أعلنت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، تصعيد احتجاجاته ضد الحكومة عبر خطوات غير مسبوقة، مقررة خوض “أسبوع غضب الطبيب” من 15 إلى 21 أكتوبر الجاري، مهددة بالإقدام على الهجرة الجماعية للأطباء وشل المصالح الحيوية والمستعجلات بكل المستشفيات في حالة “استمرار الصمت الرهيب للحكومة”. ووصفت النقابة أوضاع قطاع الصحة بأنه يعيش على “وقع أزمة هيكلية أوصلته إلى مرحلة السكتة القلبية، فصار لا يستجيب لتطلعات المواطن ويعاني أعطاباً واختلالات بنيوية عميقة ومزمنة”، مهددة بتقديم لوائح استقالة جماعية للأطباء، ومقاطعة الفحوصات والتشريح الطبي. مقاطعة الفحوصات وقررت النقابة الاستمرار في احتجاجتها حتى الاستجابة لملفها المطلبي، عبر توقيف جميع الفحوصات الطبية بمراكز التشخيص من 15 إلى 19 أكتوبر، والامتناع عن تسليم جميع أنواع الشواهد الطبية المؤدى عنها بما فيها شواهد رخص السياقة، باستثناء شواهد الرخص المرضية المصاحبة للعلاج طيلة أسبوع الغضب، وخوض إضرابين وطنيين يومي الخميس 11 أكتوبر والجمعة 26 أكتوبر 2018، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات. وأعلنت النقابة مقاطعة حملة الصحة المدرسية لغياب الحد الأدنى للمعايير الطبية و الإدارية، ومقاطعة التشريح الطبي، وتقديم لوائح استقالة جماعية للأطباء، مع جراء بحث ميداني حول رغبة الأطباء في الهجرة الجماعية، بالموازاة مع الانخراط المكثف في مؤسسة الأعمال الاجتماعية “لرفع الحيف عن فئة الأطباء داخل المؤسسة والدفاع عن حقوقنا بصفتنا منخرطين كاملي العضوية”. وهدد المحتجون بإطلاق الإجراءات العملية لإضراب المصالح الحيوية والمستعجلات حتى يتم تعميمه على كل المستشفيات بجهات المملكة دون استثناء، “ليتسنى للحكومة المغربية اتخاذ الإجراءات الضرورية، من منطلق مسؤوليتها على صحة المغاربة و تحميلها مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلاً”. وأوضح المجلس الوطني للنقابة في بلاغ له اليوم الأربعاء، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن قطاع الصحة “يمر بظرفية حرجة ومؤسفة”، مشيرا إلى المعركة النضالية للأطباء أكملت سنتها الأولى، حيث عرفت 15 إضراباً وطنيا، و3 مسيرات ووقفات احتجاجية وطنية (16 أكتوبر 2017، 10 فبراير 2018، 13 ماي 2018)، و3 أسابيع غضب ﴿7-13ماي 2018/ 11-17يونيو 2018/ 2-8يوليوز 2018﴾، مع عشرات الوقفات الجهوية. الهجرة.. حل غير مستبعد الكاتب العام الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام مولاي عبد الله العلوي المنتظر، أوضح أن تهديد الأطباء بالهجرة الجماعية خارج المغرب والتوقف عن العمل بالمصالح الحيوية كالإنعاش والمستعجلات، يأتي في ظل عدم تجاوب الحكومة مع مطالبهم، داعيا كل وزارة معنية بالموضوع إلى توضيح موقفها من الملف المطلبي للنقابة. وقال المنتظر في اتصال لجريدة “العمق”، إن الأطباء لا يتمنون الوصول إلى مستوى تنفيذ تهديدهم بالهجرة والاستقالة، “غير أنه إذا استمر الوضع هكذا دون تدخل الحكومة، سنضطر إلى خوض هذه الخطوات بالتدرج وبالوسائل القانونية وليس بشكل عشوائي”، لافتا إلى أن الأطر الطبية تعيش “خصاصا مهولا وظروفا صعبة مع غياب أي محفزات”. وأكد المتحدث على أن المحتجين متشبثون بملفهم المطلبي ولن يتراجعوا عنه قيد أنملة، مردفا بالقول: “نحن الأطباء ضحايا الوضع كما هو الشأن بالنسبة للمواطنين، نريد تحسين ظروفنا من أجل تحسين ظروف التطبيب والصحة، لكن مع سياسة الأذان الصماء التي تنهجها الحكومة لا نستبعد تنفيذ تهديداتنا بالهجرة الجماعية وشل المصالح الحيوية بمستشفيات المملكة”. وقررت النقابة ذاتها تفعيل المرحلة الثانية من فرض الشروط العلمية للممارسة الطبية داخل المؤسسات الصحية بداية بالمركبات الجراحية، واستمرار مقاطعة جميع الأعمال الإدارية الغير طبية من التقارير الدورية وسجلات المرتفقين والإحصائيات باستثناء الإخطار بالأمراض الإجبارية التصريح . كما أعلنت النقابة