مصادر الإفتاء : انطلاقا من قوله تعالى في سورة يوسف (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ* قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ* وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ). فكان مصدر تأويل الرؤيا الذي يعتبر من باب الفتيا : النبي يوسف عليه السلام الذي اشتهر بأمرين : الحكمة والصدق . فقال ملك مصر (أفتوني في رؤياي)، فاعبروها، (إن كنتم للرؤيا) عَبَرَةً. ولا سبيل للعبور إلا بالعلم . ولذلك قال الأشراف من رجاله وحاشيته (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ). وفي تفسير الطبري " والباء الأولى التي في" التأويل " من صلة " العالمين " ، والتي في" العالمين "" الباء " التي تدخل في الخبر مع " ما " التي بمعنى الجحد ، ورفع " أضغاث أحلام " ، لأن معنى الكلام: ليس هذه الرؤيا بشيء، إنما هي أضغاث أحلام " هذا عند حاشية الملك . وعند يوسف رؤيا حق تحمل في طياتها كوارث وفواجح وحلول استباقية لتجاوزها. فكان ما كان منه من تفسير وتأويل علمي دقيق مما تضمنه قوله (فذروه في سنبله ) حفاظا على جودة المحصول وعدم تلفه. وهكذا ، فالإنسان مهما بلغت مرتبته الاجتماعية أو السياسية، ينبغي الاعتداد برأي العلماء والحكماء. كما ينبغي للعلماء ألا يتلبسوا في علمهم برداء السياسيين . فطريق الحق يعلو ولا يعلى عليه. والصديق صفة ليوسف عليه السلام. والصدق من شيم الرجال المؤمنين. وهنا جاءت تأدبا من السائل مع من هو أكبر شأنا منه مع أنه لا يقر بنبوته. وفي سورة النور( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ). وهكذا، فالعلماء بصفتهم ورثة الأنبياء يجب توقيرهم والتأدب معهم . والذين يسلطون ألسنتهم الحداد على العلماء وترصد مثالبهم وعوراتهم ليسوا من التأدب في التخاطب مع علمائهم بشئ، مهما بلغت درجة الخلاف معهم. وهل هناك اختلاف يجاري الاختلاف في العقيدة؟ فتأمل ذلك في حوارك وفي فتياك. … (من لغو المستمع في خطبة الجمعة .