يعتبر الاخلال بالنظام العام وجه التشابه بين الجريمة الدولية والجريمة الداخلية، وذلك من خلال ارتكاب الافعال التي تعتبر مجرمة بنص القانون الجنائي، كما أن الجريمة سواء كانت دولية أو داخلية فإنها يمكن أن ترتكب من الشخص الطبيعي او من الشخص المعنوي ، غير أن الجريمة الدولية تتميز بأربع قواعد لا مثيل لها في الجريمة الداخلية، وهذه القواعد هي على الشكل التالي: 1. قاعدة استبعاد التقادم في الجريمة الدولية يقصد بالتقادم سقوط العقوبة أو الدعوى العمومية بمضي مدة معينة، وهذه القاعدة تأخذ بها معظم التشريعات الوطنية في الجرائم الداخلية، أما على المستوى الدولي ففي 15 ديسمبر 1970اتخذت الجمعية العامة لأمم المتحدة قرارها رقم 2712الذي جاء فيه: إن الاممالمتحدة تطلب من الدول المعنية مرة ثانية أن تقوم بجميع الاجراءات الضرورية من أجل التحقيق التام لجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية كما عرفتها المادة الأولى من اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكب ضد الانسانية للكشف وتوقيف وتسليم ومعاقبة كل مجرمي الحرب، والمتهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية الذين لم تجِر محاكمتهم ومعاقبتهم،”وفي 18 ديسمبر1971 صدر عن الاممالمتحدة بشكل رسمي القرار رقم2840الذي يؤكد عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية، ويحث الدول على الانضمام إلى معاهدة عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وقد لقت اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية ترحيبا من بعض الدول وقد انضمت اليها بدون أي تحفظ، وبعض الدول انضمت إلى اتفاقية عدم تقادم الجرائم ضد الإنسانية دون جرائم الحرب، بالرغم أن لجنة القانون الدولي لم تؤيد هذا التمييزالذي مارسته هذه الدول. 2. قاعدة استبعاد نظام العفو في الجريمة الدولية العفو هو تنازل المجتمع عن كل أو بعض حقوقه التي خلفتها الجريمة، وذلك لعدة أسباب، منها الرغبة في إسدال الستار على جريمة أو جرائم من نوع معين، و أيضا يكون العفو شاملا ويتعلق بالجريمة نفسها لشخص المجرم كما أنه يمحوها من دائرة التجريم، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 110 من نظام روما على ما يلي : “لا يجوز لدولة التنفيذ أن تفرج عن الشخص قبل انقضاء مدة العقوبة التي قضت بها المحكمة”،كما جاءت الفقرة الثانية من المادة نفسها لتردد أن: “للمحكمة وحدها البت في أي تخفيف للعقوبة. غير أنه يمكناستبعاد نظام العفو في الجرائم الدولية ولو لم تنص عليه المواد القانونية نظرا لعدم وجود السلطة المخولة بذلك؛ لأن العفو الخاص من اختصاص رئيس الدولة والعفو الشامل من اختصاص السلطة التشريعية، وهاتان السلطتان غير موجدتين في التنظيم الدولي، وعليه فإن استبعاد العفو من التطبيق في الجرائم الدولية أمرمناسب ومبرر. 3. قاعدة استبعاد الحصانة في الجريمة الدولية تمنح القوانين الوطنية بعض الأشخاص الاعتباريين في الدولة حصانة خاصة، وبالتالي إبعادهم عن المحاكمة أمام المحاكم الوطنية في حال اقترافهم أي جرائم،أما في القانون الجنائي الدولي فقد انتهى إلى عدم إعفاء رئيس الدولة أو الحاكم المقترف لجريمة دولية، ولو كان وقتها له صفة الرئيس أو الحاكم، حيث جاء في التقرير الذي قدمه المقرر الخاص للجنة القانون الدولي المعهود إليها صياغة مشروع قانون الجرائم المخلة بسلم الانسانية وأمنها سنة 1987: “إن الصفة الرسمية للفاعل وخصوصا كونه رئيس دولة أو حكومة، لا تعفيه من مسؤوليته الجنائية”. وهذا الموقف أكدته محكمة نورمبورغ أكتوبر 1946بموجب حكم لها حيث جاء فيه: “إن الحماية التي يوفرها القانون الدولي لمسؤولي الدولة لا يمكن تطبيقها على الأفعال الاجرامية، وليس لمرتكبيهذه الأفعال التذرع بصفتهم الرسمية لتفادي إجراءات المحاكمة العادية والافلات من العقاب، وهذا المبدأ أكده قرار الجمعية العامة رقم 95-1 المؤرخ11 ديسمبر 1946على أنه: “لا يعفى مقترف الجريمة من مسؤوليته ولو كان وقت ارتكابها يتصرف بوصفه رئيسا للدولة أو حاكما.