هل تعود لغة الحوار بين المغرب والجزائر بوساطة أمريكية؟    المستشار الخاص للرئيس ترامب للشؤون الإفريقية: تجديد تأكيد الولايات المتحدة على دعمها لسيادة المغرب على صحرائه قوي ولا لبس فيه    الدرهم يرتفع مقابل الدولار    إطلاق أول شهادة مغربية في صيانة بطاريات السيارات الكهربائية بشراكة مع رشيد اليزمي    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الأخضر    "ميرسك" تنفي نقل السلاح لإسرائيل عبر موانئ مغربية    "البرلمانات الداعمة لفلسطین" تعتزم إنشاء مجموعة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين    كأس "الكاف".. نهضة بركان يواصل سعيه نحو ثالث تتويج قاري    كأس افريقيا للأمم لأقل من 17 سنة.. لقجع يحث المنتخب الوطني على خوض النهائي أمام مالي بعزيمة وتنافسية    طقس السبت حار بأقصى الجنوب وممطر في باقي المناطق    توقيف مواطن نرويجي مبحوث عنه دوليًا بالدار البيضاء    كيوسك السبت | أشغال إنشاء وإعادة تأهيل الملاعب "الكان" تسير بشكل جيد    المنتخب الإيفواري يظفر بالمركز الثالث بتغلبه على نظيره البوركينابي بركلات الترجيح (4-1)    معهد أمريكي يقدم حججًا قوية تدعو واشنطن إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    لقجع يساند الأشبال قبل نهائي كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة    ملف التازي يُطوى في مرحلته الاستئنافية.. البراءة من الاتجار بالبشر والزوجة خارج أسوار السجن    المحكمة تدين المتورطة في الاعتداء على سلمى بتسعة أشهر نافذة    تونس تصدر أحكاما بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما على معارضين    تونس تُصدر أحكاما ثقيلة على معارضين    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    وداعا للورق.. المغرب يدخل عصر رقمنة وثائق الحالة المدنية    اعترافات قضائية خطيرة.. هشام جيراندو "مسخوط الوالدين" وعائلته تتبرأ من جرائمه    هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    مغربية الصحراء تكتسب زخما دوليا غير مسبوق    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    الناصري ينفي التهم الموجهة إليه في قضية "إسكوبار الصحراء" ويكشف تفاصيل عن لطيفة رأفت وتاجر المخدرات "المالي"    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    عمر هلال: العودة إلى الصحراء المغربية مشروطة بالإحصاء الإسباني لعام 1974    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية الأمازيغية القومية والتوسع الإمبريالي العربي الإسلامي
نشر في العمق المغربي يوم 23 - 06 - 2018

يتساءل كثير من المغاربة ويقولون كلاما من قبيل: بماذا ستنفعني الهوية الأمازيغية القومية للمغرب؟! هل ستطعمني؟! هل ستسقيني؟! هل ستأويني؟! هل ستضمن لي وظيفة مريحة وراتبا سمينا وشقة فخمة؟!
أليست الهوية الأمازيغية للمغرب مجرد كلام فارغ ومضيعة للوقت وترفا فكريا وسفسطة فارغة ونعرة عنصرية؟!
(نفس هؤلاء ستجدهم بعد بضع دقائق يحدثونكحول "العالم العربي" و"العروبة" و"المغرب العربي" و"الأخوة العربية" و"ضرورة التعريب" و"الهوية العربية الإسلامية". والطريف هو أنهم لا يطالبون "الهوية العربية الإسلامية" أو اللغة العربية بأن تضمن لهم الأكل والشرب والوظيفة والشقة، ولا يعتبرون "الهوية العربية الإسلامية" نعرة عنصرية أو دينية! إذن هذا كيل بمكيالين.)
الجواب هو كالتالي:
أولا، من الذي قال لك أيها المغربي أن "الهوية الأمازيغية" هي وصفة سحرية لحل مشاكلك الاقتصادية الخبزية العويصة؟! أنت فقط من يتخيل ذلك، وأنت من يتخيل أن الآخرين يقولون لك ذلك.
