"أغلبية أخنوش" تصادق على مشروع القانون التنظيمي المتعلق الإضراب بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب    حرب التصريحات بين بنكيران ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حول العلمانية في المغرب    كوريا: الرئيس يون يلغي تطبيق الأحكام العرفية بعد تصويت البرلمان    كأس ألمانيا: ليفركوزن يتأهل لربع النهاية على حساب بايرن ميونيخ    أجواء باردة في توقعات طقس الأربعاء    ولاية أمن طنجة توقف شخصًا اعتدى على سيدة في الشارع العام    وزارة الصحة تنفي الشائعات والمعلومات المغلوطة حول الحملة الاستدراكية للتلقيح    شركة ''أطلس للأشغال'' تفوز بصفقة تهيئة شارع جبران خليل جبران بالجديدة    ليلة تكريم الراحلة نعيمة المشرقي .. لمسة وفاء لفنانة إنسانية متألقة    تقرير مفصل لنشاط جمعية القدس للتنمية والتضامن بشراكة مع ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش    جدل "العلمانية".. ابن كيران يرد على التوفيق: أنا لم أرد عليك ولكن قصدت سَيِّئي النَّوايا المتربِّصين بالبلد وبمرجعيته وبثوابته    الرئيس الفرنسي يشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه    وزارة الصحة والحماية الاجتماعية توضح بخصوص الحملة الاستدراكية للتلقيح        شهادات مؤثرة.. دموع ومشاعر في ليلة تكريم الراحلة نعيمة المشرقي (فيديو)    مكتسب اجتماعي جديد.. الحكومة تقبل منح العمال المنزليين حقّ الإضراب    البواري: تصدير المياه مجرد "كليشيهات"    أسرة الفن المغربي تودع مصطفى الزعري    "الصحة" تضمن سلامة جميع التلقيحات    رأي:إعادة انتخاب رئيس جماعة إمزورن بين ضعف أداء الفاعل السياسي ورزانة باشا المدينة    مخزون المياه في السدود الفلاحية بلغ 3.9 مليار متر مكعب، بنسبة ملء تصل إلى 28 في المائة    من أجل كسب الاحتكاك والخبرة … باييرن ميونيخ يعير آدم أزنو خلال الميركاتو المقبل … !        مواطنون ل"برلمان.كوم": الزعري قدّم الكثير للمسرح المغربي ورحيله خسارة للساحنة الفنية ببلادنا (فيديو)    كوريا الجنوبية على صفيح ساخن.. مظاهرات وأحكام عرفية وإغلاق مبنى البرلمان    مواطنون بالحسيمة يرفضون زيادة تسعيرة سيارات الأجرة الصغيرة ويدعون لاعتماد العداد    من هو عثمان البلوطي بارون الكوكايين المغربي الذي أثار الجدل بعد اعتقاله في دبي؟    «‬توأمة انفصالية» ‬الريف والصحراء:‬ الحديث عن الحرب بين المغرب والجزائر؟    تداولات الإغلاق في بورصة الدار البيضاء    انعقاد الاجتماع ال 22 للجنة العسكرية المختلطة المغربية-الفرنسية بالرباط    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض    الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار        "الاعتداء" على مسؤول روسي يعزز دعوات تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية    طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    أمريكا تقيد تصدير رقائق إلى الصين    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    ترامب يهدد الشرق الأوسط ب"الجحيم" إذا لم يٌطلق سراح الأسرى الإسرائليين قبل 20 يناير    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن تقريب مفهوم السوسيولوجيا مقال رأي
نشر في العمق المغربي يوم 21 - 03 - 2019

العالم، مجموعة من الأفراد، يزداد نموهم الديمغرافي مع مرور الوقت،ليشكل مجتمعا كبيرا، يتفاعل فيه الناس بين بعضهم البعض، ويختلفون باختلاف أجناسهم وأنواعهم وأعراقهم وانتماءاتهم الاجتماعية.
