من المضحكات التي عرفها واقعنا المغربي المزري ظهور "الملحمة" العجيبة التي تعلمنا الوطنية بعبارات النفاق والكذب والميوعة، إنها ملحمة الانحطاط والسطحية، ولو كان الفنانون الذين شاركوا فيها عندهم موهبة لما صنعوا هذا الهراء الذي أثار اشمئزاز الجميع. السيد سعيد الناصري يعتبر أن الذين انتقدوا الملحمة إنما هم أتباع "البوليزاريو"، وهذا يظهر جهل هذا الفنان بحقيقة المغرب، فهو لا يعرف بأن الناس لم يعد يمكن الضحك عليهم بأي شيء، فالذي ليست له موهبة فنية حقيقية لا يمكن أن ينتزع الإعجاب والتقدير، بل لن ينال سوى السخط والنقد الشديد. مشكلة الناصري ومن معه أنهم اختاروا الوقت غير المناسب لكي يخرجوا ملحمتهم المضحكة، وهو الوقت الذي يقوم فيه الشعب بمقاطعة مواد استهلاكية بسبب الغلاء، ويأتي من يعلمهم الوطنية بالخضوع والخنوع، إن حب الوطن ليس بهرجة واستعراض وكلام سطحي مفتعل بل هو العمل الصالح لأجل الوطن، بل هو أن يشعر كل مغربي بالعدل والحرية وبالحقوق الأساسية، أما أن يتم إخضاع الناس لكل أنواع الإهانة ثم يأتي من يطبل ويزمر باسم الوطنية فهذا غير مقبول. اعتبر الناصري أن معارضي ملحمته معارضون للملك لأنها موجهة للملك، نقول للناصري غناء الملحمة إساءة إلى الملك لأنها مليئة بالتصنع والافتعال والكذب، إن الذي يريد أن يخدم الملك عليه أن يساهم في إصلاح البلاد وضمان الاستقرار من خلال العدل ورفع الظلم، وليس بالرقص على جثث الضحايا. على الذين يريدون صناعة الملاحم أن يصنعوها بالعمل والإنتاج والمساهمة في تطوير البلاد وليس بالتعمية على الواقع المريض والتغطية عليه بالزغاريد والمساحيق. من جهة أخرى ألا يعرف الناصري ومن معه بأن الملاحم هي ملاحم الشعوب بكل ما فيها وليس ببعض مكوناتها، هل يمكن إنتاج ملحمة مغربية باسم "العروبة" بينما الدستور يقول إن هويتنا أمازيغية عربية إسلامية يهودية إفريقية متوسطية ؟ أين هي اللغة الأمازيغية التي ينص عليها الدستور لغة رسمية ؟ وكيف جيء ب"تاشينويت" لكي تغني في الملحمة بالعربية وهي فنانة يعرف الجميع أنها أمازيغية ؟ كيف يبدع الفنان الأمازيغي بلغته طوال حياته لكي يطلب منه في الملحمة العجيبة الرديئة أن يغني بالعربية، وفاء ل"عروبة" الأرض المغربية، التي يعرف الجميع أنها تتكلم في أسماء أماكنها بالأمازيغية منذ آلاف السنين ؟ هل يعرف الناصري والفنانون الذين معه معنى مراكش ومعنى تطاون ومعنى أشاون ومعنى أزيلا وتارودانت وأسفي وأزيلال وأكادير ودمنات وكرسيف وتاهلا وورزازات وزاكورة وأفورار وأنفا وتامسنا إلخ إلخ…. هل وجدوا هذه الأسماء في المعجم العربي لكي يتحدثوا عن أرض عربية ؟ هل يعيش هؤلاء الفنانون في المغرب أم أنهم جاءونا من الخارج ؟ إنني أدعو المغاربة إلى معاقبة هؤلاء الفنانين بمقاطعة إنتاجاتهم السطحية والتافهة، لأننا لسنا بحاجة إليهم لكي نحبّ وطننا ونتعلق به ونخدمه. فحب الوطن لا يكون بالكذب والنفاق و التزوير.