مقاطعة الشواهد الإدارية باستثناء شواهد الولادة و الوفاة، والاجتماعات الإدارية و التكوينية، ومقاطعة تغطية التظاهرات الغير معوض عنها، والقوافل الطبية، بالموازاة مع الاستمرار في إضراب الأختام الطبية، وحمل الشارة 509، حسب البلاغ ذاته. “اختلالات” وسجلت نقابة أطباء القطاع العام، نقص الميزانية المخصصة للصحة والتي تضل في حدود 5% رغم احتياجها على الأقل لنسبة 10% حسب المنظمة العالمية للصحة، و”التخبط في تنزيل نظام الراميد والصعوبات التي يجدها المرتفقون في الحصول على العلاج، والفشل في تمويل هذا النظام الذي يسير الى الإفلاس”. وأشارت إلى إغلاق العديد من المؤسسات الصحية و”حرمان” المواطنين من خدماتها، مع “نزيف الاستقالات الذي ضرب في العمق المنظومة الصحية وعمق أزمة الخصاص في الموارد البشرية، وتردي البنية التحتية في العديد من المستشفيات والمؤسسات الصحية، وهي عبارة عن مباني قديمة متهالكة في كثير من الحالات”. وأضاف البلاغ أن العديد من المؤسسات الصحية تعرف “مشاكل الصيانة والتعقيم في غياب أي إرادة لعلاج المشكل”، إضافة إلى إشكالية المستعجلات والضغط على هاته الأقسام وعلى الموارد البشرية العاملة بها، واضطرار المرتفقين لشراء العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية بهاته الأقسام. ورصدت النقابة ذاتها، ارتفاع نسبة إنفاق الأسر على الصحة “نظراً للفشل في تعميم التغطية الصحية وتعدد الأنظمة وغياب التكامل فيها بينها”، منبهة إلى مشكل الحكامة ومحاربة الفساد خصوصاً في العديد من الصفقات العمومية حسب تقارير المجلس الأعلى للحسابات، حسب تعبير البلاغ. الملف المطلبي واستغربت النقابة “استمرار صمت الحكومة المغربية أمام دعوات الجسم الطبي العمومي بكافة أطيافه لتدخلها العاجل لإنقاذ قطاع الصحة الذي أصبح مصدرا للتوترات الاجتماعية، والاستجابة للمطالب العادلة و المشروعة للأطباء، التي أهملت لسنوات طويلة، لأنه من البديهي أن أي إصلاح للقطاع لا يضع تسوية وضعية الموارد البشرية كقاعدة صلبة للإصلاح فمصيره الفشل، وتضييع سنوات أخرى سيتحمل تداعياتها المواطن المغربي بحرمانه من حقه الدستوري في الصحة”. وتساءل المجلس الوطني للحزب عن “سر هذا الصمت الذي طال، وهل فعلاً ورغم كل شعارات إصلاح الصحة، أصبح الطبيب ومعه قطاع الصحة ضحية لتجادبات حزبية سياسوية داخل مكونات الحكومة المغربية، خصوصاً أن النقابة المستقلة دعت رئيس الحكومة المغربية ووزير المالية ووزير الصحة إلى إعطاء موقف واضح رسمي ومسؤول من مطالب الأطباء، لكن إلى اليوم لم يقدم أي جواب، بل هناك غياب للحوار الاجتماعي رغم استعجالية الوضعية الحالية لقطاع الصحة وملحاحية المطالب”. وسجل المصدر ذاته “النقص الحاد في الموارد البشرية ونقص المعدات الطبية والبيوطبية، وغياب الحد الادنى للشروط العلمية للممارسة الطبية السليمة و الإنسانية، بالإضافة إلى حالة الإحباط والاكتئاب الوظيفي العام الذي يعاني منه الأطباء نتيجة لظروف عمل قاسية وغير منصفة، وتنامي الاعتداءات اللفظية والجسدية وحملة التشويه الممنهحة التي تعرضوا لها”. وأكد البلاغ “استمرار المعركة النضالية إلى غاية تحقيق المطالب العادلة والمشروعة، وعلى رأسها أولوية الأولويات بتخويل الرقم الاستدلالي 509 كامل ومكمول كمدخل للمعادلة، وإضافة درجتين بعد خارج الإطار، والزيادة في مناصب الإقامة والداخلية، وتوفير الشروط الطبية داخل المؤسسات الصحية لعلاج المواطن المغربي، وتفعيل اتفاق 2015 خصوصا في شقه المتعلق بتقنين ممارسة أطباء القطاع العام بالقطاع الخاص”. كما شدد على ضرورة الاستجابة لباقي نقاط الملف المطلبي العاجلة، من قبيل مراجعة القوانين المجحفة المؤطرة للحراسة و الإلزامية، وإيجاد حل لاشكالية المعوض للمنتقلين في إطار الحركة الانتقالية، وتعميم تخصص الصحة الجماعاتية وطب الأسرة على الأطباء العامين الحاليين، كمدخل أساسي لإصلاح منظومة الصحة، والعمل بجدية على توفير الحماية و الأمن داخل المؤسسات الصحية.