المقدمة: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد، الأمثال موجودة عند كل شعب من الشعوب، تعمل على تطوير مجال اللغة وتوسع أفق استعمالاته، حيث أن الأمثال إنما هي تمثل عصارة رصد شعب ما لمجموعة ظواهر نفسية واجتماعية مختلفة، حتى تتحول إلى جمل وقواعد مركزة لها حمولاتها ودلالاتها المعينة، وهي في الحقيقة تعبر عن ثراء تلك اللغة. إن الأمثال كما سبقت الإشارة ، تحمل معاني كثيرة في جمل مركزة، ولها دلالات متعددة، لذا كثيرا ما يقع غير المتمرس في لغة تلك الأمثال في أخطاء تتعلق بفهمها وتمثل دلالاتها. لذا كان من الضروري دراسة الأمثال بشكل مستقل لتجنب تلك الأخطاء. ليس الهدف من دراسة هذه الأمثال تنبيه غير العالم بدلالاتها، ولكن الهدف هو الوقوف على الأمثال التي يتداولها الشعب التركي فيما بينهم رواية عن الآباء والأجداد عبر الأجيال، من أجل التعرف على الحالة النفسية والاجتماعية والثقافية لهم، لأنها تعبر عن مكنون أفكارهم ووجهات نظرهم تجاه أمر ما بشكل تلقائي، إذ انغرست تلك المعاني وتداعياتها عبر الأمثال تلك في شعورهم ولأوعيهم، ما يساعد على فهم طبائعهم وتوجهاتهم بما هو أقرب إلى الصواب وأدعى إلى التفاعل. وإن لم تلق الأمثال اهتماما كبيرا من قبل الشباب المعاصر، إلا أن لها استعمالا واسعا في الكتب والروايات الأدبية القديمة، ما يثير انتباهنا إلى المستوى اللغوي الذي يعبر عن موروث ثقافي ثري. وتحقيقا لذلك الهدف المشار إليه أعلاه، قمنا بإعداد مجموعة من الأمثال التركية حول مكانة المرأة والرجل في ذهنية الشعب التركي عبر القرون، للوقوف على طبيعة نظرتهم لموقع المرأة والرجل في المجتمع التركي القديم. قمنا بجمع الأمثال التركية في الموضوع المذكور، من عدة مصادر مختلفة مطبوعة ومرقمة، أو ما كان متداولا منها بين الناس لشهرتها دون إشارة إلى مصادرها، ثم تناولنا كل مثل على حدة، فقمنا بترجمته من اللغة التركية إلى العربية ترجمة حرفية في لمراعاة الوفاء اللغوي، وترجمة فيها تعديل طفيف لتقريب المعنى إلى الأذهان، إضافة إلى ترجمة كل كلمة واقعة في المثل من التركية إلى العربية على شكل معجم لغوي. ثم قمنا بشرح كل مثل عن طريق تحليل مقاصده وأسباب إطلاقه لدى الشعب التركي، ثم الحديث عن الأسرار البلاغية المكنونة فيه. ومن حيث المنهج العلمي اتبعنا المنهج الوصفي، حيث وصفنا تلك الأمثال وصفا، ثم أردفناه بالمنهج التحليلي، حيث حللنا كل مثل من حيث المقاصد والأسباب، ومن حيث أسرار بلاغية جاءت عليها تلك الأمثال. الفصل الأول: مفهوم المثل وأهميته تحديد مفهوم المثل:إنّ معنى مادة ” مثل” يتوزّع في معاجم اللّغة بين هذه المفاهيم التّي يختلط فيها المحسوس والمجرد: التّسوية والمماثلة، الشّبه والنّظير، الحديث، الصّفة، الخبر، الحذو الحجّة، النّد، العبرة، الآية، المقدار، القالب، الانتصاب، نصب الهدف، الفضيلة، التّصوير، الالتصاق بالأرض، الذّهاب الزّوال، التّنكيل، العقوبة، القصاص، الجهد، الفراش، النّمط الحجر المنقور، الوصف والإبانة. والمَثلُ: الشّيء الذّي يُضرب لشيءٍ مثلاً فيُجعل مثله، وفي الصِّحاح: ما يُضرب به من الأمثال. قال الجوهري: ومَثل الشّيء أيضاً صفته. والمثل جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهه من جيلٍ إلى جيل. وهو جملةٌ محكَمة البناء بليغة العبارة، شائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات. وإذ يلخّص المثل قصة عناءٍ سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة فقد حظي عند الناس بثقة تامة، فصدّقوه لأنه يهتدي في حلِّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبةٍ من مشكلة قديمة انتهت إلى عبرةٍ لا تُنسى. وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تغني عن رواية ما جرى.