لماذا تتجاهل الحكومات المتعاقبة تسوية ملف "أساتذة الزنزانة 10″؟ عواد يوضح ل"رسالة 24"    المملكة تترافع بفعالية من أجل ذكاء اصطناعي أخلاقي يحترم حقوق الإنسان ويخدم الصالح العام (أخنوش)    المديرية العامة للضرائب.. إحداث خدمة الإيداع الإلكتروني لطلبات الإبراء لفائدة المنخرطين في منصة SIMPL-Réclamation    وكالة بيت مال القدس الشريف تدعم حضور شركات فلسطينية ناشئة في معرض 'جيتكس إفريقيا 2025'    تصنيف كرة المضرب.. ألكاراس يخطف الوصافة وتسيتسيباس خارج العشرة الاوائل    وفاة أستاذة أرفود تسائل منظومة القيم بمؤسسات التربية والتكوين    محاميد الغزلان.. إسدال الستار على الدورة ال 20 لمهرجان الرحل    "تم بتر إحدى رجليه"..رشيد الوالي يكشف عن الوضع الحرج للفنان محسن جمال    توتر جديد بين باريس والجزائر.. طرد 12 موظفا فرنسيا وتهديد بالرد    طلبة مكناس يستنكرون غلق الكليات منعا لنشاط تضامني مع فلسطين ويتشبثون بتنظيمه بعد "العطلة القسرية"    الفارس عبد السلام بناني يفوز بالجائزة الكبرى في مباراة القفز على الحواجز بتطوان    في ظرف ثلاثة أيام.. حقينة سدود كير-زيز-غريس تنتعش    تفكيك عصابة سرقة المجوهرات بطنجة    مراكش: السغروشني تلتقي بحاملي المشاريع المنتقاة في إطار مبادرة "موروكو 200"    رسوم ترمب الجمركية تُفاقم الضغط على عملات الأسواق الناشئة    الأدب العالمي في حداد .. ماريو فارجاس يوسا يرحل عن 89 عامًا    وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا عن عمر 89 عامًا    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    بين الآلام والآمال .. برشلونة يستعد لمعركة الإياب ضد دورتموند    هذا موعد كلاسيكو الليغا بين البارصا والريال    نجل أنشيلوتي يكشف سبب تصرف مبابي ويستنكر ما حدث مع أسينسيو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    بورصة الدار البيضاء تبدأ الأسبوع بمكاسب    جريمة قتل بشعة تهز حي امغوغة الصغيرة بطنجة    وفاة أستاذة أرفود.. بووانو يستنكر الاعتداء على نساء ورجال التعليم    جبهة دعم فلسطين تواصل الاحتجاج ضد التطبيع وتدعو لمسيرتين شعبيتين ضد رسو "سفن الإبادة" بالمغرب    حينما خان المدرج الطائرة .. قصة الهبوط الذي انتهى عند سياج مطار فا    أخنوش: المغرب يترافع من أجل ذكاء اصطناعي يحترم حقوق الإنسان ويخدم الصالح العام    الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان تطالب بالتحقيق في تصريحات يوتوبر تهدد الأمن العام    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    محاولة اختطاف معارض جزائري على الأراضي الفرنسية.. الجزائر تتورط في إرهاب دولة    أين يقف المغرب في خريطة الجرائم المالية العابرة للحدود؟    طقس الإثنين.. أمطار ورياح قوية بعدد من المناطق المغربية    كيوسك الإثنين | الصين تعزز استثماراتها بالمغرب عبر مصنع ل "الكابلات" الفولاذية    من الغُرنوق إلى النسر الذهبي.. طيور مهددة بالانقراض تعود إلى موائلها بالمغرب    الجامعة الوطنية للتكوين المهني تدعو لوقفات احتجاجية رفضا لتصاعد العنف ضد الأساتذة    ردا على اعتقال موظف قنصلي.. الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا    إحداث مراكز الدراسات في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة بسلك الدكتوراه    لي تشانغلين، سفير الصين في المغرب: لنكافح الترويع