ثانيا، لماذا لا تذهب أيها المغربي إلى السعوديين والقطريين والفلسطينيين وتسألهم عن سر تمسكهم بهويتهم العربية؟ لماذا لا تقول لهم: بماذا ستنفعكم "هويتكم العربية" و"لغتكم العربية" أيها السعوديون؟! هل ستطعمكم أو تسقيكم أو تضمن لكم الشغل؟! ألستم معتمدين على الغرب الأوروبي والأمريكي في كل مناحي حياتكم من اقتصاد وتعليم وتسليح كبقية شعوب العالم الثالث؟! لماذا لا تتخلصون أيها العرب من هذه "النعرة العربية العنصرية" وتتحولون إلى أمريكان أو فرس أو هنود أو كرد أو أمازيغ؟!
ثالثا، إذا كنت أيها المغربي تعتبر أن المغرب بلد عربي بسبب انتشار اللغتين الدارجة والعربيةفيه جزئيا فعليك إذن(بنفس المنطق) أن تعتبر المغرب بلدا فرنسيا لأن اللغة الفرنسية منتشرة فيه كلغة رسمية إجبارية بإرادة الدولة المغربية،فضلا عن تهافت كثير من المغاربة على إقحام الفرنسية في كلامهم وحياتهم بشكل إرادي يبلغ أحيانا درجة مضحكة حين يحاولون أن يكونوا فرنسيين أكثر من الفرنسيين.
أما الحقيقة فهي أن اللغة لا تحدد هوية الشعب خصوصا إذا كانت لغة أجنبية الأصل والمنشإ كما هي اللغة الفرنسية التي جاءت من فرنسا وكما هي اللغة العربية التي جاءت من الحجاز وكما هي اللغة العبرية التي جاءت من إسرائيل القديمة أو بلاد يهودا Judaea القديمة.
الحقيقة هي أن المغرب ليس بلدا عربيا ولا بلدا عبريا ولا بلدا فرنسيا ولا بلدا أندلسيا بل هو بلد أمازيغي وشعب أمازيغي مثل الجزائر وتونس وليبيا. ووجود عدد من المهاجرين اليهود العبريين والعرب والأندلسيين في المغرب لا يغير من هويته الأمازيغية شيئا، مثلما أن وجود عدد من المهاجرين الحبشيين والفرس والصوماليين والهنود في الحجاز لا يغير من هويته العربية شيئا.
1) لاش كا تصلاح "الهوية المازْغية" ديال المغريب؟
الوعي بالهوية الأمازيغية للمغرب بلدا وشعبا لا يحل مشاكلك الاقتصادية والخبزية اليومية العويصة أيها المغربي مثلما أن وعي المواطن السعودي بهويته العربية لا يحل مشاكله الاقتصادية والخبزية.
فلأي شيء تصلح هذه "الهوية الأمازيغية" إذن؟
الوعي بالهوية الأمازيغية القومية متعلق بالقضايا الفوق-خبزية، أي القضايا الكبرى كالذاكرة التاريخية والاستقلال السياسي والحضاري والتفرد والتميز عن بقية الشعوب وحماية مصالح الشعب وحريته.
لو كان الأمر مجرد خبز وأكل وشرب وشقة سكنية وشوارع نظيفةفلا شك في أن أحوال المغرب ستتحسن بسرعة صاروخية إذا دخل المغرب الآن تحت الحكم الأمريكي أو تحت الحكم الياباني أو تحت الحكمالبريطاني أو الألماني أو الهولندي أو الدانماركي.
ولا عجب في تهافت المغاربة خصوصاوالأمازيغ عموما على الهجرة إلى أوروبا الغربية وأمريكا وكندا، فهم يعلمون علم اليقين أن أحوالهم المادية والمعيشية ستتحسن بشكل شبه فوري بمجرد استقرارهم بتلك البلدان المتقدمة تحت حكم حكوماتها العلمانية الديمقراطية وفي مناخ الحريات فيها.
