هل تعرفون السيدة نصيرة البشاري؟ ربما، لكني لم أكن أعرفها قبل أن يصلني خبر عرض ألقته بمقر المكتب الوطني للسكك الحديدية بالرباط، يوم الأربعاء الماضي، وعرفتُ بالمناسبة أيضا أن السيدة نصيرة هي رئيسة قسم تسويق المسافرين بذات المكتب. نعم، لقد قرأتم صحيحاً: تسويق المسافرين! في البداية قلتُ قد يكون الأمر مجرد خطأ مطبعي من قبيل الأخطاء الشائعة في مهنة “المتاعب” التي تحصل عادة عند سَهْوِنا أو عندما نترك الآلة تنوب عنا في الكتابة فتكتب وتصحح كما تشاء أو كما يشاء مصححها الآلي. لكن مع تكرار نفس العبارة مكتوبة ومسموعة مرئية، أدركت أن “تسويق المسافرين” عبارة استعملها مصدر الخبر بعينه، أي المكتب الوطني للسكك الحديدية (لونسيإيف ONCFوما أدراك ما هو!). السيدة البشاري بشرتنا بكل خير: رفع أسعار تذاكر قطارات الأطلس يعود إلى تثنية السكة الرابطة بين الدارالبيضاءومراكش وربح ساعة من زمن الرحلة، وطبعا الهدف من كل هذا هو رفع مستوى الخدمات والراحة على متن القطارات، كما بشرتنا (الله يبشرها بالخير!) بمسألة تدعى “اختيارات المرونة”. ولمن لم يفهم رغم أن هذا التعبير بالعربية فالمقصود هو الحجز القبلي والاختلاف بين ثمن تذاكر الذروة وغير الذروة، وكيفية استرداد مبلغ الحجز جزئيا أو كليا حسب توقيت إلغاء التذكرة. وحسب نفس المصدر، ففي حالة عدم اختيار المسافر “المرونة الكاملة” يمكن له أن يغير موعد تذكرته مرة واحدة إلى حدود ثلاث دقائق قبل انطلاق الرحلة… برافو! فليبلغ الحاضر منكم الغائب، شريطة أن يفهم شيئاً. قد يكون تكوين السيدة فرنسياً لكن هذا لا يعني أن الفئة المستهدفة من حملة المكتب الإعلامية هي المترجمون، لأن من يريد أن يفهم ما جاء فيها عليه أن يكون مترجماً بارعاً حتى يدرك أن كل تلك الألفاظ هي ترجمة من فرنسية التكنوقراط المغاربة.. ولكي تستوعبها عليك أن تدخل إلى جماجمهم. بنفس اللغة أقول: ربما كان الرجل القوي في السكة، السيد الخليع، يراهن على جعل المسافرين يبتلعون “الحبة المُرَّة” المرتبطة بالتسعيرة الجديدة للقطارات على خط الدارالبيضاء- فاس- مراكش، عبر “الومضات التعريفية” والمنشورات التوضيحية، على حد قول المدير التجاري للقطارات الاعتيادية، السيد توفيق بوعريف. أحيي المكتب الوطني ورجله الحديدي على استراتيجية التواصل هذه، فالجمع بين السيدة البشارة والسيد أبو العريف في لقاء تواصلي موجه بالأساس “للزبناء” شيء جيد، وليس غريباً على مسؤولي “البراق” استخدام سياسة تواصلية خاصة بالسياق المحلي، ألا وهي “برق ما تقشع”. ومع ذلك، عندي مؤاخذة واحدة، وأنتم تعرفون كيف أن اللصيق في الهذرة الخاوية رياضة وطنية، وهي: ماذا تقصدون ب”تسويق المسافرين”؟ هل تعنون “استيرادهم” أم “تصديرهم” أم تقومون فقط بالوساطة في ذلك أو “بخدمتهم”؟ وعندي كذلك سؤال واحد: هل سيقع للقطارات العادية الرابطة بين الرباط وطنجة ما حصل للطرق الوطنية بعد الطريق السيار؟ والمعذرة إن كان فهمي ثقيلاً.