الاقتصادي، وندافع معًا عن النظام الاقتصادي العالمي    بسبب فقدانه للمصداقية.. جيش الاحتلال الصهيوني يتعرض لأزمة تجنيد غير مسبوقة    المنتخب المغربي يفوز بالدوري الدولي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم    36 قتيلا في قصف أمريكي على صنعاء    جايسون إف. إسحاقسون: إدارة ترامب حريصة على حسم ملف الصحراء لصالح المغرب تخليدًا لعلاقات تاريخية متجذرة    بالصور.. مؤسسة جورج أكاديمي بسيدي بوزيد تنظم سباقا على الطريق بمشاركة التلاميذ والآباء والأمهات والأساتذة..    أمن طنجة يوقف شخصًا اعتدى على متشرد.. والمواطنون يطالبون بعدم الإفراج عنه رغم شهادة اضطراب عقلي    طنجة تستعد ل"كان 2025″.. انطلاق أشغال توسعة الطرق المؤدية إلى الملعب الكبير    في قبضة القصيدة الأولى: ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لشهب يكتب: لماذا تفسد مجتمعات المسلمين؟ (الحلقة 4) طيلة شهر رمضان
نشر في العمق المغربي يوم 11 - 05 - 2019

هذه حلقات وسمتها ب "النظرية الأخلاقية في الإسلام"، جوابا عن سؤال: لماذا تفسد مجتمعات المسلمين؟. أضعها بين يدي القارئ الكريم سلسلة منجمة في هذا الشهر الفضيل، لعلها تسهم ولو بقدر يسير في إعادة إحياء السؤال، في زمن أصبح فيه سؤال الأخلاق ملحا أكثر من أي وقت مضى. فالناظر العارف المطلع يفهم أن باب السؤال، سؤال الأخلاق هو من الأسئلة المتسعة والتي تم تصنيفها منذ الفلسفة الأولى كباب من الأبواب الكبرى التي تهم الفلسفة. وعليه فباب الأخلاق وسؤال الحسن والقبيح والخير والشر وغيرهما من الثنائيات لم يخل مجتمع من المجتمعات المعرفية من الاهتمام بها والكتابة عنها وفيها. وربما كان هذا هو السبب في جعلي في هذه الحلقات لا أولي اهتماما كبيرا للجانب النظري والمناقشات النظرية، التي هي على كل حال مدونة مشهورة يعلمها العالمون. فقد ركزت بالأساس على ما يظهر من أخلاق المسلمين وبما يضمر اعتمادا في تفسير ذلك على خطاب الدين والمعرفة العامة.
الحلقة الرابعة
..لقد قمت بتتبع آي القرآن؛ أحاول أفهم كيف يتحرك سؤال العمل ودعوة الأخلاق في دستور المسلمين الأعلى، وقد حاولت أن أعيد القراءة هذه المرة ومعي قلمي الذي أسجل فيه الألفاظ التي أراها مركزية داخل هذا الخطاب، والخلاصة التي خرجت بها، هي أن مفهوم الإيمان الذي أشرت إلى التباس معناه من قبل يبقى اللفظ المركزي والذي تحوم عليه كل المفاهيم في علاقات تأثير وتأثر، فالمؤمن بنص القرآن هو الإنسان الخير القادر على صناعة الأنموذج العملي والأخلاقي كما يبشر به الإسلام.
في نصوص الخبر التي غالبا ما يتم الالتجاء إليها والاحتماء بها من تيه الغموض، وحرب التأويل المستنزفة في مواجهة النص القرآني، نلفي أن الإيمان يبقى ملتبسا أيضا ولو بدرجة أقل، فأخبار الإيمان في أشهر النصوص لا تتفق على معنى واحد، فقد تأتي بنفي الإيمان عن المسلم حتى يفعل كذا وكذا أو يتجنب كذا وكذا من القبائح؛ وأشهر هذه الصيغ قوله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه..وحتى يكون هواه تبعا لما جئت به..وحتى يأمن جاره بوائقه” وأخرى تتحدث عن الإيمان باعتباره مراتب أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق” أو بعض مما يبين صفات المؤمن الحق؛ مثل حب الخير وحب النبي وحب الأنصار، وكثير من أعمال البر التي يكون الغرض منها إثارة قرائح المسلمين، بتفضيل عمل من الأعمال يكون داع للخير وإحساس بلذة الإيمان.