ولكن قضية الهوية الوطنية الأمازيغية القومية للمغرب هي التي تجعل الدخول تحت حكم دولة أجنبية غنية ثرية ناجحة أمرا مرفوضا من حيث المبدإ رغم منافعه الاقتصادية المؤكدة. فقضية الهوية الوطنية تقتضي الاستقلالية التامة عن الأجانب سواء كانوا متقدمين مثل ألمانيا وأمريكا أو متخلفين مثل السعودية واليمن.
لذلك فإن من يقحم المنفعة الاقتصادية في مسألة الهوية الأمازيغية القومية للمغرب أو يطالب الأمازيغية بحل مشاكله الخبزية هو يخلط بين مجالين غير قابلين للخلط.
الهوية القومية الأمازيغية متعلقة بالذاكرة الجماعية التاريخية للشعب الأمازيغي المغربي وبحريته واستقلاليته وتميزه عن بقية القوميات والشعوب مهما كانت حالته الاقتصادية والخبزية.
إذن لكي نترجم هذا إلى حالة المغرب حاليا فإن:
– الوعي بالهوية الأمازيغية هو الذي يجعلك أيها المغربي تعتبر تحرير مليلية (Mřič) وسبتة (Sebta) والجزر المغربية ال21 التي تحتلها إسبانياحالياأولوية قصوى ومطلقة تكون فوق رغبة العرب في تحرير القدس وحيفا وعكّا والجولان من إسرائيل. بدون الوعي بالهوية الأمازيغية لبلده فالمغربي لا يبالي بالأراضي المغربية المحتلة لأنه يعتبر نفسه أجنبيا مهاجرا زائراللمغرب، بل هو قد يضع أراضي "إخوته العرب" المحتلة في آسيا كالقدس وحيفا وعكا في مرتبة أعلى من أراضي المغرب الأمازيغي المحتلة من طرف إسبانيا. وهذا الظاهرة نراها بوضوح لدى كثير من المغاربة المعتنقين للقومية العربية. فالقومية العربية هي التي تجعل المغاربة يضعون مصالح فلسطين ولبنان والعراق وسوريا فوق مصالح المغرب. القومية العربية هي التي تجعل المغاربة يضعون القدس فوق مليليةMřič. أما المغربي/الأمازيغي السوي الطبيعي الواعي بهويته الأمازيغية المغربية فهو يعتبر تحرير مليلية وسبتة وجزر المغرب من الاحتلال الإسباني وتحرير مدينة تيفاريتي Tifariti المغربية من الاحتلال البوليساري أولوية قصوى تسمو بشكل مطلق فوق تحرير أية مدينة أجنبية كالقدس أو حيفا أو عكّا أو مكة أو غزة أو الجولان أو صنعاء أو عدن أو دمشق أو حلب.
– الوعي بالهوية الأمازيغية هو الذي يجعلك ترفض تأسيس "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" من طرف البوليساريو على أرض أمازيغية مغربية. والشباب الانفصالي في مدن المغرب الجنوبية مثل العيون والداخلة ينجر وراء الدعاية الانفصالية القومية العربية لأن دماغه مسمم وملوثبالدعاية القومية العربية التي أنتجت حلم إقامة جمهورية عربية صحراوية على أرض أمازيغية مغربية. لو كان الشباب الانفصاليفي الجنوب المغربي واعيا بهويته الأمازيغية وبالهوية الأمازيغية لتلك الأقاليم المغربية لما سقط في حماقة "الجمهورية العربية الصحراوية" ولما اهتم أصلا بالانفصال عن المغرب لأنه لا معنى ولا فائدة في انفصال إقليم أمازيغي عن بلد أمازيغي.
– الوعي بالهوية الأمازيغية للمغرب هو الذي يجعل المغربي يضع مصلحة المغرب فوق مصلحة السعودية وفرنسا وفلسطين وإسرائيل وفوق مصلحة العرب والفرس والشيعة والسنة.
