بعد مرور أكثر من أسبوع على الحادث الأليم لمقتل السائحتين الاسكندنافيتين في منطقة إمليل نواحي مراكش، وبعد المعلومات الأمنية التي كشفها المكتب المركزي للأبحاث القضائية والناطق الرسمي باسم الأمن الوطني ووزير الداخلية وأحاديث صحفية متعددة من طرف أهالي وجيران المشتبه فيهم، فإن الصورة أصبحت أكثر وضوحا من أجل تقديم مجموعة من المفاتيحلأجل فهم هذه العملية الإرهابية. ونجملها في أحد عشر مفتاحا، كالآتي: أولا: تندرج هذه العملية الإرهابية، حسب بعض المؤرخين لتاريخ الإرهابالجهادي، تحت ما يسمى بالجيل الثالث للعمليات الإرهابية (الجيل الأول مع القاعدة سنة 2001، والجيل الثاني مع إعلان البغدادي تأسيس تنظيم الدولة في 2014، والجبل الثالث مع توسع داعش عالميا) ، والذي يقوم على استراتيجية الذئب المنفرد كما نظّر لها أبو أنس الأندلسي أحد قادة التنظيم في رسالة بذلك العنوان، وهي استراتيجية تقوم على اتباع الفكر لا على اتباع التنظيم (هكذا نفهم نفي السلطات الأمنية ارتباط المنفذين بداعش، أي تنظيم داعش)، فهذه الاستراتيجية تنبني على التحرك المنفردللعنصر المتشبع بإيديولوجية ودعايةداعش إلى العمل الإرهابي دون الحاجة إلى التنسيق مع قادة مركزيينأو التمويل من التنظيم، كما أنه يختار الزمان والمكان والهدف بكامل الاستقلالية، والتنفيذ بالسلاح المتاح والسهل، فالعادة في هذه العمليات عنصر المفاجأة. فضلا عن ذلك، فإن الذئب المنفرد في الغالب لا تكون له سوابق إرهابية معروفة أمنيا(مثلا واحد فقط من المنفذين الرئيسيين الأربعة لعملية إمليلقضى عقوبة في قضية تتعلقبالإرهابسنة2014)، لذلك يكون من الصعب على الأجهزة الأمنية كشف هؤلاء العناصر.ومنذ تراجع تنظيم الدولة في العراق وسوريا ونجاح الأجهزة الأمنية في تفكيك العديد من الخلايا في مختلف الدولأصبحت استراتيجية الذئب المنفرد هي الطريقة الأساسية لداعشفي تنفيذ عملياتها حول العالم. لذلك، يُلاحظ في السنتين الأخيريتين أن معظم عمليات داعش من هذا النوع، وآخرها عملية ستراسبورغ قبل أيام، التي أودت بخمسة أشخاص و12 جريحا. ثانيا: لا ينبغي أن نتجاهل أن “داعش” تُصنف المغرب ضمن الدول العدوة المستهدفة في حربها، وتضعه بالضبط في دائرة دول “النكاية والإنهاك” (باعتبار أنداعش تعطي الأولوية”للعدوالقريب” عكس القاعدة التي تعطي الأولوية “للعدو البعيد”/الغرب)، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة “إدارة التوحش”، فدول النكاية والإنهاك تتميز فيهاالدولة الوطنيةبالقوة وصعوبة الاختراق، لذلك تكون الغاية من العمليات التي توجه إلى هذه الدول – حسب كتاب إدارة التوحش لأبي بكر ناجي أحد منظري التنظيم- من جهة أولى “إضعاف الدولة وإنهاكها وتشتيت جهودها والعمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر- ولو ضربة عصا على رأس صليبي- إلا أن انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى الطويل”. ومن جهة ثانية “جذب شباب جدد للعمل الجهادي عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس”.