أن لا يكون لك قدرة على الغضب، أو رغبة فيه يعني أنك غادرت شبابك لا غير، أن تشعر بالبرود و الامبالاة تجاه ما يحدث في وطنك دليل اللاحياة و اللا ضمير عندك. في وطني لا زالت سياسة التدجين و الإلهاء و القمع سمفونية عنيفة تواجه المواطن كل يوم عبر قرارات فوقية لا تشاركية يكون ضحيتها مواطن ذنبه الوحيد أنه أحب تراب وراية هذا الوطن. في وطني شعارات الحرية وهم وخدعة مسيسة ، و أي حديث عن حقوق الإنسان في واقع متوتر لعبة وسيكزوفرينية متناقضة. في وطني دماء الأطر تكفير عن خطأ جسيم وهو الإنتماء لهذه البقعة من العالم المتخلف. في وطني تسلب منك الأحلام رويدا رويدا ، تشنق فيك الكلمات و تخنق ، إنهم يسرقون منك حق العيش و حق الكرامة و حق أن تكون كامل الإنسانية ، ليحولك إلى كائن ميتافيزيقي يناقش المدينة الفاضلة و يتطلع للمثل العليا وهو عاري القدمين ، عليل الصحة ، ضعيف التكوين ، مريض بحب التغيير. في وطني يسرقون أموالك ويستحوذون على حقك من الثروات ، يجهلونك بسياسات تعليمية مسروقة ومنقولة من الدول الأخرى ، يحاربونك كل يوم بإعلام غبي وفارغ وبرغماتي ، يبيعون هوائك و أرضك لشركات مخوصصة ثلوث و تخرب ما بقي من جمال بيئتك. في وطني لن ينفعك التعرف على التماسيح و العفاريت وحتى الدلافين ، فمن لا يملك الأساسيات من العيش الكريم ، كيف سيفكر أن يحتج أو ينتفض أو يتتبع ما يفعلونه الأشرار بوطنه. في وطني لن ينفعك تعليق أحلامك بحكومة ملتحية منقبة كانت أم سافرة ، فالحق يأخذ و ينتزع ولا يقدم على طبق من ذهب . في وطني يريدون منك أن يكون أقصى حلمك " جواز سفر " لتطلق بالثلاث أرض عشت الأيام فيها بحلوها ومرها. في وطني يرغبون أن نصبح مرضي نفسيين و مختلين عقليين لأننا حلمنا يوما ما ، أن نغير كل من موقعه ، ستتعذب صديقي المواطن لأن ضميرك حي و قلبك ينبض لتراب هذا الوطن. في وطني يريدونك أن تنسحب، وتموت بصمت، وتحتج " في خاطرك "، وتناقش وتصرخ في عوالم افتراضية صنعوها ليراقبوا تحركاتك ومسار أفكارك. لا تجعلهم يقتلون مساحات الأمل داخلك ، لا تسمح لهم عزيزي المواطن أن يحولوا حياتك لكأبة وحزن عميق ، غير ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، انتفض مهما كسروا عظامك ، فنحن نمتلك إيمان قوي بأن الصراع بين الحق و الباطل ، وبين الظلم و العدالة أبدي إلى أن تزول الأرض ومن عليها . فالمؤمن القوي خير من الضعيف ، قوي بإيمانه بأن ربه عادل ومنتقم وجابر للكسر و الضعف ، المؤمن قوي بنفسيته فهو لن يجعل من الحبوب المهلوسة و الإبر المسمومة طريقه للهروب من واقع مرير. المؤمن لا يعنف ، لا يرتكب جرائم في حقه وطنه ، فلهذه الأرض حقوق وواجبات علينا أن نوفيها ، فلنستمر في إعمال العقل وتفكيك الواقع والترفع عن النقاشات الفوقية البعيدة عن ما نحتاجه. من واجبنا أن نقطع مع عادة تقديم التبريرات المغلوطة و الغير المنطقية ، وأن نكون صرحاء فلا نخدع بعضنا البعض باسم الدين أو السياسة. كان الله في عونك يا وطني ، لك منا كل المحبة و الدعاء و الأمل في غد أفضل.