انطلق على مفهوم الهجرة، الترك، الابتعاد، الاجتناب والانتقال. وهذا المفهوم هو الأساس والركيزة الأولى التي ينبني عليها أي نظام نريد تأسيسه اقتصادي، اجتماعين سياسي ... وأن هذا الهجر لابد له من تضحيات، لأن هجر العادات و التقاليد والابتعاد عن المألوف من أصعب التكاليف، ويعتبر قاطبة الناس أن النظام الساري به العمل اليوم لازال في جادة الصواب رغم أن كنهه و لبه فاسد و مبني على قاعدة هشة. هجرة الرسول الكريم خير مثال لهذا التمثيل، حيث أمر الله سبحانه و تعالى الرسول صلى الله عليه و سلم بقوله "يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر"، أي اهجر وتحرر من كل ألوان الجاهلية، من تقاليد وعادات ومعاملات –التي حرم الله- والدخول في كنف النظام الإسلامي الشمولي بكل تجلياته المترابطة الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، الأخلاقية والمعاملاتية... أيضا مثال توضيحي اخر لهذا المفهوم .. الكثير منا في هذا العصر لا يعلم الفروق الجوهرية بين البنوك التقليدية –الربوية- و البنوك الإسلامية، وجلهم يعتبر الفرق الجوهري في التعامل بالربا أخدا و عطاءا. لكن الفرق الجوهري والفيصل بين البنكين هو الأساس، فالبنوك الإسلامية لبها وقاعدتها عقيدة التوحيد الخالصة المتجردة لله وتستمد قواعدها من كتاب الله و سنة رسوله الكريم، بينما البنوك التقليدية أساسها تحقيق أكبر ربح مادي ومعنوي و إنجاح مشاريعها الاستثمارية، وكل الوسائل المستعملة مباحة شرط التقيد بأهدافها، وكل القواعد المستعملة في هذا النظام من التشريع الآدمي والمعاملات الدولية الجاري بها العمل في المحافل الدولية. لكن هذا الهجر يستلزم منا منطقا و قواعد : أولاها : وضع نظام اقتصادي متجرد عن الانظمة السابقة ووضع أسسه و أنظمته الاقتصادية المنبثقة من كتاب الله وسنة نبيه واجتهاد اتباعه و الفهم ايضا الصحيح للاسلام . لايجوز بالبت والمطلق تطبيق النظام المصرفي الاسلامي في قاعدة رأسمالها مبني على حرام شرعا – الربا –. وهذا النوع من التجارة تستغله وتستعمله بعض البنوك التقليدية وذلك بعرض منتوجات و خدمات اسلامية بغرض استهداف طبقة معينة من المجتمع تتجنب التعامل بمفهوم الربا، وهذا للاسف التوجه الذي خطت عليه مجموعة من البنوك العالمية. لان هدفها الوحيد والأوحد تراكم الثروات والارباح ولو على حساب الفقير والمحتاج . ثانيا: تهييئ الظروف الملائمة لتطبيق هذا النظام خاصة البنية التحتية و ادوات التعامل الخاصة و اطر كفؤة قادرة على تنزيل هذا المشروع، و أيضا أطر شرعية تسهر على مراقبة المعاملات و مطابقتها مع المعاملات الاسلامية.