على خلاف ما كان معروفا عن الأحزاب السياسية من أدوار طلائعية في التكوين والتأطير السياسي ، وتخريج للكفاءات والنخب السياسية القادرة على تحمل المسؤولية وخوض غمار البناء الديمقراطي والمؤسساتي للدولة بمختلف مرافقها ومجالات إشتغالها. فإن المتتبع للشأن الحزبي بالعالم ككل ، سيقف أمام العديد من المدارس الحزبية المختلفة فكريا والمتنوعة إديولوجيا، والتي تلعب أدوارها التكوينية بالشكل المناسب والصحيح . لكن حينما نقف أمام الواقع الحزبي بالمغرب ، ما الذي سنجد ؟ هل هناك بالفعل أحزاب حقيقية تعكس مستوى التطلعات ؟ وهل أحزابنا السياسية تقوم برسالتها الحقيقية على أكمل وجه ؟ وهل يتم العمل بمبدأ الشفافية والتنافس الشريف بين مكوناتنا الحزبية ؟ .. الخ . لعل العديد غير راض على هذا الواقع المُعوق والمُنحرف بشكل كلي عن مساره الحقيقي ، والذي يستدعي من الفاعلين السياسيين الوطنيين ، إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ، فما هو موجود حاليا في الساحة السياسية لا يرقى ولا يشرف بتاتا مستوى الأحزاب الوطنية الحقيقية الغيورة على هذا الوطن ، وهذه حقيقة مرة يجب أن نعترف بها أمام أنفسنا وأمام الجميع . لا يعقل أعزائي المتتبعين في كل إستحقاق إنتخابي تشهده المملكة ، التعامل مع المواطن بمنطق تسويق القطيع والبيع والشراء في أصواته الإنتخابية ، فاستغلال الأمية وقلة ذات اليد .. للمواطن المغربي ، يعتبر أكبر جريمة ترتكبها هذه الأحزاب في حق الشعب والديمقراطية ومضامين دستور 2011 . بعد كل هذه الأساليب اللاديمقراطية ، كيف سنؤسس إذن لتنافس شريف ، قائم على احترام إرادة الناخبين والإرادة الشعبية ، التي يتم الإجهاز عليها في كل استحقاق انتخابي ، بل يتم إغتصاب عذريتها بقوة القانون في أحيان أخرى . لو كانت هناك شفافية ونزاهة كما تزعم هذه الأحزاب السياسية ، لما شهدنا صراعاتها وصداماتها .. بمؤتمراتها الوطنية .. ، والطرق التي يتم بها تنصيب أمنائها العامين .. الخ ، والتي أضحت مادة دسمة للسخرية بالعديد من صفحات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام الإلكتروني ، وكل ذلك تحت أنظار العالم ، ولا أحد يستحي من ذلك . فغياب الديمقراطية الداخلية ، وعدم التداول على المسؤولية ، وغياب الحوار الديمقراطي ، ثم غياب مبادئ التعددية والحرية والعدالة الاجتماعية .. ، وعلاقته بثقافة الأعيان والقبيلة والعصبية والمحسوبية .. الخ ، والذي يرجع بالأساس إلى طبيعة القيادات السياسية المتواجدة على هرم المؤسسات الحزبية بالمغرب . بدون شك التاريخ لازال يسجل بدون توقف ، كل الأحداث والوقائع ، فهذه الأحزاب لازالت تحتاج إلى كفاءات برؤية وطنية ، تتحمل كافة مسؤولياتها على المستوى الرسمي من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي تطبعه المصداقية والحكامة وامتلاك القرار والموقف الحزبي . فكيف سيقنعون شبابنا التواق للديمقراطية بعد ذلك ، بنبل العمل السياسي ، ونزاهة الإستحقاقات الإنتخابية ، وبرامجها ومشاريعها الإنتخابية ..الخ ؟ وإلى متى سيستمر هذا الإستخفاف بعقول المواطنين ، والإجهاز على اختياراتهم وإراداتهم التواقة للتغيير ؟ كلها تساؤلات وآمال تنتظر إجابات ورياح التغيير التي قد تأتي أو لا تأتي، من الأجيال القادمة، لعلها بذلك تصلح ما أفسدته أيادي المخربين وعقول المفسدين.