يرتبط مفهوم الإحسان المالي عند كثير من المحسنين المغاربة ببناء المساجد .. حتى أن عدد المساجد التي يبنيها المحسنون يفوق بكثير عدد المساجد التي تبنيها وزارة الأوقاف .. ومع أن هذه الظاهرة حسنة في المجمل .. تدل على مكانة المسجد في قلوب المغاربة .. إلا أنني أرى أن هنالك مصارف إحسانية أخرى ربما تكون لها الأسبقية والأولوية .. بالنظر إلى حجم الخصاص الهائل الحاصل فيها .. وبسبب إهمال الدولة لها .. وانصراف المحسنين عنها إلى غيرها .. ومن ذلك مثلا: كفالة الأيتام .. ورعاية الأرامل .. وتزويج الشباب .. ودعم طلبة العلم .. والتخفيف عن الفئات الفقيرة والمعوزة .. أما بناء المساجد على أهميته وجلالة قدره .. فينبغي تمويله من تبرعات وأوقاف المحسنين الأوائل .. التي بحوزة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .. وبالرجوع إلى القرآن الكريم .. وبالتحديد إلى آية مصارف الزكاة : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة: الآية 60) .. فإننا نجد أن مصرف (في سبيل الله) .. الذي أدخل العلماء ضمنه بناء المساجد .. متأخر في الرتبة عن ستة مصارف سابقة .. هي: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، والرقاب، والغارمون .. أخذا بعين الاعتبار أن الترتيب في مصارف الزكاة مقصود عند جمهور العلماء .. والله أعلم.