– الوعي بالهوية الأمازيغية للمغرب هو الذي يحمي شباب المغرب من الذهاب إلى سوريا والعراق ومدن أوروبا للانفجار في سبيل الدولة الإسلامية أو في سبيل فلسطين وسوريا أو للانفجار في سبيل تحسين الموقع الاستراتيجي والتفاوضي للسعودية أمام عدوتها اللدودة إيران. هل رأيتم نتيجة القومية العربية والإسلام السياسي على المغرب والمغاربة؟ تحويل اللحم المغربي البشري إلى سلاح رخيص يتقاتل به العرب ضد الفرس ويتقاتل به السنة ضد الشيعة.
– الوعي بالهوية الأمازيغية هو الذي يحفزك على تعلم لغة أجدادك الأمازيغية، لغة المغاربة القدامى، وكتابتها والإبداع بها في العلوم والفنون والآداب والسينما لتكون لغة راقية متقدمة بجانب لغات العالم الأخرى.
أما المغربي الذي يرفض الهوية الأمازيغية للمغرب ويحاربها فهو في الحقيقة يحاول إخبار المغاربة بأنه مهاجر أجنبي أبدي يقيم بالمغرببصفة "أجنبي" ويرفض الاندماج في هوية المغرب الأمازيغيةوجاء إلى المغرب ليدافع عن هوية ومصالح شعب أجنبي عربي أو يهودي أو أندلسي أو فرنسي أو غيره.
2) الهوية الأمازيغية تضع قضايا المغرب بالنسبة للمغاربة فوق قضايا الشعوب الأجنبية:
إن المغربي الذي يردد في عام 2018 أنه عربي جاء أجداده من الحجاز وأنه يريد أن يبقى عربيا إلى الأبد في المغرب وأنه يريد تعريب المغرب وتحويله إلى بلد عربي ينتمي إلى "العالم العربي" هو شخص أجنبي عن المغرب يريد أن يبقى أجنبيا إلى الأبد ويريد أن يتصرف كعميل أو سفير لذلك الشعب الأجنبي الذي يقول أنه جاء منه. ولا يمكن أن نتوقع منه إلا مساندة مصالح الأجانب ضد مصالح المغربوخدمة قضايا العرب متجاهلا قضايا المغرب من أراض محتلة من طرف إسبانيا وحركة انفصالية قومية عربية (البوليساريو).
وما نقوله عن ذلك "الأجنبي العربي" في المغرب نقوله عن الأندلسيين واليهود والفرنسيين والإسبان والسنغاليين المهاجرين إلى المغرب.
ولا تنفع تخريجات اختلاط الهويات (فالهويات لا تختلط وإنما الثقافات هي التي تختلط) لتمييع النقاش أو ذر الرماد في العيون.
فهوية العرب إنما مكانها الطبيعي هو بلاد العرب في آسيا.
وهوية الأندلسيين مكانها الطبيعي هو الأندلس في أوروبا.
وهوية اليهود مكانها الطبيعي هو إسرائيل في آسيا.
(وحتى الفيفا FIFAتجبر اللاعبين ذوي الجنسيات المتعددة على اختيار منتخب وطني واحد لمرة واحدة ونهائية لا رجعة فيها. ولا تسمح لهم بالجمع بين عدة منتخبات أو وضع "رجل هنا ورجل هناك". فمسألة الهوية مطلقة لا تقبل الخلط أوالتلاعب.)
وأما من يريد فرض الهوية العربية والانتماء العربي على المغرب إنما هو شخص استعماري توسعي ينفذ أجندة قومية عربية إمبريالية استعمارية هدفها توسيع حكم العرب وإمبراطورية العرب (الوهمية أو الحقيقية) على حساب أصحاب المغرب الذين هم شعب المغرب الأمازيغي.
3) نزعة التوسع الإمبريالي العربي والإسلامي وضرورة الهوية الأمازيغية لاستقلال المغرب:
إن نزعة التوسع الإمبريالي القومي العربي اليوم لا تختلف (من حيث المبدإ) عن نزعة التوسع الإمبريالي الفرنسي والإسباني والبريطاني والإيطالي والجرماني/الألماني والروماني والبيزنطيوالفارسي والتركي العثماني والياباني في العقود والقرون الماضية.