وقد أورد الميداني في مجمع الأمثال قول إبراهيم النظام يصف المثل بقوله: “يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام؛ إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكتابة، وهو نهاية البلاغة” . أهمية ضرب الأمثال:ضرب المثل من أكثر الأشكال التّعبيريّة الشّعبيّة انتشاراً وشيوعاً، ولا تخلو منها أيّة ثقافة، إذ نجدها تعكس مشاعر الشّعوب على اختلاف طبقاتها وانتماءاتها، وتجسّد أفكارها وتصوّراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها ومعظم مظاهر حياتها، في صورةٍ حيّة وفي دلالةٍ إنسانيّةٍ شاملة، فهي بذلك عصارة حكمة الشّعوب وذاكرتها. وتتّسم الأمثال بسرعة انتشارها وتداولها من جيلٍ إلى جيل، وانتقالها من لغةٍ إلى أخرى عبر الأزمنة والأمكنة، بالإضافة إلى إيجاز نصّها وجمال لفظها وكثافة معانيها. والأمثال رغم قصر جملها، وبساطة مفرداتها وتراكيبها ولكنها تختزل معاني قوية ومشاعر دفاقة، قد لا تحويها الصفحات، وهي بمثابة عناوين تختزل موضوعات تفصيلية تتبادر إلى الأذهان مجرد إطلاقها من غير سرد ملابساتها. وهي كذلك من وسائل التفاعل المباشر مع قضايا ثقافية مختلفة لتقريب الصورة وإثراء المعنى وجذب الانتباه وربط الماضي بالحاضر. نشأة الأمثال عند الأتراك: بداية نشير إلى أن لفظ المثل عند الأتراك يتغير استعماله حسب المناطق مرادفا عبارة ” كلام الأجداد” عن أتراك تركيا ، أو عبارة ” الكلام القديم” عند الكزان، أو ” كلام الشيوخ” عند أتراك القرم، أما في تركستان الشرقية فهم يقولون “مقال”، أما أتراك إيران وأفغانستان فيقابلون المثل بلفظ” نقيل”، عند أتراك كركوك فنجد «ضرب كلام”. حسب الدراسات الأدبية التي أجريت في تاريخ الأمثال التركية تم رصد مجموعة من الأمثال يُعتقد لدى الباحثين أنها تعود إلى منقوشات “ORHUN” الحجرية،وكذلك وُجدت تلك الأمثال في كتابات الأديب التركي المشهور محمود القشقري صاحب كتاب “ديوان لغة الترك”، وفي قصص “دادا كوركوت”. النماذج الأولى للأمثال التركية عرفت باسم “SAV” ثم تطورت إلى “ضرب مثل” أو “الأمثال”، فكثير من الشعراء والأدباء الأتراك استعملوا الأمثال في أعمالهم لإكسابها قوة وجزالة. هذا النهج للأمثال بدأ من لدن “KUTADGU BİLİG” مرورا بالشعراء من أمثال “نابي”، “ثابت”، “سونبول زادة وهبي”، “عزت مولا”، “ضياء باشا”، وغيرهم وصولا إلى عهد التنظيمات. وكذلك تم استعمال الأمثال في كثير من أعمال الأدباء الآخرين ممن لهم بصمة كبيرة في تاريخ الأدب التركي. لأول مرة تم جمع الأمثال التركية في عهد التنظيمات بشكل مستقل، إضافة إلى بعض المخطوطات التي وصلت إلينا من عهود قديمة، ومن الباحثين من يرجع جمع الأمثال التركية بشكل مستقل إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حيث توجد مخطوطتان تؤكدان هذا الطرح في مكتبة فاتح الوطنية في تركيا، والمكتبة الوطنية في فرنسا. فالأمثال التركية المتداولة لدى الأتراك في تركيا أو في أقاليم أخرى نقلا أبا عن جد، يصل عددها