تجاهلت جبهة "البوليساريو" دعوات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس ب"التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس" والبلاغ الأخير لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الذي ندد بتحركاتها، حيث أقامت أمس الأحد، احتفالات عسكرية في منطقة تفاريتي شرقي الجدار العازل تخليدا لما تسميه "الذكرى ال45 لاندلاع الكفاح المسلح" وبحضور زعيمها إبراهيم غالي ونظمت الجبهة الانفصالية استعراضات عسكرية لوحدات ما يسمى ب"جيش التحرير الشعبي الصحراوي" بالقرب من الفرق التابعة لبعثة "المينورسو"، في حين كشفت وكالة "الأنباء الصحراوية" الآلة الإعلامية للكيان الوهمي، عن مشاركة وفود أجنبية يتقدمها سفراء ما أسمته ب"الدول الصديقة"، والتي لم تذكرها الوكالة بالاسم. وفي هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية أن احتفالات الكيان الوهمي لم يحضرها أي سفير أو شخصيات دبلوماسية وازنة، إلا من شخصيات تنتمي للملحق العسكري لعدد من الدول بالجزائر لكل من جنوب إفريقيا وأنغولا وكوبا والموزمبيق بالإضافة إلى شخصيات عسكرية جزائرية، ووفد برلماني موريتاني عن الحزب الحاكم. احتفال مخطوف وفي هذا الإطار، أوضح عبد الفتاح الفاتيحي، أن "أي وفد رسمي من الدول التي أشارت إليها البوليساريو من حيث التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفارة، سوى احتفال مخطوف لما يسمى بتقديم سفير زيمبابوي لأوراق اعتماده بهذه المناسبة على أراضي تفاريتي في إطار محاول لشرعنة تواجد البوليساريو هناك، وباعتبار ادعاء بأن تفاريتي هي خارجة من المناطق العازلة". وأضاف الفاتيحي، أن "الحضور يمكن أن يقتصر على شخصيات من جنسيات مختلفة، وهي جنسية لها علاقة تاريخية وقديمة مع الطرح الانفصالي للبوليساريو"، مشيرا أن "الحضور بالكاد ضعيف حتى على المستوى الإقليمي أي داخل الاتحاد الإفريقي سواء من حيث الشخصيات الحاضرة أو من الناحية الكمية أي التمثيل، وهو ما يفقد الشرعية السياسية والقانونية للجمهوري الوهمية". خارج الشرعية الدولية وقال عبد الفتاح الفاتيحي، لخبير في شؤون منطقة الصحراء والساحل إن "جبهة "البوليساريو" ارتأت أن تغامر بتحديها لقرارت مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار 1424 والذي دعاها إلى الانسحاب الفوري من منطقة الكركرات، وعبر عن قلقه من نوايا الجبهة نقل منشآت إدارية وعسكرية إلى منطقة تفاريتي والمحبس وبير لحلو". وهو ما سيجعل في الواقع البوليساريو ومساندتها الجزائر، يضيف الفاتيحي، في تصريح لجريدة "العمق" خارج الشرعية الدولية وخارج العمل الشرعي، لأن الأمر يتعلق بخرق سافر لمقتضيات القرار الأخير وحتى لقرار مجلس الأمن السابقة، ومنها قرار أبريل 2017 الذي كان قد عبر هو الآخر عن هذه الاستفزازات والانتهاكات". واعتبر المتحدث ذاته، أن "الأطراف المعنية في قضية الصحراء خاصة الجزائر لا تستوعب حجم التهديدات التي توتر المنطقة لأنه معلوم أن الجزائر قبل مدة قليلة قامت باستعراضات عسكرية قرب الشواطئ المغربية في البحر المتوسط في إطار عملية طوفان 2018". وأكد الفاتيحي، أن "هذا يؤثر ولا يتيح الحديث عن مناخ يسوده حسن النوايا للدخول في مفاوضات يشرف عليها المبعوث الشخصي للأمم المتحدة والمؤطرة بما عبر عنه مجلس الأمن الأخير بالمقاربة الواقعية والمستدامة لحل نزاع الصحراء". هروب إلى الأمام من جهته، قال محمد بنحمو مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بالرباط إن "البوليساريو في وضعية فرار إلى الإمام"، مضيفا أن "آخر شراع لوهم الانفصال احترق أمام القرار الأممي الأخير وتوجه الأممالمتحدة، وكل ما تحقق من انتصارات دبلوماسية هناك، وبالتالي فقد اكتملت القناعة لدى قادة الجبهة بأن وهم الانفصال لم يعد له إمكانية للوجود وبالتالي محاولة للهروب إلى الإمام". وأوضح بن حمو في تصريح لجريدة "العمق" أن "البوليساريو عودتنا أنها في كل مرحلة تنهزم فيها فهي تسعى إلى تحويل هاته الهزائم إلى انتصارات وبالتالي البوليساريو تسعى إلى التحول إلى ظاهرة إعلامية لا أقل ولا أكثر". طمع في المواجهة واعتبر أن "الجزائر بدورها ترى أن ما استثمرته في وهم