في إشارة واضحة وليست الأولى من نوعها أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى ال19 لتربعه على العرش، على أهمية وضع أطر وسياسات وطنية للشباب كأحد العوامل المساهمة في تحقيق التنمية الحقيقية عبر#تمكين_الشباب وإعطاءهم الآليات والمفاتيح التي تسهل ولوجهم لتدبير الشأن العام المحلي، تسهيل حضورهم في جميع مستويات التنمية سواء المحلية أو الجهوية أو الوطنية، مع احترام إرادتهم في التغيير، مع اعتماد المنهجية الديمقراطية التشاركية والادرك التام أن أي تهميش أو إغفال لهذه القوة الجديدة الفاعلة في حاضر التنمية هو انتكاسة في مستقبلها. كلها دوافع تتماشى مع تجديد ميثاق اللاتمركز للاستثمار في تجديد النصوص القانونية،مواكبة للإصلاح الجهوي الأخير باعتباره الإطار الملائم لانسجام السياسات العمومية ولبرمجة مشاريع مختلف القطاعات الحكومية خاصة الشبابية، على أن تتولى الإدارات الإقليمية مهمة تنفيذ السياسات العمومية وإنجاز برامج التضامن والتماسك الإجتماعي، وكذا المواكبة والمساعدة التقنية لفائدة الجماعات الترابية، واستقطاب النخب الشابة للمشاركة السياسية،الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية،عبر تنمية ثقافتهم السياسية و تقوية العلاقة بالمؤسسات التشريعية، من خلال إرادة النخبة السياسية لتجديد النخب متجاوزة منطق الشيخوخة في ممارستها السياسية،مساندة بذلك الشباب داعمة لهم للانخراط فيالمسار السياسي عبرتماشي توجيهات الشبيبة الحزبية مع مضامين البرامج التنموية و الجهوية المتقدمة، ودعوة صريحة تضمنها الخطاب الملكي للفاعلين السياسيين والمؤسسات لإشراك الشباب كأداة فعالة للبناء والتنمية وقائدي عجلة التقدم، كما جاء بصريح العبارة "تعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، لأن أبناء اليوم، هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم". رسالة مفادها تجاوز المعيقات وتصحيح الاختلالات وتحدي العقبات التي تقع امام سيرورة خطط تمكين الشباب، والتي تتمثل اساسا في غياب الإدراك التام بأهمية إشراك الشباب، تغييب الجهات الرسمية تفعيله ضمن خططها واستراتيجياتها، عدم الاعتماد على تنمية ذاتية شبابية ذات توجه إنتاجي، لاسيما الإنتاج لغاية سد الاحتياجات الداخلية المحلية أولا، إهمال التفاعل مع مشاريع تمكين الشباب مما يعد دافع لإحباطهم، وبعزيمة قوية صرح الملك محمد السادس "وسنواصل السير معا، والعمل سويا، لتجاوز المعيقات الظرفية والموضوعية، وتوفير الظروف الملائمة، لمواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وخلق فرص الشغل، وضمان العيش الكريم". يتضح لنا من خلال هذه الرسائل الهامة إشارة إلى ضرورة تفعيل آليات مشاركة الشباب في التنمية، وخاصة ماجاء به دستور 2011، الذي تضمن مؤسسات وقوانين يستطيع الشباب أن يمارس من خلالها حقوقه وحرياته، الفصل 33 عبر التدابير الملائمة لتحقيق مشاركة الشباب في التنمية "على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي:-توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني، تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا، والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات. يُحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل تحقيق هذه الأهداف". الفصل 170 تنصيص حول المهام المنوطة بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المكلفبحماية الشباب والنهوض بأوضاعه "اذ يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي،المحدث بموجب الفصل 33 من هذا الدستور،هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية.وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة. وإشادة ملفتة بأهمية توفير المناخ الديمقراطي، من خلال آليات للحوار الاجتماعي، والنقاش المشترك الجاد على المستوى المحلي والجهوي،من اجل الاجابة عن تساؤلات وتطلعات هذه القوة البشرية المهمة، والمشاركة في تشخيص، اعداد، تنفيذ، تتبع وتقييم السياسات العمومية، التي ترتبط بمختلف النواحي والمجالات المتعلقة بالحياة من حيث المضمون، كالأمن والدفاع والصحة والتعليم والشغل والسكن والبيئة، والتي تتميزبتعدد المتدخلين والمؤثرين فيها،كما انها تقوم على مبدأ الشرعية، بمعنى ضرورة ارتكازها على نصوص دستورية أو قانونية أو تنظيمية واضحة التي تحوي الشباب كفاعلين ومستفيدين، انطلاقا من قول صاحب الجلالة "لذا، أدعو الحكومة وجميع الفاعلين المعنيين، للقيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة، للبرامج والسياسات الوطنية، في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، وكذا رفع اقتراحات بشأن تقييمها".إرساء نظام الحكامة واعتماد الديمقراطية التشاركية وهي مسلسل جعل الوسائط الاجتماعية وخاصة فئة الشباب فاعلين في التنمية على اساس معايير وهي المسؤولية المتبادلة، المصلحة العامة والحكامةالجيدة، كلها تصب في مسار السياسات والقرارات العمومية،مما نص عليه الفصل 13 على أن "تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها". كذلك الفصل 139 الذي نص على آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها. مما يوحي ان دسترة هيئات التشاور و الحق في تقديم العرائض و ملتمسات تشريعية أحد أهم أركان الديمقراطية التشاركية. خاصة لدى الجماعات الترابية والهيئات المحدثة لديها، نستحضر هنا الهيئات الاستشارية الثلاث على مستوى مجالس الجهات خاصة هيئة تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب، مما يستلزم تقويتها واشراكها كمؤشر منمؤشرات تنظيم العلاقة بين المؤسسات الدستورية المنتخبة والشباب، و المشاركة العامة في مسار صناعة القرارات. اضافة للهيئتين الاستشاريتين الأولى بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختض بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، والثانية بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين تهتم بدراسة القضايا ذات الطابع الاقتصادي . وقد عرف هذا التوجه الجديد انتشارا واسعا في العديد من دول العالم خصوصا بعدما بينت التجربة عن نجاح باهر في الوصول للغايات والأهداف المسطرة، وإشراك واسع للمجتمع المدني والشباب في تدبير الشؤون العامة والمحلية.لترسيخ التنمية الحقيقية الواقعية بعيدا عن التخبط في أوتار التنمية الخيالية، وسعيا وراء تحقيق ثنائية تمكين الشباب التي تتمثل في تعزيز قدراتهم وتوسيع فرصهم في تحقيق ذواتهم وتحسين ظروفهم. * باحثة في القانون الدولي الانساني وحقوق الانسان – فاعلة جمعوية