إلى 10 آلاف مثل. والأعمال والدراسات اللغوية حول الأمثال التركية فاقت سبعمائة عمل مختلف ما بين أطروحة ورسالة ومقالات وكتب وغيرها، ولا تزال الدراسات تهتم بالأمثال بمختلف الجوانب والأغراض. والأمثال التركية قد تفيد بعضها دلالات مختلفة لدى المتعاملين بها حسب الثقافات المختلفة للأمة التركية المنتشرة في عدة بلدان مختلفة، رغم كون بعضها متوافقة لفظا مع بعضها البعض، لذا تجرى دراسات من أجل البحث عن دلالاتها لتجنب سوء الفهم. المبحث الثاني: علاقة الأمثال بالبنى الثقافية للأمثال علاقة قوية جدا مع الثقافات التي ولدت فيها، ولها كذلك دور في إثراء الأخيرة، أي كلاهما ينميان بعضهما البعض. إذ لا توجد في العالم ثقافة إلا ولها أسس قامت عليها، ومن تلك الأسس العامل اللغوي، الذي لا ينفك أبدا عن الثقافة، لأنه يشكل أساسها، وتعتبر الأمثال الصورة الأكثر لمعانا في إلقاء الضوء على دقائق تلك الثقافة أو الأخرى، من حيث العواطف، والمشاعر والأحاسيس التي تنعكس أحسن من خلال الأمثال. كذلك الأمر بالنسبة للأمثال التركية، فهي عند إيرادها في صدد تقرير مسألة ما، يجد السامع أن المعنى يقر فيه بشكل أقوى، وأدعى إلى الإقناع، وخاصة فيما يستنهض همم الناس من موضوعات قومية أو وطنية نجد فعاليتها بشكل أوضح، إذ لا يخلو صاحب دعوة في تركيا إلا ويتوسل بالأمثال كل حسب توجهاته. والثقافات هي منبع للأمم والشعوب ينهلون منها لإدامة وجودهم الماهوي، وحامل الثقافات هو اللغات، من حيث كونها ممرات تنتقل منها الثقافات تلك عبر الأزمان والأمكنة، أما الأمثال فهي تلك الطرق القصيرة التي تطوي مسافات طويلة بجهد أقل، إذ هي نتيجة تجارب سبقت وجهود بُذلت وخواطر رسبت. والأمثال التي جمعناها في بحثنا هذا تحاول رسم صورة عن المرأة والرجل في الثقافة التركية والتلقي التركي، حيث تلقي الضوء على جانب من الثقافة السائدة في المجتمع التركي، وتشرح مكنون نظرتهم تجاه بعض المسائل، سواء كانت أسرية أو مجتمعية أو سياسية أو إنسانية. وهي تعكس كذلك نظرتهم إلى الكون والظواهر الكونية وطريقة تفسيرها، كما تنطبع في أذهانهم بشكل تلقائي. الفصل الثاني: صورة المرأة والرجل من خلال الامثال التركية Kadının saçı uzun, aklı kısadır.9 المرأة طويل شعرها، قصير عقلها. Kadın:مرأة Saç:شعر Uzun:طويل Akıl:عقل Kısa: قصير ورد هذا المثل في سياق الحديث عن جانب سلبي في المرأة' حيث تم تقسيم المثل إلى جزأين ، عبر الأول عن جمال المرأة واستعمل عبارة ”شعرها طويل” في صورة كناية ؛ لأن المرأة التي طال شعرها علامة على جمالها وحسنها. أما الجزأ الثاني من المثل فهو مناقض للأول من حيث دلالته ، وهذا ما يعضده استعمال الطباق المتمثل في ” طويل” و ” قصير” كما في “شعر” والتي تحيل على الهيأة الخارجية والجانب الجسدي، ولفظ “العقل” الذي يدل على الحكمة وحسن التدبير، والجانب الروحي كذلك. ففي هذا المثل انتقاص من قدرات المرأة وقيمتها، وجعل هذه القيمة مختزلة في الجمال المادي مع اقصاء الجانب الفكري الذي تمت الإشارة إليه ، كما يختزل هذا المثل القيم المجتمعية لدى المجتمع التركي الذي تطغى عليه الذكورية بشدة.