فكل تلك التوسعات الإمبريالية القديمة احتلت شعوبا وفرضت عليها لغاتها اللاتينية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والفارسية والتركيةواليابانية وغيرها وفرضت عليها أديانها الإسلامية والمسيحية وغيرها.
والنزعة التوسعية الإمبريالية العربية تشتغل أحيانا ضمن أو تحت أو بجانب النزعة التوسعية الإمبريالية الإسلامية التي أنتجت داعش وتنظيم القاعدة وطالبان في العصر الحديث.
رغم الحضيض السياسي والحضاري الذي يوجد فيه العرب (في قارة آسيا) حاليا فإنه توجد لدى القوميين العرب الإمبرياليين رغبة جامحة في الدوس والدعس على الشعوب الأخرى المجاورة لهم كالفرسواليهود والكرد والسريان/الآراميين واليمنيين والأقباط والأمازيغ وفرض اللغة العربية والعروبة والحكم العربي عليهم.
ويتوسل القوميون العرب (وكذلك الإسلاميون طبعا) بكل نظريات المؤامرة الصهيوصليبوأمريكوموسادية لمحاربة أي شخص أو جماعة تريد الاعتراف بهويتها القومية الوطنية الأصلية أو ترقية وتطوير ونشر لغتها الأصلية الأمازيغية أو الكردية أو القبطية أو السريانية أو النوبية وإقرار حرية العقائد والأديان في المجتمع.
وهذه الرغبة التوسعية القومية العربية (والإسلامية) نابعة أولا من نعرة التفوق الوهميالمتأصلة لدى القوميين العرب بدافع ديني إسلامي أو قومي قبلي عشائري، وهي نابعة ثانيا من إحساس الدونية والغبن لدى كثير من العرب والمسلمين والقوميين العرب والإسلاميين الناتج من هزائم العرب والمسلمين المتوالية على يد الأمريكان والإسرائيليين والإيرانيين الشيعة وعبث القوى الأجنبية ببلدان الشرق الأدنى مثل سوريا والعراق ولبنان والسعودية واليمن،وبسبب سقوط العرب والمستعربينبدرجات متفاوتة تحت النفوذ الإيراني والأمريكي والروسي والتركي، فأصبحت مدن مثل صنعاء وبيروت ودمشق وبغداد تعتبر تحت النفوذ الإيراني مثلا.
وحتى هزيمة داعش (الدولة الإسلامية) على يد المقاتلين الكرد بدعم أمريكي وروسي يمكن تسجيلها ضمن هزائم العرب والمسلمين. وذلك لأن جزءا من العرب والمسلمين (وليس كلهم طبعا) كانوا يشجعون "فريق داعش" ضد "فريق الكفر" أو ضد "فريق الشيعة"أوضد "فريق إيران" أوضد "فريق روسيا" أوضد "فريق أمريكا" أو ضد "فريق نظام الأسد".
ومشروع داعش كان مشروعا عربيا إسلاميا 100% رغم تبرؤ جزء آخر من العرب والمسلمين منه (بسبب دموية داعش المصورة بالفيديو والتي لا تختلف أبدا عن دموية الأمويين والعباسيين والعثمانيين). فمشروع داعش هو خلافة عربية إسلامية سنية تطبق الشريعة الإسلامية ولغتها الرسمية الوحيدة هي العربية وعملتها الدينار الذهبي الإسلامي، أي نسخة طبق الأصل من الإمبراطوريات الأموية والعباسية والعثمانية التي يفتخر بها العرب والمسلمون ليل نهار. لذلك ساند كثير من العرب والمسلمين السنيين داعش كما رأينا على وسائل الإعلام والإنترنيت. هذا فضلا عن كون داعش تلقت أموالا وسلاحا وتسهيلات من جهات نافذة في السعودية وقطر وتركيا.
ولكن ما يتميز به التوسع الإمبريالي القومي العربي اليوم عن التوسعات الإمبريالية البريطانية والفرنسية والإسبانية والتركية والرومانية القديمة هو أن التوسع الإمبريالي القومي العربي اليوم معدوم القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية وأنه مجرد ظاهرة صوتية تحدث عبر الإعلام العربي اللغة الممول بالبترول والغاز وباستعمال الإسلام وباستعمال الدعاية والتكرار وعبر نظام التعليم.
