دي ميستورا يدعو المغرب لتوضيح تفاصيل صلاحيات الحكم الذاتي بالصحراء والأشهر الثلاثة المقبلة قد تكون حاسمة    المنتخب المغربي للفتيان يتأهل إلى نهائي كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة بعد فوزه على كوت ديفوار    إدارة الدفاع الوطني تحذر المغاربة من ثغرة أمنية "خطيرة" على تطبيق واتساب    مولدوفا تنضم إلى إسبانيا في دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية    رغم خسارة الإياب.. برشلونة يتألق أوروبيًا ويعزز ميزانيته بعد الإطاحة بدورتموند    السفير الكوميري يطمئن على الطاوسي    بتنسيق مع الديستي.. تفكيك شبكة إجرامية لتزوير وثائق ملفات التأشيرة والهجرة السرية بجهة الشرق    الطقس غدا الأربعاء.. أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق بالمملكة    بركة يعترف بخسارة المغرب كمية ضخمة من المياه بسبب "أوحال السدود"    نزار بركة: نسبة ملء السدود بلغت 49% والمغرب تجاوز مرحلة الإجهاد المائي بفضل التساقطات الأخيرة    الإليزيه يعلن "طرد 12 موظفا" من الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية ردا على إجراءات الجزائر    الامن الوطني يحبط محاولة لتهريب حوالي 18 طن من الحشيش    مدير يتعرض لاعتداء داخل مؤسسة تعليمية بمدينة الحسيمة    تشكيلة أشبال الأطلس ضد كوت ديفوار    مصرع سائق سيارة إثر سقوطها في منحدر ببني حذيفة    الرباط: رئيس برلمان أمريكا الوسطى يجدد التأكيد على دعم الوحدة الترابية للمملكة    بسبب تنامي العنف المدرسي الذي ذهبت ضحيته أستاذة بمدينة أرفود    العلوي: منازعات الدولة ترتفع ب100٪ .. ونزع الملكية يطرح إكراهات قانونية    اتفاقيات "جيتيكس" تدعم الاستثمار في "ترحيل الخدمات" و"المغرب الرقمي"    تحفيز النمو، تعزيز التعاون وتطوير الشراكات .. رهانات الفاعلين الاقتصاديين بجهة مراكش أسفي    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ومجموعة بريد المغرب لتعزيز إدماج اللغة الأمازيغية    أرسين فينغر يؤطر مدربي البطولة الوطنية    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    دي ميستورا.. طيّ صفحة "الاستفتاء" نهائيا وعودة الواقعية إلى ملف الصحراء المغربية    عمر هلال.. آمل أن تكون الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء نهاية نزاع الصحراء    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    لقاء تشاوري بالرباط بين كتابة الدولة للصيد البحري وتنسيقية الصيد التقليدي بالداخلة لبحث تحديات القطاع    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    توقيع اتفاقيات لتعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي على هامش "جيتكس إفريقيا"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    فاس العاشقة المتمنّعة..!    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتقاد وتفقد لمعاني الأسماء ومعنى العمل في إطار الدعوة إلى الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم. وبعد فإن أقوالنا وأفكارنا وشعاراتنا تظل بلا معنى إذا لم نترجمها سلوكا في الواقع وفي تفاصيل الحياة.. ليس تعالما على أحد وإنما تذكيرا لنفسي ولإخواني .. "فلنتذكَّر أسماءنا" كما قال شاعر يوما..
في افتقاد معاني الأسماء :
لا معنى لأن أحمل فكرا ثوريا وأنا دودة لزجة تدوسها الأقدام تحت طائلة الخنوع والخضوع لسلطة الأقوى ماديا ومعنويا ..
لا معنى لأن اكون ليبراليا وأنا غارق في التقليد والارتهان للجهة التي تمثل خياراتي الفكرية واختياراتي الاجتماعية .. أعاني جنوحا حادا نحو اليمين .. مسارعا الى اللِّواذ بالدولة أو السلطة لتضبط لي رقعة تدافعاتي السياسية والاقتصادية متى تزحزت تحت قدمي..
لا معنى لأن أرفع شعار الديموقراطية إذا كنت لا أرضى إلا بديموقراطية على مقاس قناعاتي السياسية والايديولوجية ولا تأتي إلا بمن يشبهونني سمتا وصوتا ..
لا معنى لأن اكون اشتراكيا وأنا غارق في نمط استهلاكي معاكس ابتداءا وانتهاء، وإجمالا وتفصيلا لكل ما أدَّعيه وأرفعه من شعارات وأتبناه من خيارات ..
لا معنى لأن أكون صوفيا متزهدا مع أن قلبي مليء بالكراهية والجشع والأثرة .. محتفيا بالمظاهر قليل الاحتفال بالمخابر .. شديد الإذاية للناس .. بليد الإحساس .. باردا .. لا أكاد أبصر غلوائي أو أحاسب نفسي على أخطائي ..
لا معنى لأن أكون مثقفا، ثم أكون إمعة لا أُحسن إلا ترجيع الأصداء وانتظار الشكر من الأصدقاء وبلوغ النكاية من الأعداء .. لا أتمعر للبلوى تنزل بالناس، ولكن أتقعر القول في طلب الخلاص لهم .. طلبي على رضى الخليقة ولو على حساب ما أراه من الحقيقة .. قليلَ الادب .. وفي لساني ذَرَب .. عقربيَّ السلوك في الخصام .. أُفْعُوانيَّ المسالك عند الوئام .. مُدَّعِياً علماً لا أحسنُه، ناقفا فكراً لا أتقنه .. الثقافة عندي لقاءات ومجاملات، وخلافات ومجادلات، ونوادٍ وصالونات، ومنصات ومكرفونات، وصورٌ تَلْمَع، وبطاقاتٌ تُرْفَع، وكلماتٌ مهما تجوَّفَتْ تُطْبَع..