إن هذه الصورة السلبية للمرأة، والتي نريد تجميع تفاصيلها من خلال الأمثال التركية سنلتقط بعضا منها من خلال مجموعة من الأمثال الأخرى من قبيل: Keseye kadın eli girerse bereketi kaçar. ما مسّت كيس المال يد امرأة، إلا ذهبت ببركته. Kese: صرة،كيس Kadın: مرأة El: يد Girmek: دخل(مسّ) Bereket: بركة Kaçmak: هرب ذهب يعبر هذا المثل عن الجانب المادي (المالي) في علاقته بتصريفوتدبير الحياة الاقتصادية، فالمرأة لا تحسن التصرف و تدبير المال وأكّد أن البركة في المال تزول بمجرد لمسها لكيس النقود. إن كلمة كيس هنا لا تقتصر في دلالتها على المال فقط، بل تتجاوزها إلى كل نواحي الحياة الإنسانية، خاصة وأننا قد أشرنا سابقا إلى أن الذكورة تطغى على المعاملات بين أفراد المجتمع، إن عدم قدرة المرأة على تسيير الشؤون المالية يجعل من الرجل البديل القادر على ممارسة ما تعجز المرأة عن القيام به. وقد تم إيراد هذا المثل في صورة كناية، لأن صرة المال،لها معنيان؛ معنى أول قريب وهو كونها تستعمل في جمع النقود، أما المعنى الثاني، وهو المعنى البعيد فصرة المال هنا تشير إلى جميع الأمور المتعلقة بالحياة الزوجية بين الرجل والمرأة، أو جميع الأمور الأخرى كالتسيير والتدبير سواء تعلق الأمر بشركة أو مشروع…والمثل الموالي قريب المعنى من هذا المثل إذ نجده يقول: Kadının yüklediği yük şuraya varmaz. ما وصل رحلٌ منزله، بما حمّلته المرأة. Kadınمرأة Yüklemekشحن،حمّل Yükرحل،حمولة Şurayaهنالك Varmakوصل إن التعبير عن عدم وصول الزاد والمتاع الى المقصد، راجع إلى أن المرأة هي التي قامت بجمع متعلقات الرحل من متاع وغيره. أما الدلالة البيانية للمعنى الذي تدل عليه معاني هذا المثل فتتمثل، في التعبير بالكناية عن فشل المرأة، و إن نجحت للحظة فإنها تبوء بالفشل في الاخير.فكلمة الرحل هنا تختصر أيضا جميع الأمور التي يمكن للمرأة القيام والتي تبوء بالفشل في الأخير، واستعمال المثل لكلمة الرحل الذي يستعمله الرجل للسفر بدل استعمال كلمة الهودج فيه دلالة اضافية على الصورة السلبية التي تستمر الأمثال التركية في رسمها. وكما أن مساعدتها غير مطلوبة، فكذلك مالها أيضا إذ نجد مثلا آخر في هذا السياق يقول: Avrat malı, kapı mandalı. مال المرأة، مطرقة الباب. تعبير عن عدم الطمع في مال المرأة وأخذه منها، لأنه إن حصل وارتبطت من أجل مالها، كان ذاك المال مذلة لك منها لأنها تتعامل بمنطق المنّ، ونكران الجميل ولذلك فإن هذا المثل ورد بأسلوب تشبيه حذفت منه الأداة، ووجه الشبه، فالمشبه: مال المرأة، والمشبه به:مطرقة الباب، وهذا كله للدلالة على أن الرجل لا ينبغي أن يجعل همه في تعرفه بالمرأة هو أخذ مالها، فإن هذا سينقلب عليه، فكلما حصل خلاف بسيط معها، أخذت تعد عليك ما جادت به مالها لك، فهي تشبه مطرقة، أو ناقوس الباب التي كلما مسهما أحد أحدثا صوتاً، و ينصح المثل بأن لا يعتمد الرجل على مال إمرأته وأن لا يدخله الى بيته. كما يمكن لهذه المرأة أيضا أن تكون غواية للرجل في المثل التركي إذ نجده يقول: Kadın, erkeğin şeytanıdır. شيطان الرجل المرأة. Kadınمرأة Erkekرجل Şeytanشيطان لأن المرأة قادرة على إغواء وإغراء الرجل بفتنتهوجمالها، كما أن الشيطان من خلال وسوسته يغوي الناس ويخرجهم عن الاستقامة.جاء هذا المثل في صورة تشبيه بليغ حذفت أداته ووجه الشبه المتمثل في الإغواء وتزيين الأمور، وبالنسبة لطرفيه؛ فطرفه الأول هو المرأة، أما طرفه الثاني فهو الشيطان.