أما التوسع الإمبريالي الإسلامي الحالي فهو أحيانا ظاهرة صوتية إعلامية فارغة، ولكنه أحيانا يتخذ أشكالا ملموسة تتمثل في فرضبعض القوانين الإسلاميةوتقييد الحريات الدينية وملاحقة منتقدي الإسلام عبر العالم (أيضا في الغرب) بتهمة الإسلاموفوبيا والعنصرية. أما الشكل الأقوى للتوسع الإمبريالي الإسلامي حاليا فهو الجهاد الإسلامي المسلح المسمى ب"الإرهاب" الذي توغل في غابات نيجيريا والكاميرون وصحارى الجزائر وليبيا وجزر الفليبين فضلا عن تدميره سوريا والعراق وأفغانستان واليمن.
وقد أثر هذا الجهاد الإسلامي الإمبريالي على نمط عيش معظم بلدان العالم من حيث اضطرار الدول على إنفاق ملايير الدولارات على الأمن والتسليح والتجسس وتأمين آلاف المطارات والمباني والمدارس. كما أن آلاف العمليات الجهادية الإرهابية القاتلة التي ينفذها دائما مسلمون باسم الإسلام ونصرةً للإسلام أو لفلسطين وسوريا تؤثر على نفسية الشعوب وسياسات الأنظمة وتجعل الخيار الأمني يحظى بالأولوية فوققضايا حقوق الإنسان والحريات والتنمية. فأصبحت أمريكا وأوروبا لا تهتم كثيرا بتصرفات حلفائها من الأنظمة القمعية في أفريقيا وآسيا ضد المعارضين والصحفيين ما دامت تلك الأنظمة القمعية تتعاون مع الغرب لمكافحة الإرهاب الإسلامي وحماية رفاهية مواطني أوروبا وأمريكا.
4) التوسع الإمبريالي العربي والإسلامي القديم والمستمر:
يجب التنبيه إلى أن الأمازيغ قبل وبعد الإسلام كانوا أيضا توسعيين استعماريين في عهد دولهم القوية كدولة نوميديا والإمبراطورية الموحدية، حيث احتلوا واعتدوا مثلا على بلاد هيسبانياHispania (الأندلس) مرات عديدة (قبل وبعد الإسلام) وأذاقوا أهلها الويلات وارتكبوا فيها المذابح. ولكن ذلك التوسع الإمبريالي الأمازيغي المسلح ضد الشعوب الأخرى انتهى أمره الآن مثلما انتهى التوسع الإمبريالي الإسباني والفرنسي والبريطاني مثلا.
اليوم، لن تجد في فرنسا مواطنا واحدا يدعو إلى استعادة الجزائر إلى الحكم الفرنسي أو يعتبر الجزائر أرضا فرنسية تنتمي إلى العالم الفرنسي. ولن تجد مواطنا بريطانيا واحدا يطالب باستعادة أمريكا والهند ونيجيريا ومصر وكينيا أو يعتبرها أراضي بريطانية. ولكنك إذا ذهبت إلى سوريا أو فلسطين أو لبنان أو السعودية فستجد آلاف أو ملايين الناس هناك يؤكدون لك ويصرون على أن الجزائر مثلا أرض عربية مملوكة للعرب. فالفكر الإمبريالي العربي التوسعي لا يقتصر على طبقة المثقفين القوميين العرب بل هو متفش كالطاعون في أوساط العرب العاديين والمستعربين العاديين بسبب النزعة الإمبريالية للإعلام والتعليم العربي الذي يغرس في عامة العرب والمستعربين الأفكار التوسعية الإمبريالية العربية ونزعة الاستعلاء العربي على الشعوب الأخرى.