ومن جهة ثالثة “الارتقاء بمجموعات النكاية (أي الخلايا بالتعبير الأمني) بالتدريب والممارسة العملية ليكونوا مهيئين نفسيا وعمليا لمرحلة إدارة التوحش”. فالمغرب، إذن، هدف من أهداف داعش، والتهديد قائم في كل لحظة. ثالثا:مع تراجع المساحات التي تسيطر عليها داعش على الأرض في كل من العراق وسوريا، فإنها تقوم بتعويض فقدان الأرض الجغرافية بالأرض الافتراضية، فتتوسع وتنشط في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي (وأيضا تطبيق تلغرام مسنجر الروسي للرسائل الآمنة المتميز بأنه يتلف المحادثات تلقائيا بعد انتهاء الاتصال) خاصة الفايسبوك الذي يمثل المنصة الأكثر استعمالا لأفراد داعش، حيث تستخدمها للدعاية والاستقطاب والتجنيد وحشد المتطرفين الجدد والتخطيط وتنسيق الهجمات، وحسب العديد من المتخصصين فإن استعمال داعشللفايسبوك يتميز بكثير من الاحترافية والمهارة إلى درجة أن هناك اعتراف بأن شركة فايسبوك عجزت عن كشف محتوى داعش بشكل فعال وشامل ومنع عرض المحتوى المؤيد وتسهيل كشف نشاط داعش. من المؤكد أن عملية إمليل لعبت فيها وسائل التواصل الاجتماعي دورا أساسيا، سواء من ناحية التشبع بالإيديولوجيا وتواصل هؤلاء الشباب مع جهات الاستقطاب(للتذكير فقط، فقد رصد مرصد الشمال لحقوق الإنسان في تقرير أنجز سنة 2015 أن 60 % من الملتحقين بداعش من جهة طنجةتطوان كانوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي)، أو احتمال ترصد إحدى السائحتين التي أعلنت قبل أيام نية زيارتها جبل توبقال في صفحتها الفايسبوكية (يبقى على عاتق السلطات الأمنية المغربية والدنماركية كشف قائمة من تواصل معها من فترة إعلان الزيارة إلى يوم العملية)، أو تسجيل المنفذين فيديو المبايعة تحت علَم داعش وتعميمه، أو تصوير فيديو العملية وترويجه في وسائل التواصل الاجتماعي (فايسبوكوواتساب ويوتيوب). رابعا:قصد منفذو عملية إمليل الإرهابية أن تكون في غايةالوحشية، فحسب مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فقد تم طعن السائحتين وقطع رأسيهما، وهذا من أساسيات الفعل الإرهابي لداعش، فهم يحرصون على أشد طرق القتل وحشية وبشاعة ليظهر المنفذ بصورة البطل الشجاع الذي لا يهاب الدم والأشلاء، ويتمم هذه العملية بإخراج مسرحي يصور بالفيديو تفاصيل العملية، والغرض من ذلك أمران: من ناحية أولى، بث الرعب والذعر داخل المجتمع،فالتصوير هو الوسيلة الأساسية للانتشار الفعّال في وسائل التواصل الاجتماعي، أي الفضاء الحقيقي لإظهار القوة والبأس، ومن ناحية أخرى إعطاء النموذج لاستقطاب أعداد أخرى من المتطرفين، إذ يبقى التصوير مرة أخرى وسيلة لاصطيادعناصرجديدة. فعملية القتل والتنكيل بدون تصوير كأنها عملية لم تحقق كل أهدافها في استراتيجية داعش. خامسا: تبين أن هؤلاء المنفذين ينحدرون من أحياء حضرية هامشية في مراكش ( المشتبه فيهم الأربعة الرئيسيون يقطنون في كل من العزوزيةوالجناناتودرب زروالودوار القايد حربيل)، وكلنا يتذكر أن معظم المتورطين في عمليات إرهابية سابقة بالمغرب يقطنون وتلقوا تنشئتهم الاجتماعية في أحياء هامشية تعاني الفقروضعف الخدماتوصعوبة الولوج إلى بنيات التعليم والصحةوالترفيه…الخ، وهذا يثير دور عامل الفقر والإقصاء في إنتاج