فالرجل هو صاحب القول الفصل في الثقافة التركية، وله المقام الأعلى، خاصة في شرق بلاد الأناضول، غير أن للمرأة تأثيرا كذلك في تصرفاته وقراراته، فهي تحاول إثبات وجودها من خلال التدخل غير المباشر في قراراته، وسلاحها في ذلك جمالها وفتنتها وهكذا نرى أن المثل التركي، من خلال النماذج السابقة يختزل المرأة في جانبها المادي والجسدي. ويمكنها أن تضيف على هذا الجانب شيئا من المكر كما رأينا فهي الشيطان، وبهذا تتمكن من قهر الرجل فيبدو أمام فتنتها ضعيفا كما هو الشأن في المثل الآتي: مكر المرأة يصرع الرجل. Kadın مرأة Fendذكاء'مكر Erkekرجل Yenmekهزم،فاز يقصد من هذا المثل عدم الاستخفاف بدهاء المرأة والاستهانة بها، لأنها وإن بدت بسيطة التفكير، إلا أنها بمناوراتها المختلفة الغير المتوقعة من طرف الرجل قادرة على النيل منه ودحره.والمتأمل لهذا المثل يجده قد صيغ بشيء من المبالغة، من خلال أسلوب الاستعارة، حيث تم تشبيه مكر المرأة ، وهو شيء مجرد، بالمقاتل الذي يصرع الرجال، جاعلا منه شيئا مجردا ليقربنا من قوة مكر المرأة ودهائها. لكنها مع كل هذا المكر والدهاء فلا يمكن للمجتمع التركي إلا أن يجعلها مضربا للمثل في عدم قول كلام مفيد؛ فكل كلام صادر عنها فارغ غير ذي فائدة وهذا ما ينطبق على المثال التالي:Kadınlar hamamına döndük . Kadınlarنساء Hamamحمام Dönmekتحول يقال هذا المثل عندما يتكلم الجميع في آن واحد حتى لا يسمع أحد كلام أحد، كما هو الحال في حمام النساء، إذ جميعهن يتكلمن في آن واحد، ويسمعن بعضهن من غير خطأ. إلا أن هذا المثل عندما يضرب، يقصد منه السخرية والاستهزاء ممن يتكلمون جميعا في آن واحد وبصوت عال في مكان واحد. Avratla oğluna sırrını deme. . لا تضع سرك عند ابنك ولا زوجتك Avratزوجة Oğulإبن Sırسر Demeلاتقل هذا المثلعبارة عن نصيحة ، يريدون به عدم منح الابن سرا يتعلق بمصير الأسرة، لأنه يسر كذلك إلى امرأة أخرى سواء كانت خليلته أم زوجته، أما الزوجة فلأنها لا تستطيعأن تكون مستودعا للأسرارنتيجة طبيعتها التي تدفعهالإفشاء ما بصدرها للآخرين، خاصة مع نساء أخريات.كما ينظر أيضا إليها باعتبارها مصدرا للعار في الكثير من الأحيان، لذا يستوجب أن تتم تربيتها عن طريق الضرب كما نجد في المثل القائل: Kızını dövmeyen dizini döver. من لم يضرب ابنته، ضرب على فخذه ندما. Kızبنت Dövmekضرب Dizفخذ فالمثل يخاطب الآباء المسؤولين عن تربية بناتهم ؛فإذا لم تؤدب البنتعن طريق الضرب والتعنيف بكل أشكاله، ، سيندمون إذا ما وقعن في ما لا يحمد عقباه نتيجة مستقبلا، وسيضرب الوالدان على أفخاذهما ندما وحسرة على إهمال تربية بناتهما، لأن الضرب وإن كان شيئا غير محمود في ذاته إلا أنه في غيابه قد تقع البنات فيما هو أشد وأبقى من الضرب الجسدي.جملة إنشائية، تحث أولياء الأمور على استعمال الوسائل وإن كانت غير جميلة في ذاتها إذاكانت ستمنع وقوع ما هو أشد وأشر.Kadının sofusu, şeytanın maskarası. إذا صار الرجل صوفيالمرأةيَعُدْ مَسْخَرَةَ الشيطان. Kadın مرأة Sofuصوفي Şeytanشيطان Maskaraمسخرة الرجل الذي يصبح تحت إمرة المرأة، كما الصوفي المريد يأتمر بأوامر شيخه، يكون ألعوبة في يد الشيطان يفعل به ما شاء، وإن كان لابد فحري بها أن تكون شيطانة هي الأخرى، لما لها من إغراء وإغواء شكلا سجيتها التي لا يمكنها أن تنسلخ منها. وهنا نجد تشبيهاللرجل المنقاد للمرأة كألعوبة للشيطان، وأداة التشبيه محذوفة، ووجه الشبه، هو الإغراء والإغواء. Gökyüzündedüğünvar desen, kadınlar mahşerkurmaya