لا معنى لأن أكون مناضلا عن الحق سالكا إليه بالباطل .. وعن الجمال دالفا إليه بالقبح .. وعن الإنصاف متوصلا إليه بالإجحاف .. وعن العدالة مرتقيا إليها بالظلم .. وعن الدين متجَلْبِباً فيه بِقِلَّةِ الدين .. وعن الدَّعوة مُتَوَسِّلاً بتنفير الناس مما أدعو إليه، وبسلوك نقيض ما أدعو إليه ..
في تذكُّر معنى العمل في إطار الدعوة إلى الله تعالى :
ولا معنى لأن أكون ابنَ الحركة الاسلامية، وربيبَ الدعوة الاسلامية التي رأسُمالها بالأساس الأخلاق التي يُثْمِرها الالتزام بالدين المحمدي الداعي إلى مكارم الأخلاق، وإلى الدعوة بالحسنى، وإلى قول التي هي أقوم، وإلى الدفع بالتي هي أحسن .. إذ الأمرُ عنده " قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ"(سورةالبقرة 263) .. وتحذيرُه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة264) ..
فأية دعوة إلى الأخلاق والالتزام من قليلي الأدب ضعيفي الاتزان؟ .. وأيُّ التزام بالدين ممن لا يعمل بقول رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"؟ .. وأية دعوة ممن لا يقرأ قول الله تبارك وتعالى: " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (سورةالنحل125)، هذا مع الكافرين، الملحدين في الكليات والمعلومات بالضرورة من الدين، فكيف مع المسلمين، والمومنين المخالفين في الجزئيات والفرعيات؟ بل وفي المسائل التي هي مناط الاختلاف تبعا للتباين في التقدير والتفوات في الفهم والنظر؟ ! وهو ما يزكيه بعد ذلك قوله تبارك وتعالى : "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" (سورة النحل 127-128) .. وأي شيء يريده الذي يزعم العمل للإسلام في سبيل الله أكثر من معية الله له؟ ألا إن معية الله تكون للذين اتقواْ والذين هم محسنون !!
فأيُّ عمل إسلامي يُرجى ممن تضيق صدروهم بأحبابهم من إخوانهم زعما بأن قد شَطَحَتْ بهم أفكارهم وفهومهم؟ .. عجبا! .. أَوَ لَمْ يَروا كيفَ تشطح بهم دوما نفوسُهم، وتَشِطُّ بهم ألسنتهم، فيفلتون سهامَها ولا يملكون زمامَها؟ همزا تارة؟ ولمزا تارة؟ وقذفا تارة؟ وشتما؟ غيرةً لله زعموا وهيهات ! .. فأينهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أخذ بلسان سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه معلما: كُفَّ عليك هذا! فقال سيدنا معاذ : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"ويحك يا معاذ! وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوهِهِم إلا حصائد ألسنتهم؟!" .. وكيف بهم في غَدٍ قريب يراه بعضُ من دَرَاه ويعمى عنه من انتقضت عُراه، وقد أتتهم البلوى في عقر دورهم خلافا شديدا مُمِضًّا مع فلذات الأكباد الذين قطعا لن يجدوا لديهم مع فقرهم المعنوي الشديد أجوبةً تشفي ولا أخلاقا عند عجز الأفكار تفي؟ .. فلسوف يرون حينها متأخرين كيف أن منهج قلة الأدب يُحَوِّلُ الاختلاف إلى خلاف، والخلافَ إلى خلافٍ شديد، والخلافَ الشديد إلى شملٍ بديد ! ومصداق ذلك في الكتابِ العزيز وهو عمدتنا نأرز إليه ما حزبتنا الدنيا وضيَّقَ علينا الناس لننهل الحكمة .. قال تعالى مخاطبا رسوله الكريم :"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران 159) .. وهي سنة ماضية تقضي بأن يتنفض عن هؤلاء القليلي الأدب (ولا فرق فيها بين شبِيبَة وشَيْبَة) النفوس الحرة الأبية، والعقول الوقادة الذكية، ليلتفّوا بالرّداءات وأرباب الحماقات من أصحاب النفوس الضعيفة والعقول السخيفة ولو على صلاح عام، فهم يُرَجِّعون الصدى ولا يُجَلُّون الصدا..
ولقد آن للدعوة الى الله أن تنتفض لنفسها .. وأن تغارَ على حقيقتها .. وأن تصدَح بكلمتها .. لقد آن لطريق العمل الاسلامي أن تتسدَّد بوضع نقاط الحقائق والأذواق على حروف الشعارات والأشواق .. بل لقد آن الأوان أن نقولها صريحة .. لا عمل إسلامي بلا دعوة .. ولا دعوة بلا تربية .. ولا تربية بلا حقيقة .. ولا حقيقة بلا سلوك .. ولا سلوك مع الرضى بالعاهات والقبول بالتشوهات والتغافل عن الزلات ...
ألا إن الدين النصيحة .. ألا إنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر -كما قال سلفنا الصالح رضوان الله عليهم- إلا من توجد فيه ثلاث خصال: أن يكون عالما بما يأمر عالما بما ينهى، رفيقا فيما يأمر رفيقا فيما ينهى، عدلا فيما يأمر عدلا فيما ينهى ..
والحمد لله رب العالمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.