في رد مفاجئ على سؤال حول هجرة الأدمغة المغربية إلى الخارج، اعتبر وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي سعيد أمزازي، أن هجرة الأدمغة مؤشر على “جودة التعليم المغربي” و”جودة الكفاءات المغربية”، مبررا أن ظاهرة “هجرة الأدمغة” هي ظاهرة عالمية. وقال الوزير في جوابه على سؤال شفوي بمجل المستشارين، أمس الثلاثاء، إن “إشكالية هجرة الكفاءات هي إشكالية دولية تعاني منها عدة بلدان منها المغرب وتأتي ضمن “حركية الكفاءات”، وأردف أن الظاهرة “إيجابية” لأن الكفاءات المغربية تكتسب مهارات وقدرات وتكتشف بيئة علمية آخرى ومعاهد دولية”. واستدرك أمزازي في جوابه على سؤال فريق الاتحاد المغربي للشغل بالغرفة الثانية حول “نزيف هجرة الأدمغة والكفاءات المغربية إلى الخارج”، أن الإشكال في الظاهرة “يكمن في أن هذه الطاقات تبقى في تلك الدول”. واعترف الوزير أن السبب الرئيسي في هجرة الكفاءات واختيارها البقاء في الدول الأخرى هو غياب المحفزات ومجالات الإبداع في المغرب بالمقارنة مع الدول الأخرى التي وصف بيئتها ب”المحفزة”، واعتبر أن المسؤولية لا يمكن تحميلها لقطاع التربية والتكوين لوحده، وإنما لمجموعة من القطاعات الأخرى التي يجب أن تتضافر من أجل توفير البيئة المحفزة. رئيسة فريق الاتحاد المغربي للشغل آمال العمري، شددت في تعقيبها على جواب الوزير، على أن “ظاهرة هجرة الأدمغة وصلت مستويات مقلقة بالنسبة للمغرب”، وأوضحت أن المغرب “أصبح مُصدر ثاني للدول العربية والأورومتوسطية للكفاءات، وهي كفاءات متخصصة في مجالات جد حساسة وهامة وأطر في القطاعات التنموية”، على حد قولها. وأبرزت أن هذه الهجرة تنعكس سلبا على التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وتعد بمثابة ضياع الموارد وغياب العائد الاستثماري، خصوصا وأن المغرب أنفق على تكوين عدد من هذه الكفاءات. المستشارة البرلمانية نفسها أفادت أن “90 في المائة من خريجي الكليات والمدارس العليا تحلم بالهجرة إلى الخارج”، وشددت على أن المغرب أصبح يعيش “تهجير العلم للمساهمة في تنمية بلدان المهجر بدل تصدير القيمة المضافة للعلم والمساهمة في المجهود التنموي لبلدنا”. وأرجعت العمري سبب الظاهرة إلى “فشل السياسيات الحكومية المتعاقبة في رسم إستراتيجية عمومية من شأنها إدماج الكفاءات في سوق الشغل وعجز الاقتصاد الوطني”، وإلى “غياب رؤية إستراتيجية لمواكبة خريجي الجامعات والمعاهد في حياتهم المهنية”، إضافة إلى “غياب الإرادة السياسية لتطوير البحث العلمي والذي يظهر من نسبته من الناتج الداخلي الخام والذي لا يتجاوز 0.3 في المائة”.