kalkar. لو أخبرت النساء عن فرح في المساء لحاولن إقامة المحشر في الدنيا Gökyüzüسماء Düğünعرس Varيوجد Demekقال Kadınlarنساء Mahşerمحشر Kurmaya kalkmakأقام،حاول يعبر المثل عن مدى استهواء النساء بالملذات والمتع، مثل الأفراح والحفلات التي تجمع كثيرا من الناس، واستغلالهن كل فرصة من أجل الاجتماع والخوض في محادثات غير مفيدة. كما أنهن يضخمن الأمور على بساطتها وهذا ما عبر عنه مجازيا في العبارة” لأقمن المحشر في الدنيا” وإذا كانت الأمثال السابقة قد سوقت صورة سلبية للمرأة، فإننا نجد على النقيض من ذلك، أمثالا أخرى ترسم صورة إيجابية لها من قبيل : Kadın erkeğin eşi, evinin güneşidir. .المرأة زوج الرجل وشمس البيت Kadın: مرأة Erkek:رجل Eş:زوجة Ev:بيت Güneş:شمس يقال للتعبير عن أن الرجل لا يستقيم حاله إلا معالمرأة، لأنها شطرهالثاني، ولا يسعد إلا بها، فبها يجد الرجل معنى لحياته، وهي تضيء حياته مثل الشمس. وتمت صياغة المثل في شكل تشبيه بليغ شبهت فيه المرأة بالشمس، ووجه الشبه الإشراق والإضاءة،وكما أن الشمس تكون سبب حياة وسعادة للناس بأشعتها القاضية لحوائجهم، فالمرأة كذلك هي سبب الحياة بالنسبة للرجل. Kadın var ev yapar, kadın var ev yıkar. هناك امرأة تنشئ عشا، وامرأة تنقضه. Kadın:مرأة Varيوجد Evبيت Yapmakصنع،بنى Yıkmakدمر،انقض تعبير عن مركزية المرأة في إدارة شؤون البيت، إذ عليها مدار السعادة والشقاوة، بها يسعد أهلها وبها يشقى. كناية عن دور المرأة الهام في بناءالأسرة ،وفي الوقت نفسه قدرتها على تحطيم هذا الكيان الأسري. وقد تم التعبير عن هذا المثل في شكل تعابير استعارية مجازية حيث جعلت المرأة كالعصفور الذي ينشيء العش ويبنيه، في حين صورت في الجزء الثاني من المثل بصورة الهادم لهذا العش. وهذا التناقض دل عليه الطباق بين تنشئ وتهدم.وقريب من هذا المثل مثل آخر يقول:Kadın rezil de eder vezir de. .المرأة قد تجعل منك وزيرا أو رذيلا Kadınمرأة Rezilرذيل Etmekجعل Vezirوزير تعبير عن مكانة المرأة، وقوة حيلتها، في جعل الرجل يصعد في مراقيالشهرة والجاه، أو العكس بأن تجعله ينزل إلى الحضيضليعيش حياة الذل والمهانة. وفي السياق ذاته نجد: Erkeği er eden de karıdır eriten de karıdır. من يجعل الرجل رجلا هو المرأة، ومن يذيبه مثل الجليد هو المرأة كذلك. Erkek،ذكررجل Erعسكري،فتى Etmekجعل Karزوجة Eritmekذوّب يستفاد عند إطلاقه مكانة المرأة ودورها الرئيسي في قوام الرجل واتزانه واعتداله، إذا نزعت عنه يد التأييد والنصرة وهن قوة الرجل حتى فقد ما لديه من الجليد الذائب عن حرارة المناخ.هنا التشبيه: تشبيه المرأة بما يذيب الثلج من طاقة حرارية، والرجل بالجليد، وأداة التشبيه محذوفة، ووجه الشبه قوة التحويل والتصيير. Bir adamın karısı o adamın yarısıdır. زوجة الرجل شطره. Bir:واحد Adam: رجل Karı: زوجة O: هو Yarı: شطر تعبير عن كون المرأة الجزء المكمل للرجل، إذ الرجل لا يكتمل ولا يرشد إلا بالمرأة. كناية عن أهمية مكانة المرأة في علاقتها بالرجل. وهذه الصورة التكاملية بين الرجل والمرأة نجدها في مثل آخر ولكن بصورة استعارية Erkek aslan dişisinden kuvvet alır. يستمد الأسد قوته. من اللَّبُؤَة. Erkekذكر Aslanأسد Dişiاُنثى،(لبوءة) Kuvvetقوة Almakأخد،استمد يفيد المثل أنه لا يمكن استهانة دور المرأة في الحياة الاجتماعية، لذا الرجال