لا يحتاج العنوان إلى كثير شرح وبيان، كلمات موجزة كَفيلة بأن تُعبّر عن واقع مرّ وأليم. واقع يُكرّس المزيد من الظلم والتحقير، المزيد المزيد من الاختلالات والتفاوتات المجالية الصارخة. هنا المغرب العميق؛ حيث كل أنواع الإقصاء والتهميش والمعاناة والحرمان، في سرّ وكتمان. شعب بأكمله يعاني في صمت رهيب وتواطؤ مُريب. أطفال ونساء ورجال وعجائز يقاومون الفقر والجوع والبرد والعزلة.. بلا شيء! صرخة شعب منسي الصرخة الأولى: أيها الجالس في مكتبه، يحتسي قهوته ويتصفح جريدته؛ أنت تعرف كلّ شيء، وتملك الحل لكل شيء، لكنك لا تريد فعل شيء.. ألا قبّح الله فسادك واستبدادك! الصرخة الثانية: يا شعب المغرب الشقيق؛ أنا هنا واحد منكم، أحتاج دعمكم والتفاتتكم، أنا لا أسترحم قلوبكم ولا أستعطف جودكم، فهذا حقي المسلوب المنهوب. وإن قدر الله فرأيتم في لغتي تَعتعة وانحسار، فالأمر يُعزى –ببساطة- لشفتي اللواتي لا أستطيع إطباقهما من شدة الجوع والبرد والخوف والانكسار. يا شعب المغرب الشقيق؛ أنا أم حامل تَئِن في الظلام الدّامس حيث لا طاقة ولا كهرباء، وإذا ما جاءها المخاض تلِد على ظهر دابة بين التلال، أو تنزف في سبيل ذلك حتى تموت مَجلية بين الجبال. وما أمنّي النفس سوى بأمرين: أن أضع مولودي على سرير، أو على الأقل أن أموت بشكل يسير، وذاك أقبح "حق" لكل من يحمل في هذه الأوطان جواز "إنسان"! يا شعب المغرب الشقيق؛ أنا الطفل الذي يمشي المسافات الطِّوال بحثاً عن شُربة ماء، فإذا ما لسعته عقرب يحتاج لقطع المزيد من الكيلومترات، في رحلة مرارة سُمّها أسمّ مما خلفته العقرب بجسدي. يا شعب المغرب الشقيق؛ أنا الإنسان الذي يعيش في عزلة تامة، فلا زائر لي سوى البرد، والثلج، وفيضانات الشِّعاب.. يا شعب المغرب الشقيق؛ أنا ذاك وتلك وهي وهو وهنّ وهم.. رسالتي هَته أكتبها إليك قبل أن تنطفئ الشمعة الأخيرة؛ أقول لك باختصار: إن "الحياة" هنا لا تطاق، فالمشهد أصعب ممّا تظن! يا أبناء البلد العريق.. أنا شعبكم الشقيق.. في المغرب العميق! كلّ الألم..