في خرجته الأخيرة، علق عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة السابق، على إحساس الملك بأن شيئا ما ينقصنا، بقوله: "ما ينقصك سيدي هو أن يكون معك رجال مخلصون بالشكل المطلوب". فهل فعلا ما ينقص الملك هو رجال مخلصون؟ ألا يوجد مثل هذا الصنف من الرجال حول الملك؟! إن المتأمل لبنية المحيط الملكي يجده متشكلا من ثلاث فئات أساسية: * رجال إخلاصهم للملك يدور وجودا وعدما مع مصالحهم، فهؤلاء يجتهدون في أن يصوروا للملك مصالحهم الخاصة في صورة مصلحة عامة، طبعا هؤلاء ولاؤهم الحقيقي لمصالحهم، ويمكن أن يضحوا بأي شيء في سبيل حفظ هذه المصالح بما في ذلك -ربما- إخلاصهم للملك. * الصنف الثاني هم التكنقراط الذين تربطهم بالملك علاقة إدارية، هؤلاء مهما بلغت كفاءتهم فإنهم يجتهدون في تنفيذ الأوامر وإنجاز ما طلب منهم دون مراجعة ولا إبداع، حتى لو كان تنفيذ ما يطلب منهم في غير صالح الملك ولا صالح الوطن، هؤلاء أيضا إخلاصهم الحقيقي لأجورهم ووظائفهم، وعلاقتهم بالملك علاقة إدارية لا أكثر. * الصنف الثالث هم رجال مخلصون حقيقة للملك، محبون لشخصه، لا لمصلحة ولا لأجر، يقدرونه، بل وأحيانا يقدسون شخصه، ومستعدون لأن يضحوا بكل شيء في سبيله، وحريصون على أن يقولوا للملك ما يحب سماعه فقط، لاعتقادهم أن إخلاصهم واحترامهم للملك يقتضي ألا ينقلوا له إلا ما يرضيه، حتى لوكان ذلك سوء تقدير قد يضر بمصلحة الوطن. إذن ما الذي ينقص..؟! نحتاج لرجال مخلصين للملك، صادقين، إخلاصهم وارتباطهم بالملك عقيدة راسخة في ضمائرهم، ولا تحركهم إلا المصلحة العامة، وإخلاصهم يدفعهم إلى أن يصدقوا الملك وينقلوا له الحقيقة كما هي، حتى ولو كانت صعبة، حتى لو كانت مزعجة، لأنهم يعتبرون ذلك من باب النصيحة الواجبة التي يتعبدون بها خالقهم، بعيدا عن أي تملق أو سعي لأجر دنيوي. هؤلاء لا يتخلون عن إخلاصهم حتى لو "تخلى" عنهم الملك بل حتى لو "سجنهم".. فإخلاصهم ليس مكافئ ولا رهين بموقف الملك منهم، بل هو عبادة يتقربون بها لربهم، لذلك ارتبط الإخلاص عندهم بالصدق. هؤلاء ليسو بالضرورة رجال دين بل منهم علماء الدين والسياسة والاقتصاد. فالذي ينقص الملك رجال مخلصون، ولكن صادقون أيضا، ينقصون بمعنى أنهم موجودون لكن بشكل غير كافي أو غير مؤثر.