دائما في حاجة إلى من يساندهم من النساء، فمن حاز هذه المساندة والدعم يزدادون نحاجاوتوفيقا.. Yiğit meydanda belli olur. تظهر الرجولة في الميدان. Yiğitفتى،رجل Meydanحلبة،ميدان Belli Olmakظهر،عُرف إن الرجولة الحقيقية ليست في الكلام والامتداح، وإنما بالعمل والإنجاز. وكل ما يقال عن الرجولة في غير هذا لا يعدو أن يكون مجرد نَفْثٍ في الهواء. كناية عن أن الرجولة الحقيقية إنما تظهر في العمل لا الكلام، والرجولة هنا تعبير مجازي يقصد به القوة والعمل، وقد تم التعبير عن الرجولة وهي شيء مجرد بلفظ تظهر ليجعل منها شيئا محسوسا يمكنه أن يظهر ويرى، حتى يتمكن الجميع من رؤية قوة الرجل، فلاميدان هو معيار هذه الرجولة. كما أن الرجل يمكن أن يعرف بغير الميدان كما في المثل التالي: Adam ahbabından belli olur. يُعرف الرجل بخليله. Adamرجل Ahbabخليل،احباب،صديق Belli olmakعُرف،ظهر الإنسان يتأثر ممن حوله، خاصة إذا كان من حوله ممن لا يفارقه ويلازمه، حيث يكتسب منه عاداته لتتشكل سجيته وفق سجيته، إذ لا تكاد تحتاج إلى علامات زائدة لمعرفة الرجل أكثر من النظر في خليله الذي يصاحبه ويلاومه، كما كان يكون. ويؤيد ذلك المثل التركي الآخر القائل: “أخبرني عن صديقك، أخبر عنك”. كناية عن تأثر الأصدقاء من بعضهم البعض إلى درجة تبادل العادات والطبائع. وقد يعرف أيضا بغير هذه العلامات كما هو الحال بالنسبة للمثل التالي: Adamın iyisi alışverişte belli olur. .خير الرجال يعرف في التجارة Adamرجل İyiجيد،خير Alışverişالبيع والشراء Belli olmakعُرف كون الإنسان ما إذا كان شحيحا أم كريما، متساميا أم متذللا يعرف في التجارة، وعند تقاسم المصالح، لأن خير الرجال لا يؤثرون المصالح العابرة والشح على الصداقة والكرم والأخوة وسائر الفضائل.كناية على أن معدن الرجل يظهر عند تلاقيالمصالح العابرة ومعالي الأخلاق الباقية.Adamın yere bakanından, suyun ağır akanından kork. إتق ممن يطرق (ممن يخفي حاله) ومن الماء الجاري في هدوء. Adamرجل Yerأرض Suماء Ağırثقيل،بطيء Akmakجرى،سال Korkmakخاف،اتقىيضرب هذا المثل عند التحذير من خطر شأن من لا يُعرف حاله، لأن من لا يتكلم ولا يشارك الآخرين آراءه، ساكن سكون الماء الجاري في هدوء الذي يدل على عمق الماء. هناك التشبيه، المشبه هو الإنسان المتخفي في حاله، والمشبه به هو الماء، ووجه الشبه هو الخفاء والهدوء، وأداة التشبيه محذوفة. Adam eşeğinden karı döşeğinden belli olur. .يعرف الرجل بحماره والمرأة بسريرها Adamرجل Eşekحمار Karıزوجة Döşekسرير Belli olmak،ظهرعرف إهتمام الإنسان أو عدم اهتمامه بمقتنياته وممتلكاته يعطي عنه فكرة توضح طبيعته وسجيته. أو يعبر بهذا المثل عن مدى قيام كل من الرجل والمراةبمسؤولياتهما،والعكس من خلال النظر إلى أغراشهما، والملاحظ في هذا المثل أنه استعمل كلمة سرير كناية عن الأعمال المنزلية فالحكم على المرأة يتم عن طريق النظر في مدى اهتمامها في بيتها وبالتالي فالمرأة هنا جعلت لترعى البيت وشؤونه فقط، في حين أن الحمار هو كناية عن التنقل أي القيام بالأعمال التي تحتاج إلى حركة. وقريب منه المثل القائل: Erkek iş başında, kadın aş başında belli olur. يُعرف الرجل وهو يعمل، والمرأة وهي تطبخ. Erkekرجل İşعمل Başرأس Kadınمرأة Aşطبخ Belli olmakظهر،عُرف يقال تعبيرا عن واجب الرجل وواجب المرأة وإتقانهما في أداء