الشخصية الإرهابية؛ فهذا العامل ليس حاسما في نظري، ولكنه إذا التقى مع عامل تشبع الشخص بالفكر المتطرف، وعامل التواصل مع جهات الاستقطاب الإيديولوجي، يصبح عاملا محوريا في إذكاء الشعور بالقهر والاحتقار والظلم، وهو الحبل الذي تستغله الجماعات المتطرفة عموما للاستقطاب. سادسا:لا يجدر تجاهل البعد السيكولوجي المرَضي في شخصية المتطرف العنيف، فتقلباته بين أنماط الحياة تعكس هشاشته النفسية، وفي أبحاث فرهادخوسروخافار حول سجناء الإرهاب في فرنسا، ظهر أن البعد النفسي المرَضي يمس 40 %من المتطرفين المعتقلين. ويتحدثالمحلل النفسي فتحي بنسلامة أن كثيرا من المتطرفين المسلمين الذين قابلهم خلال عمله السريري في فرنسا تَظهر عليهم علامات من قبيل تبلد الإحساس واللامبالاة والتنقيص من الذات والشعور بالضعف والخجل، واعتبار أنفسهم مثل “لاشيء” وهو ما يسميه أحد المحللين النفسيين الفرنسيين ب “اكتئاب النقص” (Dépression d'infériorité)، هنا يأتي التطرف كرد فعل في جانب الهويةنابع من شعورهمبأنهم غير مسلمين بالقدر الكافي، وهو ما يسميه فتحي بنسلامة بمشكلة “المسلم الأعلى” (Surmusulman)، ما يدفعهمإلى التشددوالتوغل في التدين إلى درجة استرخاص التضحية بالنفس.بهذا المعنى نفهم تصريح أحد أقارب عبد الصمد الجود، أمير خلية إمليل، أنه كان يقول في الأيام الأخيرة: “إذا سأل عني أي شخص فأجيبوه بأنني ميت”. فقد وصل عبد الصمد قبل تنفيذ العملية إلى مرحلة عدم الرضا على الذات والإحساس بال “لا شيء”، والتوثب لفعل أي عمل عظيم في ظنه، بما في ذلك الاستعداد التام للتضحية بنفسه، وذلك تعبيرا عن طموحه لبلوغ درجة “المسلم الأعلى”. سابعا: مختلف الدراسات التي أنجزت عن بروفايلات الجهاديين الذين نفذوا عمليات إرهابية في السنتين الأخيرتين أثبتت أن معارفهم الدينية جد ضئيلة، وأن التزامهم الديني لم تمض عليه إلا شهور قليلة قبل تنفيذ عملياتهم الإرهابية، تحكي زوجة عبد الرحمن الخيالي، الذي غادر مقاعد التمدرس في السنة السابعة إعدادي، عن زوجها: “تزوجت بعبد الرحمن عام 2010، ورغم أني من عائلة محافظة، وأرتدي النقاب قبل زواجنا، قبلت الارتباط بعبد الرحمان الشاب الطبيعي الذي لم يكن يطلق لحيته حينها، بل كان يدخن ويشرب الخمر، ودخلنا في خصام أكثر من مرة بسبب هذا الأمر”. ويؤكد أحدجيرانه أن عبد الرحمن “لم يكن ملتزما ولم يكن يطلق لحيته. كان يتردد من حين لآخر على بيت أحد أصدقائه لشرب الخمر، لأنه كان من الصعب قيامه بذلك في بيت زوجته الملتزمة دينياً أو في بيت والديه، وقد ظهر عليه التحول قبل أزيد من سنتين”. فالتحول إذن كان سريعا من حياة الفتوة إلى التدين المتطرف، ويرافق هذا التحول نقد أسلوب التدين والحياة للمحيطين من أفراد العائلة أو الأصدقاء، يقول أحد جيران عبد الرحمن: “عندما ظهرت عليه علامات التشدد في الدين، كثرت مشاكله مع عائلته، كنا نسمع دائماً أصوات الصراخ تصدر من بيت والديه. وكان الحديث يصل إلينا من حين إلى الآخر، بسبب الفضاء المفتوح بين بيتنا وبيتهم، وكان يلوم عائلته على أسلوب حياتهم الذي أصبح يعتبره حراماً في حرام، وكان يدفع أخواته الثلاثة لارتداء