في الوقت الذي يعرف فيه العالم تطورا و ازدهارا على مختلف المستويات سواء الإقتصادية أو التكنولوجية أو غيرها من المجالات ، يبقى هناك دائما جانب مظلم في هذا العالم ، جانب لا يلتفت إليه أحد ، جانب مهمش ومنسي ، جانب ينزف دون أن ينتبه له أحد … هي شريحة تعيش أشد أنواع الظلم والقسوة ؛ تعاني من التشرد والإستغلال دون أن يكون لها طاقة تدافع بها عن حقوقها … هم أطفال منعزلين عن غيرهم ، أطفال همشوا فوجدوا أنفسهم بلا مأوى ، بلا سند وبلا حاضن يحتضن طفولتهم التي لم تكن تعرف من الطفولة شيئ فاتخذوا أو بالأحرى فرض عليهم أن يتخذوا الشارع ملجأ لهم … نعم ؛ إنهم ما سموهم ب ” أطفال الشوارع ” ، هؤلاء الأطفال الذين كانوا ضحية ” أسرة ” فاشلة أو ضحية عوامل مجتمعية قاسية ، حرموا حتى من أبسط حقوقهم وبأن يكونوا جزءا شرعيا داخل المجتمع . في كل يوم ، في كل ساعة وفي كل ثانية يتعرض هؤلاء الأطفال لمختلف أنواع المعاناة والألم ، تتكون لديهم أمراض جسمية خطيرة بسبب سوء التغذية ويصابون بالأنيميا والملاريا وغيرها من الأمراض ، دون الإغفال عن الجانب الأخلاقي الفاسد الذي يتكون لدى هذا الطفل فيتحولون فيما بعد الى أشخاص يحملون اضطرابات نفسية حادة جدا ويصبح لديهم ميل أكثر إلى العدوانية ، الكذب ، العمل على تدمير المجتمع وفي غالب الأحيان يتحولون ” لمجرمين ” … إن هؤلاء الأطفال يرون في المجتمع معنى كل ماهو انحرافي غير أخلاقي فيرمون أنفسهم أمام أي شيئ غير آبهين لما يمكنها أن تتسبب لهم في إطار الغياب الكلي للعقل وسيطرة الشخصية السيكوباتية عليهم. هؤلاء الأشخاص لم يختاروا أن يكون طريقهم هكذا ،وإنما المجتمع والمحيط من فرض عليهم ذلك … وفي غياب أي تدخل للتخفيف من هذه الظاهرة التي تهدد حياة أطفال أبرياء غير مخيرين على اختيار ظروف عيشهم ، يتفاقم هذا الوضع بشكل ملحوظ و بنسب عالية ؛ ويبقى الضحية الوحيد في الأمر كله هو : “الطفل”.