلفت نظر القارئ إلى التشبيهات و الرموز المستعملة كَ “الخيمة” إذ ترمز إلى البيت الأول و القديم عند العرب و الأمازيغ بالمغرب و لازال بعض الرحل يسكنون الخيام، و أما التشبيه الثاني “الأوتاد” هم الدعامات التي تجعل الخيمة تصمد أمام العواصف الرملية أو المطرية و كذلك الأولاد هم بمثابة الدرع الواقي من نتائج المشاكل الأسرية و التي قد تعصف بالمرأة خارج مؤسسة الزواج. وجدير بالذكر في هذا المقام أنه جاء في تعاليم التلمود اليهودية التي عرفت تواجدها بالمغرب قبل الإسلام أن المؤمن اليهودي الحق هو الذي يبتعد عن المرأة العاقر و عليه نخلص أن الإنجاب هو الدور الأساس للمرأة و بعد ذلك تأتي الوظائف الأخرى، و لكن مع غياب الدور الأول أي الخصوبة تهمش المرأة و تترك لقدرها البائس. III. المرأة و الثقة يُرمز للمرأة بالمحتالة التي لا تستحق أن يثق فيها الرجل لأنها ماكرة.فقد جاء في ديوان عبد الرحمان المجذوب، الصوفي و الشاعر الزجلي: سوق النسا سوق مطيار ٭٭٭ يا الداخل رد بالك يوريو لك من الربح قنطار ٭٭٭ ويديو لك راس مالك أبيات زجلية يظهر فيها الشاعر أن النساء لا يستحقون الثقة بل هم أهل لأخذ الحيطة و الحذر منهم. جاء أيضا في الأقوال الشعبية ” كيد النسا” و التي ترمز إلى نفس فكرة أشعار المجذوب المذكور سالفا، إلا أن هذه المقولة يرجع مصدرها إلى القرآن الكريم و لا مناص أن نذكر القارئ أن هذه المقولة تنم على جهل و سوء فهم و تبخس لما جاء في أعظم كتاب عرفته البسيطة. جاء في سورة يوسف الآية 29: ” إن كيدكن عظيم” وهي كلمة لم يقلها الله عز و جل بل قالها عزيز مصر لزوجته زليخة عندما علم بخطتها مع نساء عِلية القوم ليوقعوا يوسف عليه السلام في الخطيئة. إذن، نفهم أن مستعملي “كيد النسا” لا يفرق بين ما جاء كسرد لقصة في القرآن و بين أحكام الدين التي سنها الله تعالى. تُصبِغ الثقافة المغربية على الكثير من الأمثال صِبغَة دينية سماوية لتجعلها أقرب إلى التصديق و القبول من طرف العامة إلا أنها بعيدة كل البعد عن شرع الله و حاشاه تعالى أن يفرق بين خلقه بهذه الطريقة فالنساء شقائق الرجال هم طبعا مختلفون عن بعضهم البعض لكنه اختلاف تكامل لا اختلاف تفاضل.