الانفصال لا مستقبل له وترى بأن رياح الأممالمتحدة ورياح المنتظم الدولي في عكس ما كانت تشتهي، وبالتالي فالجزائر تسعى إلى تنفيذ استرتيجيتها المعهودة لديها وهي الأرض المحروقة، فهي تدفع بالجبهة إلى ما تقوم به وتدعمها وتهيئ لها ظروف للقيام بهذه الاستفزازات طمعا في أن تكون هناك مواجهة عسكرية مع المغرب وطمعا أن تعيد الأمور إلى نقطة الصفر". وشدد بن حمو على أن "الأممالمتحدة يجب أن تتحمل مسؤوليتها بشكل كامل، وما أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة على لسان الناطق الرسمي هو إيجابي لكنه غير كافي"، مضيفا أن "الأمر لا يمكن اعتباره استفزازا للمغرب فقط، بل هو تحد لمجلس الأمن وخرق لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو تهديد للأمن والاستقرار بالمنطقة"، مشددا على أن "الجزائر في الآونة الأخيرة تزرع الريح ولكنها ستحصد العاصفة". جر المغرب للحرب ومن جانبه، قال المحلل السياسي، حفيظ الزهري إن "استفزازات البوليساريو واستعراضاتها العسكرية بالمنطقة العازلة هي محاولة للهروب للأمام خاصة بعدما تم فضح علاقاتها مع حزب الله اللبناني وتراجع تواجد البوليساريو بأفريقيا أمام التمدد السلس والصامت للمغرب وهو ما يؤرق حكام الجزائر الذين يتحكمون في قرارات الجبهة إذ بواسطتها يحاولون العمل عرقلة المسار التنموي المغربي". واعتبر الزهري في تصريح لجريدة "العمق" أن "هذه الاستفزازات هي تحدي للمنتظم الدولي خاصة بعد قرار مجلس الأمن الأخير والذي دعا من خلاله جماعة البوليساريو إلى الانسحاب من المناطق العازلة". وهذا الخرق السافر لقرارات الأممالمتحدة، يضيف المحلل السياسي المذكور، "هي محاولة لجر المنطقة نحو حرب قد تكون عواقبها وخيمة على المنطقة برمتها، وستساهم بدون شك في توغل الجماعات الإرهابية في منطقة شمال غرب أفريقيا". إدانة مغربية وكانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي قد أصدر بلاغا أمس الأحد أكدت فيه أن "المملكة المغربية المغربية تدين بقوة الممارسات الاستفزازية الأخيرة التي تقوم بها البوليساريو ببلدة تيفاريتي، شرق المنظومة الدفاعية للصحراء المغربية"، معتبرة أن "الأمر يتعلق مجددا بخرق سافر لوقف إطلاق النار ، وبتحد صارخ لسلطة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة". وفي هذا الصدد، يضيف البلاغ ذاته، "فقد راسل المغرب رسميا، بهذا الشأن، رئيس مجلس الأمن الدولي وأعضاء المجلس، والأمين العام للأمم المتحدة والمينورسو، وطلب منهم تحمل مسؤوليتهم، واتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لهذه التحركات غير المقبولة". وأشارت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أنه "في الوقت الذي يدعو فيه مجلس الأمن إلى استئناف المسار السياسي بهدف التوصل إلى تسوية واقعية وبراغماتية ومستدامة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ، فإن الممارسات الاستفزازية للأطراف الأخرى تقوض بشكل جدي جهود الأممالمتحدة". وعبر المغرب عن الأسف لكون هذا التصعيد يتم بمباركة وتواطؤ من بلد جار، عضو في اتحاد المغرب العربي، ولكن يخرق ميثاقه في مناسبتين: بإغلاق الحدود، وباستقبال حركة مسلحة على أرضه، تهدد الوحدة الترابية لدولة أخرى عضو في الاتحاد. هذا البلد، عوض احترام قيم حسن الجوار وضوابط الاستقرار الإقليمي، يتمادي في دعم مرتزقة "البوليساريو" في عملهم المزعزع للاستقرار في خرق للشرعية الدولية. تحذير أممي وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مساء السبت، من أي إجراء "من شأنه تغيير الوضع الراهن" بخصوص قضية الصحراء، مؤكدا حسب بيان للمتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، أنه "يتابع عن كثب تطورات الوضع في الصحراء". وأضاف البيان أن "الأمين العام، ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2414 المعتمد في 27 أبريل 2018، ومن أجل الحفاظ على مناخ ملائم لاستئناف الحوار تحت رعاية مبعوثه الشخصي، هورست كوهلر، يدعو إلى التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس". وأكد غوتيريس، في هذا الصدد، أنه "لا ينبغي القيام بأي إجراء من شأنه تغيير الوضع الراهن".