قد نتساءل، كيف يتفاعل هذا العالم ويعمل ويتحرك بشكل يومي ؟ لماذا نتصرف وفق سلوك معين في زمن ومكان محددين؟ لماذا نذهب إلى المدرسة ؟ ما الذي يجعل الناس يتواصلون ويتزوجون ويعملون …؟
كلها أسئلة نحاول من خلالها ملامسة مفهوم علم الاجتماع، الذي ارتبط ظهوره الأول مع الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت في القرن 19 م ، عندما حاول إيجاد منهجية علمية لدراسة السلوك البشري للمجتمع، وتشخيص واقعه، سعيا لحل مشاكله.
المجتمع هو مجموعة من الناس، يتشاركون في ثقافة معينة ومجال جغرافي محدد، هذه الثقافة متواجدة في كل مكان، تبدأ من أكبر الأسئلة في عالم السياسية وقد تنتهي إلى أصغر التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد.
أجل المجتمع كبير وصغير في الآن نفسه، كيف ذلك؟ تصور نفسك، تجلس وحيدا في غرفتك، تحمل هاتفك النقال، وتنهمك في لعب لعبتك المفضلة كرة القدم، إذن المجتمع غير مرئي أمامك، لكنه موجود، كل الأغراض الموجودة في الغرفة، التي لم تصنعها بنفسك، هي من صنيع المجتمع، حتى ذوقك في اختيار لعبتك، لم تكن وحيدا عندما عَرَّفَكَ أصدقاؤك على تلك اللعبة في حيك ومدرستك.
المجتمع بهذا المعني هو أكثر تعقيدا مما نظن، وقد يقودنا إلى أماكن لا نتوقعها أبدا، لذلك فهو عالم فسيح بشكل لا يصدق، بل قد يكون الأوسع بين العلوم الانسانية، التي تحاول التركيز على زوايا ورؤى مختلفة، إلا أن كلها تشترك في سعيها لفهم العالم الاجتماعي بطريقة موضوعية، من خلال رصد الملاحظات المتكررة للسلوكيات الاجتماعية.
يمكن القول بأن الأشياء التي تميز علم الاجتماع، وتجعله مختلفا عن باقي العلوم الانسانية الأخرى،هو بحثه عن الأنماط أو الخصائص أو الأحداث المتكررة في كل الأمكنة الممكنة، ودراسته لجميع جوانب المجتمع، وعلى جميع المستويات، انطلاقا من محادثة بين شخصين، وصولا إلى الاختلافات بين الدول.
غير أن الذي يميز علم الاجتماع، هو ما يعرف بمقاربته للمنظور الاجتماعي، الذي يقصد به، شيئين اثنين، الأول هو رؤية السلوك العام من خلال حالة خاصة، والثاني هو رصد الأمر الغريب فيما هو مألوف.
 رؤية السلوك العام من خلال حالة خاصة
إن رؤية السلوك العام من خلال حالة خاصة، هي وسيلة للقول بأن علم الاجتماع يحاول فهم السلوك المجتمعي من خلال وضعه في سياقه الاجتماعي الواسع.
فعالِم الاجتماع، يلاحظ في هوايتك لحب كرة القدم، أن اختيارك الفردي لها، قد يتأثر بواسطة مجموعة من العوامل الاجتماعية، من قبيل صفك، حيك، عرقك، جنسك، وعمرك… الخ.
لنأخذ مثالا آخر، عن قرار زواجك الشخصي الخاص، فقد يهتم فيه علم الاجتماع من زاوية ارتفاع أو انخفاض معدل الزواج في مجتمعك، وكذا عن الدوافع والأسباب، وعنالميولات إلى الزواج بين شركاء من نفس الطبقة أومن نفس العرق.
وفقكلتا الحالتين، يهتم علم الاجتماع، بهوايات الناس، وبمن يميلون إلى الزواج، بمعنى الاهتمام بنمط عام، يتكون من عدد ضخم من اختيارات شخصية معينة، حيث يشكل كل فرد جزء من نمط، وبالنظر إلى خياراتهم الفردية، يمكن لعلماء الاجتماع أن يرصدوا عناصر من نمط بأكمله.
 رؤية الغريب فيما هو مألوف
التعايش بين مكونات المجتمع يفرز سلوكيات معينة، تأخذ مع الوقت طابع الألفة والاعتياد، غير أن علم الاجتماع يصوب بوصلته، في اتجاه رصد الغريب فيما هو مألوف، وهو أمر ليس بالسهل، وبالتالي الاقتراب من المجتمع كما لو كنت تراه لأول مرة، كأنك من عالم آخر، في خطوة منهجية مهمة، تفترض وضع المسلمات جانبا، والتخلي والتجرد عن أحكام القيمة، للاقتراب من دراسة الظواهر الاجتماعية.