النقاب، ويعتبرهن متبرجات”. تؤكد هذه المعطيات الميدانية أن هؤلاء المنفذين ليس لهم تعليم ديني نظامي، وأنهم تحولوا إلى التدين ثم التطرف بشكل سريع عبر المحتوى الإرهابي الرائج في وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تأثير جماعة الأقران (عبد الصمد الجود هو من استقطب كل الأفراد الآخرين، يونس وازياد ورشيد أفاطي وعبد الرحمن الخيالي، وقد لاحظ أقاربهم حسب إفاداتهم تواصلهم المكثف في الشهور الأخيرة). ثامنا: من النقاط العصية على التتبع والرصد الأمني، هي مسألة دينامية الانتقال من التطرف إلى التطرف العنيف، فالأكيد أن الشخص المتطرف قد تبدو عليه علامات السلوك المتطرف(إحدى قريبات أحد المشتبه فيهم، صرحت أن قريبها منذ فترة لم يعد يصافح النساء وأعفى لحيته واختار اللباس الأفغانيوتغيرت لغته المستعملة وانعزلاجتماعيا، وأخرى صرحت أن زوجها لا يَسمح لها باستعمال الهاتف…الخ)، فهذه السلوكات تبدو متطرفة ويشتركون فيها مع كثيرين غير عنيفين يعيشون داخل المجتمع، لكن، كيف تتطور إلى تطرف عنيف؟ ما هي الشروط التي تؤدي إلى التحول إلى العنف المادي؟ من الواضح أن نقطة التحول تتم عبر آلية غسيل الدماغ، والتي تتم عمليا عبر مرحلتين متوازيتين؛ الأولى، فصل المتطرف عن محيطه الاجتماعي، يقول أحد جيران رشيد أفاطي: “لاحظنا التحول في سلوك رشيد قبل سنة تقريبا وازداد حدة قبل أربعة أشهر، حيث صار يميل إلى العزلة والوحدة ولم يعد يلقي علينا السلام أو يرد السلام، وينظر إلينا بنظرات حادة خلال مروره بقربنا”، وفي نفس المعنى يقول أحد جيران عبد الصمد أنه “لم يعد يصلي معنا في المسجد”.والثانية، إغراق المتطرف بشكل مكثفخلال ظرف زمني قصير نسبيا بصور وفيديوهاتمنتقاة (لا ننسى أن داعش أنتج عشراتالأفلامالوثائقية العالية الجودة للدعاية، وقدصرحت زوجة عبد الرحمن الخيالي أن في بيتها لا توجد أية كتب دينية سوى المصحف وكتاب صحيح البخاري، وهو ما يعني أن مصادر التعبئة الحاسمة تعود إلى هذه المواد البصرية بالدرجة الأولى)عن بؤس عالم المسلمين واضطهاد الأنظمة الحاكمة والاستكبار الغربي، إلى درجة أن يتوهم المتطرف نفسه المرشح “للانتقام للأمة الإسلامية المعذّبة”على حد تعبير أوليفهروا، وفي نفس الوقت خلق طوبى العالَم الجديد، أي أرض الخلافة التي يُقام فيها الدين الحقويعمّ فيها الرخاء والعدل، إذن، لا يبقى في ظن المتطرف سوى خطوة واحدة هي التضحية بالنفس في سبيل هذه الغاية، فإما تحقيق ذلك، وهو النصر والتمكين، وإما فالشهادة والفوز بالجنة، والموت في هذه الحالة لا يشكل للمتطرف الذي غُسل دماغه من خلال مرحلتي الفصل والإغراق أي خوف، إنه أعز ما يُطلب وأسمى الأماني. تاسعا: لاحظنا من تصريحات أولياء وأقارب وجيران المشتبه فيهم غياب الحاضنة الاجتماعية، حيث لا أحد يتعاطف مع أعمالهم الإرهابية (رغم أنناللأسف رأينا من أشادعلى وسائل التواصل الاجتماعي)، فنحن لسنا أمام ما يسمى ب”جهاد العائلة” المعروف عن داعشتشجيعه، لكن غياب الحاضنة الاجتماعية لا ينفي وجود البيئة المُنتجة، والمقصود هو شيوع فكر التطرف واللاتسامح والإقصاء الفكري في المجتمع، والذي