قال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، إنه يجب محاسبة المسؤولين عن وفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي أمام القانون وعلى جريمة التعذيب التي عاناها داخل المعتقل. وفال المرزوقي خلال مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول التركية، إن مرسي “لم يتوف جراء أسباب طبيعية، وإنما قتل ببطء، عبر منع الدواء والزيارات، وإن وفاته ستؤجج مشاعر الإحباط والغضب” . ولفت المرزوقي إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أظهر بموقفه من وفاة مرسي “كيف يجب أن يكون رئيس الدولة” . وقال إن نظام السيسي سيدفع يوما “ثمن ما يحدث بمصر”، مؤكدا أنه “في الديكتاتوريات كل شيء على ما يرام حتى آخر 15 دقيقة، وموجات الربيع العربي ستتواصل، ومن الوارد جدا أن تحدث بمصر موجة جديدة، لأن الضغط على الشعب المصري زاد وسينفجر البركان يوما ما”. ولفت المرزوقي إلى أن “إسرائيل وبعض القوى الغربية لا تريد تطور البلدان العربية، ومرسي كان شخصا منفتحا جدًا فكريًا وطريقة وفاته هزتني وآلمتني كثيرا”. وقال إن محاولات إظهار مرسي “كشخص يرغب بوضع القوة والسلطة بيده تمامًا كاذبة” . وحول تقرير الأممالمتحدة الخاص بجريمة مقتل خاشقجي قال المرزوقي: “أهنئ الأممالمتحدة على تقريرها الجديد عن مقتل خاشقجي الذي قتل بشكل وحشي”. وفاة هزتني وآلمتني المرزوقي الذي بكى بحرقة على مرسي قبل أيام في مقابلة متلفزة، أوضح للأناضول أنه شخصيا سجن (عام 1994 في عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي) لبضعة شهور، لذلك فهو يدرك جيدًا أن “السجن يعتبر ألما كبيرا”. وأكمل: “مرسي سجن لعدة سنوات ومنع عنه رؤية أسرته ومحاميه”. وفي 5 مايو الماضي، قالت أسرة مرسي، في بيان إنه كان “ممنوعا تماما وكليا من لقاء أي شخص، وهو في اعتقال انفرادي تعسّفي، وحصار تام وعزلة كاملة ولم يتمكن من لقاء أسرته وفريق دفاعه سوى 3 مرات (عامي 2013 و2017) طيلة السنوات الست”. وأضاف المرزوقي: “علاوة على ذلك فإن مرسي كان مسجونا ومهددا بعقوبة الموت، ففكروا بوضعه، بالنسبة لي يعتبر هذا بمثابة تعذيب”. ولفت إلى أن “مرسي كان يعاني مرض السكري ومضطر لأخذ الأنسولين، وأنه حرم من أخذه وتناول الطعام بشكل منتظم”، وتابع: “كانت هناك رغبة بتدمير جسد ونفسية مرسي”. وكان بيان أسرة مرسي قد أكد أيضا أنه “تحدث عن تعرُّض حياته للخطر ولإغماءات دون رعاية صحية أكثر من مرّة، خلال جلسات المحاكمة الباطلة، وأبرزها في جلسات غشت 2015، و أبريل 2017، ونونبر 2017، ونونبر 2018”. وخلص الرئيس التونسي السابق، إلى أن محمد مرسي “لم يتوف جراء أسباب طبيعية، وإنما قُتل ببطء”. وأرجع ذلك إلى وجود رغبة في قتله نفسيًا وجسديًا، خاصة أنه (أي مرسي) نجح في الصمود ست سنوات إثر الإطاحة به. وأثيرت شكوك واتهامات كثيرة في ملابسات وفاة مرسي من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وسياسيين، وبرلمانيين، وجهات حقوقية، ومفوضية حقوق الإنسان الأممية؛ حيث اعتبروها “قتلا متعمدا” بسبب الإهمال الطبي، وطالبوا بتحقيق دولي في الأمر. لكن القاهرة رفضت هذه الاتهامات، وقالت في بيان للخارجية، إنها “لا تستند إلى أي دليل”، و”قائمة على أكاذيب ودوافع سياسية”. أمل الديمقراطية المرزوقي رأى أنه “من خلال وفاة مرسي تم تدمير أمل الديمقراطية في مصر والربيع العربي”، موضحا أن الرئيس الراحل “كان يرغب جدًا في رؤية الديمقراطية (في مصر والعالم العربي)”. وأشار إلى أن مرسي كان في نظره يمثل “انتصارا للديمقراطية، وأملا كبيرا لمصر”، وزاد: “أنا ومرسي أصبحنا رؤساء برغبة الشعب ولم نرتبط بالأجانب”. واسترجع الرئيس التونسي السابق لقاءاته مع مرسي في عدد من القمم المنعقدة بالأممالمتحدة وخلال زيارة رسمية أجراها إلى مصر عام 2013، وقال إن الرجل “كان منفتحا جدًا فكريًا”. وأكمل: “محاولات إظهاره كشخص يرغب بوضع القوة والسلطة بيده تمامًا كاذبة، مرسي كان شخصا متواضعا للغاية لذلك تألمت كثيرًا بسبب وفاته”. واعتبر المرزوقي أن “وفاة مرسي هي موت الأمل لظهور قادة (لمنصب الرئاسة) لم يأتوا بالتدخل العسكري، ولكن بإرادة الناس وتلقوا دعم الشعب وليس دعم