سنفترض أنك تبادر إلى أن تحبو في الشارع العام، وهو مثال يفسر لسلوك غريب في ظل محيط اجتماعي، يرى ذلك السلوك ضربا من ضروب الخروج على السلوكيات التي يتوافق عليها المجتمع، وتصبح كقاعدة للجميع، وهذا من الصعب القيام به لوحدك في مجتمع، يميل لأن يكون طبيعيا بالنسبة لك.
على هذا الأساس كلما انخرط الفرد في المجتمع كلما اكتسب فهما سليما له، وبالتالي فالعيش في المجتمع، يحتاج إلى الفهم السليم،
الذي يمكن من الانخراط في الانضباط لمجموعة من القواعد لسلوكيات المجتمع، فقد نحتاج للتعرف على أنه علينا مصافحة الناس عند التعرف عليهم، وأن الضوء الأحمر يجبرنا على التوقف، وأن علينا الالتزام بالمواعيد.
إذا كان علم الاجتماع يسعى إلى دراسة المجتمع، فإنه يجب أن يكون قادرا على اكتشاف خصائص الظواهر الاجتماعية، كأنها غريبة وغير مألوفة، من أجل فهم حقيقة كيفية عملها، وللكشف عن الأنماط السلوكية في ثقافة ما، بحثا عن معرفة الحقيقة.
إن الرؤية أو المنظور السوسيولوجي، في الخاص والغريب فيما هو غير مألوف، يساعد على فهم المشاكل، لكونه يوظف في رؤيته بعض المفاهيم الرئيسية في دراسة المجتمع، ومن بين هذه المفاهيم، هناك الموقع الاجتماعي، التهميش، السلطة وعدم المساواة.
إذا كنا نتصور بأن خريطة المجتمع، تتألف من فئات اجتماعية مختلفة ومتمايزة في علاقاتها ببعضها البعض، فالموقع الاجتماعي
الخاص بأي فرد في المجتمع، هو بمثابة موقعه على تلك الخريطة.
الموقع الاجتماعي على ضوء ذلك، هو وسيلة لتصنيف الفرد، على أساس العرق أو الطبقة الاجتماعية أو الجنس أو الدين، الخ، وبالتالي فمسألة فهم الموقع الاجتماعي جد مهمة، في المساعدة على فهم عميقلحياة الأشخاص والخيارات الخاصة بهم، التي تتأثر بموقعهم الاجتماعي.
فالموقع الاجتماعي، يفرز مجموعة من التمايزات على مستوى الدخل، والولوج للمعرفة، واحتلال المواقع داخل السلطة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تهميش فئات اجتماعية مقارنة بفئات أخرى.
هذا الأمر، يقودنا إلى حقيقة أخرى، أنه إذا كان التهميش هو مسألة كون الانسان خارج مراكز السلطة، فإن هناك العديد من الأنواع المختلفة للسلطة، والعديد من الأنواع المختلفة من عدم المساواة.
هناك، بطبيعة الحال،أنواع واضحة لصور هذا التفاوت، من قبيل القوة الاقتصادية المرتبطة بعدم المساواة في الدخل، أو عدم المساواة على مستوى السلطة السياسية بسبب التفرقة أو العبودية.
غير أن هناك أنواع أقل وضوحا، تتمثل في عدم المساواة في مسألة السلطة الاجتماعية أو الثقافية، فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يتحدثون لهجات غير القياسية أو اللهجات الدارجة غالبا ما ينظر لهم كأشخاص أقل ذكاء وأقل نضجا.
بهذا المعنى، فعلم الاجتماع يتغيى المساعدة على تحديد وفهم ودراسة كل هذه التفاعلات الاجتماعية، وربما حتى السعي لإصلاحها، باستعمال العلم، في ظل التحولات والتغيرات الاجتماعية التي يعرفها المجتمع على جميع المستويات، وهذا ما أفرز ظهور نظريات متعددة في هذا المجال، التي سوف يأتي سياق آخر للتطرق لها.
* كاتب ومهتم بشؤون المعرفة
1. وسوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.