واجباتهما. ويمكن النظر إلى هذا المثل في علاقته بالمثل الموالي لنعرف التقدير الذي يعطيه المجتمع للرجل العامل في مقابل الرجل الخامل: Er olan ekmeğini taştan çıkarır. الرجل هو من يقدر على إيجاد رزقه ولو كان من صخر أملس. Erعسكري،رجل Olmakكان،اصبح Ekmekخبز Taşحجر،صخرة Çıkarmakاخرجعبارة يراد منها التأكيد على كون الرجل قادرا على إنجاز أصعب المهام، وفيه دعوة إلى الجلد أمام الصعوبات للحث على مواصلة الاجتهاد وعدم الفتور. كناية عن عزم الرجل ومتانته وجلده حتى أمام كل ما يدعو إلى اليأس والفتور. الخاتمة: دراسة الأمثال التركية لها دور كبير في معرفة الثقافة التركية ونظرتهم إلى المسائل الإنسانية المختلفة. إن الصورة التي ترسمها الأمثال التركية لكل من الرجل والمرأة تتأرجح بين السلبي أحيانا، والإيجابي أحيانا أخرى وذلك حسب المقام التلفظي الذي ضرب فيه المثل. من الضروري كذلك مقابلة الأمثال التركية بالأمثال العربية، لكون بعضها متوافقة مع بعضها البعض إما لفظا أو معنى. الأمثال لها دورها في الحفاظ على اللغة وبالتالي على الموروث الثقافي، لابد من إيلاء الاهتمام بها، للحفاظ على بقاءها. البحث عن أسباب إطلاق تلك الأمثال حري به أن يكشف العوامل النفسية والاجتماعية وراءها، للوقوف على التطور النفسي والاجتماعي لدى شعب من الشعوب. والبحث المنجز هذا فقير إلى كثير من الأدوات العلمية الضرورية لذا من الواجب العمل على تعميقه أكثر وجعله في حلة علمية تستحق الجهود المبذولة. المصادر والمراجع: – Aksoy, Ömer Asım, Atasözleri ve Deyimler El Kitabı, Tercüman Yayınları, İstanbul/Türkiye/1968. – أكسوي، عمر عاصم، كتاب الأمثال و الأقوال، مطبعة إنقلاب، إسطنبول\تركيا\1968 – Aksoy, Ömer Asım, Kadın Ansiklopedisi, Tercüman Yayınları, İstanbul/Türkiye/1984. – أكسوي، عمر عاصم، موسوعة المرأة، مطبعة ترجمان، إسطنبول\تركيا\1984 – Batur, Zekeriya, Yıldırım, Gülbike, Orhun Yazıtlarında Anlama ve Anlatma Becerileri, Ankara/Türkiye/2013. – باتور، زكريا، يلدرمكلبكى،مهارات الفهم و الإفهام في كيابات أرهون، أنقرة/تركيا.2013/ – Kabaklı Doğan, Aysema, Murat, Ahmet, Özlü Sözler Antolojisi, İstanbul/Türkiye/1999. – كباكلي دوغان، أيسماء، مراد، أحمد، أنطولوجيا الأمثال، إسطنبول\تركيا\1999 – Pala, İskender, Atasözleri Sözlüğü, Servet Basım Yayınları, İstanbul/Türkiye/1992. -بالا، إسكندر،معجم الأمثال، مطبعة ثروة، إسطنبول/تركيا/1992. – Pala, İskender, İki Dirhem Bir Çekirdek, Kapı Yayınları, İstanbul/Türkiye/2005. – بالا، إسكندر، درهمان و نواة، مطبعة باب، إسطنبول/تركيا/2005. – Parlatır, İsmail, Atasözleri, Yargı Yayınları, Ankara,Türkiye,2008. – برلتر، إسماعيل، ألأمثال، مطبغةيارغي، إسطنبول/تركيا/2008. – Yazıcı, Numan, Atasözleri ve Deyimler, Rağbet Yayınları, İstanbul/Türkiye/2003. – يازجي، نومان، الأمثال والأقوال، مطبعة رغبة، إسطنبول/تركيا/2003. -العسكري، أبو هلال حسن بن سهل، جمهرة الأمثال، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم بن عبد المجيد قطامش، المؤسسة العربية الحديثة، ألقاهرة/مصر. محمد زيطان تطوان،المغرب في :17 نونبر2018 * باحث في سلك الماستر تخصص الادب العربي المغرب،تطوان / متخصص في الثقافة والادب التركي.