"التوحيد والإصلاح" تطالب بمنهجية تشاركية في إعداد مدونة الأسرة    38 قتيلا ونجاة 28 آخرين في حادث تحطم طائرة أذربيجانية بكازاخستان    هزيمة جديدة للمغرب التطواني أمام الجيش الملكي تعمق من جراح التطوانيين    وكالة المياه والغابات تعزز إجراءات محاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون    شاب ثلاثيني يلقى مصرعه تحت عجلات حافلة شركة "ألزا" بطنجة    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    قيوح يعطي انطلاقة المركز "كازا هب"    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    أخبار الساحة    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    مهرجان جازا بلانكا يعود من جديد إلى الدار البيضاء    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب الوطنية ومسار التوافق: احذروا الوهم ! مقال رأي
نشر في العمق المغربي يوم 01 - 03 - 2019

مشهد سوريالي يعيشه النقاش العمومي هذه الأيام حول القانون الإطار الخاص بالمنظومة التعليمية داخل البرلمان وخارجه. حيث غدت المؤسسات التي من المفروض خضوعها الكامل للنص الدستوري والقوانين الحامية لحقوق المواطنين وأمنهم الثقافي واللغوي ميدانا للانقضاض على ما تبقى منه قابلا للجمع بين المغاربة.
إذ تتواتر الأنباء غير السارة عن سير السجال وأطرافه والمساهمين في “تسييسه”و”أدلجته” من مختلف الأطياف السياسية، وكيفية قراءة النصوص القانونية وحاجيات المدرسة المغربية، وعن الشروع في البحث عن صيغ للتوافق.
هو مشهد سوريالي، لكنه يساعد في الوضوح المنهجي بين الفرقاء السياسيين. إذ البادي أننا أمام طرفين في النقاش أطرا شكل التعددية الحزبية منذ بداية العمل السياسي بالمغربمع اختلاف الأشكال:
طرف يدافع عن التمثل المغربي للتعددية اللغوية من خلال تجلياتها الدستورية والثقافية والهوياتية، تمثله الآن أحزاب الاستقلال والعدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، بعمقها المجتمعي وشرعيتها التاريخية قبل الانتخابية.
طرف يرى في القضية صراعا سياسيا ضد التيارات الإسلامية والوطنية في محاولة لإرباك المشهد السياسي والعودة إلى ما قبل 2011، والتماهي مع المصالح الضيقة للوبي الفرنكفوني فيالاقتصاد والسياسة من خلال قراءات شخصية انطباعية وغير مؤسسة علميا أو واقعيا،تمثله على الخصوص الأحزاب الإدارية الموجودة حاليا: التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والبام، مستغلة أذرعها الإعلامية والمالية في التبشير بأجندتها الخاصة.
فهل يمكن الحديث في هذه الحالة عن إمكانية للتوافق؟ وهل يتحقق التوافق بين طرفين يعيشان رؤيتين مختلفينوفلسفتين متعارضتين: رؤية منبثقة من هوية الوطن ومستقبله، ورؤية عَرَضية مرتبطة بموازين القوى والعلاقة مع الدولة؟ وهل يمكن التوافق بين صنفين من الشرعيات: الشرعية المجتمعية بعمقها الحضاري والشرعية الانتخابية بحسابات الولاءات واللوبيات؟ وهل يتحقق التوافق خارج إطار الدستور؟
إذا كان التوافقهو المجهود الذي ينبغي بذله من أجل تحقيق حقوق كافة الأطراف والجهات المتفاوضة وإقامة توازن بين مصالحها المختلفة تحقيقا للعدل بينها، فهو في الأصل يبنى بين هيئات “تمثيلية” مختلفة في الرؤية والمرجعية، من خلال البحث عن مناط المشترك. وقد استطاعت اللحظة الدستورية أن تحقق أعلى درجة ممكنة من التوافق بين أطياف المجتمع المختلفة.
فبالرغم من الملاحظات التي يمكن تقديمها للوثيقة من حيث تشخيصها للهويات والروافد المشكلة للذات المغربية وكيفية صياغتها، فإن النص في حد ذاته كان نقلة متميزة في المصالحة مع الذات والتاريخ والجغرافيا.
لكن منذ صدوره، ومع هدوء الشارع، بدأ مسار النكوص والردة التأويلية لمقتضياته، وانبعثت من جديد لوبيات التحكم في قرار الشعب السياسي والاقتصادي والثقافي التي اختبأت “للحظات” من هدير الشارع، لتقدم تأويلها الخاص لنص فرض عليها، وتحاول ما أمكنها فرض أجندتها الفرنكفونية على المدرسة المغربية. حيث كانت البداية مع تشكيل مجلس أعلى للتعليم بمواصفات خاصة وبأسماء معينة ليمرر قضايا الرؤية الاستراتيجية التي شكلت في حد ذاتها تراجعا عن النص الدستوري لكنها، ولوجود بعض الفضلاء داخل المجلس، لم تحقق الانقلاب الكامل والتام.
لذا فضلت هذه الأطراف انتظار القانون الإطار لتجعله غطاء قانونيا لممارسات وزارة التعليم في فرنسة المدرسة خاصة بعد إسنادها لشخص مستفيد من المسار نفسه. هنا اكتملت الحلقة. لذا فالأحزاب الوطنية، بالرغم من استحضارها الدائم للمشترك المغربي في كل خطواتها، ينبغي أن يكون فهمها للتوافق مرتبطا بمحددات رئيسة:
التوافق يكون بين هيئات من نفس الشرعية المجتمعية، وهو ما تفتقده الحالة الراهنة، فبالرغم من أن الأطراف تجتمع كلها تحت قبة واحدة، وتلتقي داخل جدران محددة ومرسومة، وخضعت لمسار انتخابي متماثل، فإنها تنتمي لشرعيتين متناقضتين: الشرعية المجتمعية بعمقها الحضاري والهوياتي، والشرعية الانتخابوية بمنطق الغلبة “العرضي” الزائل بزوال الحاجة إلى أصحابه و”المتغير بتغير أرقام الهواتف”.
التوافق لا يكون في الثوابت المحددة للسلوك الجماعي التي اعتبرها المغاربة مناط مشتركهم الوطني من خلال نصوصهم التأسيسية وعلاقاتهم السياسية. فقضايا الهوية غير قابلة للمساومة أو التفاوض وإلا انتفى كل مبرر للوجود الجماعي المشترك، وانتفت الحاجة للنص الدستوري الذي حدد قاعدة للتعامل السياسي والقانوني.
التوافق لا يرتبط بالأغلبية “الوهمية” التي يمكنها أن تمرر قانونا لكنها لن تستطيع أن تضمن استمراره، مادامت شرعيتها ظرفية ومرتبطة بالحاجة إليها، عكس التيارات المجتمعية ذات الامتداد والاستمرارية.
بعد دستور 2011 وما أعقبه من أحداث تحدثنا عما سميناه بالقطب الهوياتي، على غرار ما سماه المرحوم الجابري بالكتلة التاريخية، يجمع كل أطياف النخبة الوطنية مؤسس على إيمان عميق بمبادئ الديمقراطية ومنظومة القيم المجتمعية. وفي كل محطة يطرح فيها نقاش الانتماء والهوية يبرز الاصطفاف الحقيقي للأحزاب. لذا فعلى الممثلين الحقيقيين للمغاربة ألا يسقطوا في رهن مستقبلهم بتوافق وهمي، لأن للحظة ما بعدها، والتاريخ لا يرحم.
* رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية
1. وسوم
2. #القانون الإطار
3. #اللغة العربية
4. #فؤاد بوعلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.