يهيءالاستعدادات النفسية للانخراط في التطرف العنيف في حال توفرت الإمكاناتالتي ذكرت بعضها أعلاه. وهنا، لا بد أن يتم العمل بشكل تشاركي بين السلطات الأمنية وفاعلين مدنيين وأسر المتطرفين على بناء سُلم لدرجات التطرف، يحدد علامات التطرف من الخطيرة إلى الأقل خطورة (يمكن الاستفادة من تجربة فرنسا في هذا الباب، وأيضا تجربة بلدية آرهوس بالدانمارك). عاشرا: حسب المعطيات الأمنية، فإن أحد الأشخاص المشتبه فيهم، وهو عبد الصمد الجود، قضى عقوبة حبسية نافذة مدتها عام كامل سنة 2014لدى محاولته مغادرة التراب الوطني في اتجاه تنظيم الدولةبسوريا، وهو الرجل الذي عمل على استقطاب باقي العناصر الأخرى حسب الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني، مما يطرح تساؤلات عن مدى فعالية برامج إعادة تأهيل سجناء الإرهاب والتطرف العنيف، والسياسات الأمنية المعتمدة في متابعة العناصر المتطرفة التي غادرت السجون. من المعروف دوليا حسب عدة دراسات وشهادات أن قادة وأتباعالتنظيمات المتطرفة سبق أن قضوا عقوبات سجنية، وهذا يعني أن السجن قد يشكل لحظة لتجذر التطرف في فكر الإرهابيين أكثر مما يجعلها لحظة لإعادة مساءلة القناعات المتطرفة ونقدها. مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه في المغرب لم تسجل أية حالة عودة إلى ساحات القتال من بين المستفيدين من البرامج التأهيلية داخل السجون، سواء تعلق الأمر بالبرامج الوقائية مثل برنامج التثقيف بالنظير الذي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء، أو برامج فك الارتباط والتعافي من الفكر المتطرف مثل برنامج مصالحة الذي يعد برنامجا متكاملا في تعاطيه مع سجناء الإرهاب (يمكن التساؤل: هل عبد الصمد الجود كان أحد المستفيدين من هذه البرامج أم لا؟)، لكن من الممكن أن عدم رجوع بعضهميعود لصعوبات حدودية،ولا يعني أنهم تخلوا عن قناعات التطرف العنيف، فليست هناك مؤشرات حاسمة في أن الشخص ترك التطرف العنيف إلا في حال الإعلان عن انخراطه الاجتماعي ونبذ كل أشكال التطرف والعنف.في المحصلة، إن ما يسمى ببرامج “الخروج من التطرف” عمل لا زال يحتاج إلى كثير من الجهود الأمنية والمدنية. أحد عشر: يظل العمل الأمني محوريا في مواجهة التطرف العنيفوالإرهاب، فمنذ تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية سنة 2015 إلى اليوم، تم تفكيك حوالي 60 خلية (أما إذا أحصينا عدد الخلايا المفككة منذ 2002 فالعدد يناهز361 خلية)، وهذا يعني أن العمل الأمني جنّب المغرب عشرات العمليات الإرهابية المحتملة.ولا ينبغي أن نغفل دور التشريعات المُمهِدة للعمل الأمني الفعّال، مثل قانون مكافحة الإرهاب سنة 2003 ثم القانون المتمم لمقتضيات القانون الجنائي سنة 2014 في أعقاب تزايد عدد المقاتلين المتوجهين إلىصفوف تنظيم الدولة. فالعمل التشريعي والأمني يظلان ضروريان لمواجهة التطرف والإرهاب على المديين القصير والمتوسط. هذا دون أن ننسى الأدوار الهامة التي اضطلع بها كل من مسلسل إعادة هيكلة الحقل الديني في ما يتعلق بالجانب الروحي ثم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الجانب الاجتماعي.