لكن أشهر النصوص في هذا الباب، هي تلك التي تتحدث عن الإيمان باعتباره ركنا من الأركان؛ وعلى هذا سار وأسس غالب المسلمين قديما وحديثا نظرهم؛ يتقيد بغيبيات قد تكون على سبيل الحصر والقصر وقد لا تكون كذاك؛ ليس هذا موضوعها الآن؛ فالمهم أنها استطاعت أن تحصر باب الإيمان في مسائل لا يصح مسمى الإيمان داخل دين الإسلام بإنكار وجودها، وهي كما وردت في الحديث مرتبة؛ أعلاها الإيمان بالله وأدناها الإيمان بالقدر، وقد يجتهد بعض أئمة الدين مثل الإمام الغزالي في الجعل منها ما يرتقي لمنزلة الأصل الموجب للكفر، ومنها ما لا يرتقي لذلك. والظاهر أن حصر هذه الغيبيات كان الغرض منه إعلاء لما ذكر دون نفي الباقي، والتأصيل للإيمان ارتباطا بالغيب. فالإيمان كما سنرى في ما يتقدم يبقى لب الدين وأصله عليه تبنى باقي الفروع من الأعمال، ولا غرابة أن يتم ذكر الإيمان مقرونا بصالح الأعمال أو شاهدا عليه أو ثمرة من تمراته.
من المفاهيم المحورية أيضا هناك مفهوم الإسلام، والذي يبقى أقل التباسا مادام أنه يٌعنى بالظاهر في شق كبير منه، ولأنه يرتبط بأمور تتأسس عليها الدولة والهُوية، بدلا من الإيمان الذي يُعنى بالفرد. قد يأتي الإسلام كما هو ظاهر من لغته إذعانا وانقيادا ولا يبتعد عن هذا المعنى اللغوي، وما التفريعات التي قدمت له والاختلافات داخل النص القرآني كما فهمها كثيرون، إلا ابتعاد عن المعنى الأصلي للإسلام الذي هو الانقياد والاستسلام. وسبب هذا اللبس هو عدم التفريق بين حقيقة الإسلام الدين الظاهر، والذي هو نتاج وثمرة ظاهرة للإيمان، أي تحقق الفرد والدولة بميزان الله، وحقيقة الإسلام الذي يعني فقط الانقياد للدولة والخضوع لها ظاهرا بصرف النظر عن وجود حقيقة الإيمان.
فحتى في حديث الأركان، أركان الإسلام نلفي أن ما ذكر فيه إنما هي أمور يمكن تحقيقها والتحقق منها ظاهرا؛ مثل الشاهدتين والصلاة والصيام والزكاة والحج، وهو ما يصح أن نطلق عليه ظاهر العبادات، فالداخل للإسلام يفترض فيه أن يعلم الناس نطقه للشهادة، وحضور الصلاة، وصيام الشهر؛ حتى تنظر إليه الدولة فردا منها بهوية إسلامية، فيما يخص المعاملات، والزكاة، والجهاد، مما يكون فريضة على المسلمين أو يتأسس على فقه الأكثرية. وهو ما يفسر كيف أن الإسلام بصريح نصه القرآني لم تكن له مشكلة مع قول الأعراب أسلمنا، ولكنه اعترض على قولهم آمنا مادام أن الإيمان مرتبط بالقلب وأن الإسلام يُعلم بالاستسلام وكف الأذى عن المسلمين.
بين هذين المفهومين تدور رحى الإسلام؛ مولدة جملة من المفاهيم مثل التقوى، والتوكل، والهداية، والبر، والولاية، والرضا،…وغيرهم كثير مما يؤثث النص القرآني، والذي يروم بالأساس صناعة الإنسان المسلم المؤمن المحسن، القادر على تقديم النموذج الأرضي في علاقة بالغيب.
الناظر في كل هذه الترسانة من المفاهيم الخيرة يحق له من جديد أن يتساءل كيف أمكن لمجتمع المسلمين أن يكون فاسدا، وبهذه الدرجة التي نرى أنه في كثير من الأحيان يكون المسلم في شكله الفردي قادرا على تصدير أسقام حملها من بلاده الإسلامية إلى بلاد قطعت أشواطا من التمدن والتحضر، بل لماذا يصر المسلم على أن يحمل معه عقائده الدينية لا يبدلها ولا يحيد عنها بل يزداد يقينا فيها رغم التضييق الذي قد يطاله من البلد المضيف، لكنه يبقى عاجزا عن تمثل خطاب الإسلام الذي تتمركز الأخلاق والدعوة للفضيلة في كثير من نصوصه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.