الأجانب”، غير أنه عبر في الوقت نفسه عن تفاؤله بالمستقبل. بعث جديد للربيع العربي المرزوقي، استشرف مستقبل الأوضاع بمصر والعالم العربي عقب رحيل مرسي، قائلا إن المشاكل الاقتصادية والفساد زادا في مصر بعد الإطاحة به عام 2013، إضافة إلى تقييد الحريات وفقدان البلاد لاستقلالها الوطني. ورأى أن طريقة وفاة مرسي ستؤجج مشاعر الإحباط والغضب، في مصر والبلدان العربية. وشدد على أن نظام عبد الفتاح السيسي “يومًا ما سيدفع ثمن ذلك”. وقال: “تذكروا جيدا ما يحدث في الجزائر والسودان”، في إشارة للغضب الشعبي الذي أجبر في أبريل/ نيسان الماضي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة ودفع الجيش للإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير. وحذر نظام السيسي من خطورة ما يفعله قائلا: “يجب أن نضع في اعتبارنا المقولة الشهيرة: “في الديكتاتورية كل شيء على ما يرام حتى آخر 15 دقيقة”. وأوضح أنه “يمكن للسيسي أن يعطي الانطباع بأن كل شيء يسير على ما يرام ولكن كل شيء قد ينهار في لحظة”. وفي سياق متصل، لفت المرزوقي إلى أن العالم العربي مر بمرحلة تغيير، وأن النسل الشاب الجديد يرفض الفساد وتقييد الحريات. وشدد على أن إسرائيل وبعض القوى الغربية لا تريد تطور البلدان العربية، غير أن “الربيع العربي لم ينته، والموجة الثانية شهدتها الجزائر والسودان هذا العام، والموجة الثالثة وارد جدا أن تحدث في مصر”. ورأى المرزوقي أن موجات الربيع العربي ستتواصل حتى تأسيس أنظمة ديمقراطية جديدة بدل الأنظمة السياسية القديمة في البلدان العربية. وأوضح أن الاستقرار في تلك البلدان سيتحقق مع قدوم قادة جدد ينصتون للشعب ويقفون إلى جانب الديمقراطية والاستقلال الوطني، لافتًا إلى أنه عمل بقوة من أجل ذلك. موقفان جيدان للرئيس أردوغان والأممالمتحدة المرزوقي، ذكر أن الشعوب العربية أعربت عن حزنها إزاء وفاة مرسي، مبينًا أن تركيا وتونس وقطر التي أظهرت رد فعل قويا حيال وفاة مرسي تعتبر دولا أظهرت إرادة مستقلة وطنية. وبالتوازي مع التحرك العربي غير الرسمي بصلوات الغائب والبيانات السياسية المنددة بالوفاة وسرادقات العزاء، قالت أسرة مرسي في بيان إنها منعت من إقامة عزاء واستقبال معزين بمنزلها غرب العاصمة. وهنأ المرزوقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موقفه “المشرف” من وفاة مرسي، قائلا: “أردوغان أظهر كيف يجب أن يكون رئيس الدولة”. وكان الرئيس أرودغان، أول من نعى مرسي عالميا، ووصفه بالشهيد، متمسكا بطلب العدالة لمرسي في كل المحافل الدولية، كما أنه شارك في صلاة الغائب على روح الرئيس المصري الأسبق. وفي المقابل، أشار الرئيس التونسي السابق إلى صمت الغرب بوجه عام على وفاة مرسي التي تثير الشبهات قائلا: “مواقف بعض البلدان الغربية اتسمت بالوقاحة، فبالنسبة لهم الديمقراطية وحقوق الإنسان مخصصه لهم وليس لغيرهم”. وأكد أن “هذه الدول فقدت مصداقيتها بسبب مواقفها من المملكة العربية السعودية والسيسي اللذين ينتهكان حقوق الإنسان بشكل كبير”. واستطرد: “لا حق لهذه الدول بالتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ إنها تتحرك بمنطق بيع السلاح ودعم الديكتاتوريين الذين يخدمون مصالحهم بدلا من الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان”. جريمة قتل خاشقجي تطرق المرزوفي في مقابلته مع الأناضول إلى تقرير الأممالمتحدة الأخير حول جريمة مقتل خاشقجي، قائلا إن “قتل خاشقجي بشكل وحشي يعتبر وضعا خطرا للغاية”. وأضاف: “لا ينبغي أن تبقى هذه الجريمة دون عقاب، لأن بقاء الجرائم دون عقاب يشجع الآخرين على ارتكاب أخرى، لذلك أهنئ الأممالمتحدة على موقفها هذا”. والأربعاء، نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، تقريرا من 101 صفحة، عن جريمة مقتل خاشقجي عمدا، مؤكدة وجود “أدلة موثوقة” تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان. في المقابل، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، إن بلاده ترفض أي محاولات للمساس بقيادتها في قضية مقتل خاشقجي، أو تداول القضية خارج قضاء المملكة. 1. المنصف المرزوقي 2. جمال خاشقجي 3. محمد مرسي 4. وفاة مرسي