الإعلام العربي يغرس يوميا في العرب والمستعربين نزعة تعريب البشر والشجر والحجر مع كل نشرة أخبار وكل برنامج ديني أو دنيوي، ويغرس فيهم نزعة تمجيد الإمبراطوريات العربية الإسلامية القديمة كالأمويين والعباسيين،فيصبح اليوم المنتخب المغربي لكرة القدممنتخبا عربيا والمنتخب التونسي عربياومليليةMřičعربية وأكادير Agadirعربية ومراكش Meṛṛakecعربية والدار البيضاءAnfaعربية وليبيا عربية وتونس عربية واللاعب نور الدين أمرابط عربيا. إنها طاحونة التعريب.
القوميون العربلا زالوا إلى حد الآن في 2018 ينسبون المغرب والجزائر وتونس وليبيا إلى عالمهم العربي ويحلمون بدولة عربية عظمى من المحيط الأطلسي إلى الخليج الفارسي تشمل بلدان الأمازيغ والقبط والنوبيين والسريانوكردستان وإيريتريا ودجيبوتي والصومال هويتها هي العروبة ولغتها الوحيدة هي العربية. ومن يعارض هذا المشروع الإمبريالي العربي التوسعي الاستعماري وصفوه بالصهيوني عميل الاستعمار!
أما الإسلاميون فإنهم يحلمون بإقامة إمبراطورية إسلامية عظمى من المغرب إلى إندونيسيا تشمل كل البلدان التي توجد فيها أغلبية مسلمة ليحكمها خليفة عربي من قبيلة قريش ودينها الوحيد هو الإسلام (مع عيش الذميين اليهود والنصارى "معززين مكرمين محميين" تحت سلطة الإسلام، كما يقولون، بشرط أن لا ينشروا أديانهم الكافرة لدى الناس).
والحلم النهائي الأعظم للإسلاميين هو أن يكون كوكب الأرض بأكمله تحت سلطة الإسلام والشريعة الإسلامية وأن يحكمه خليفة عربي مسلم واحد وأن تكون لغة الكوكب الرسمية هي العربية لغة القرآن.
5) يريدون منك محو هويتك الوطنية الأصلية واستبدالها بالهوية العربية والإسلامية:
في كلتا الحالتين (حالة القوميين العرب وحالة الإسلاميين) فإنه دائما يتم ترويج هوية بديلة هدفها أخذ مكان الهوية الوطنية الأصيلة.
فالقوميون العرب يريدون منك أن تتخلى عن هويتك القومية الأمازيغية وتتبنى الهوية القومية العربية وأن يتحول بلدك من بلد أمازيغي إلى بلد عربي ومن أرض أمازيغية إلى أرض عربية.
أما الإسلاميون فيريدون منك أن تتخلى عن هويتك القومية الأمازيغية وتتبنى الهوية الإسلامية وأن يتحول بلدك من بلد أمازيغي إلى بلد إسلامي ومن أرض أمازيغية إلى أرض إسلامية.
أما حين يصدر القوميون العرب والإسلاميون خطابا مشتركا أو بيانا مشتركا فإنهم يقترحون عليك أن تتخلص من هويتك الأمازيغية وتعتنق ما يسمونه "الهوية العربية الإسلامية" وهي هوية هجينة برأسين: رأس إثني عربي ورأس ديني إسلامي.
بعبارة أخرى، المشروع التوسعي العربي الإسلامي (منفصلا أو مندمجا) يريد محو الهوية الأمازيغية ومحو هويات الشعوب الأخرى غير العربية من أجل الحلول محلها وأخذ مكانها.
نتعامل هنا مع "أيديولوجية محو" هدفها المحو ثم المحو ثم المحو ثم الاستيطان والاستيلاء.
إذن فإن الوعي بالهوية الأمازيغية القومية للمغرب والاعتراف الرسمي بها ضرورة حتمية للتصدي ل"أيديولوجية المحو"أي أيديولوجية التوسع العربي الإسلامي الإمبرياليولتأكيد استقلال المغرب عن التبعية للأجانب العرب واليهود والفرنسيين والأمريكيين وغيرهم، ولوضع أولويات ومصالح المغرب فوق قضايا الأجانب بشكل مطلق لا يقبل المساومة ولا الخضوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.