أعاد بيان صادر اليوم الجمعة عن المنظمة الدولية "هيومن رايتس ووتش"، إلى الواجهة قضية فتاتي مدينة مراكش اللتين تم اعتقالهما مؤخرا للاشتباه في ممارستهما لسلوك مثلي، حيث تواجه الفتاتان (16 و17 عاما) عقوبة السجن لفترة تصل إلى 3 سنوات بتهمة تبادل القُبل. وطالبت المنظمة التي تُعنى بأمور حقوق الإنسان، السلطات المغربية ب "إسقاط المتابعة عن الفتاتين "ب.ه" و"ش.س" بموجب المادة 489، والتوقف عن ملاحقة الناس بسبب علاقات خاصة تحصل بالتراضي"، مشيرة أنه على المشرعين إلغاء هذه المادة التي تشكل انتهاكا للحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور المغربي، منتقدة في السياق ذاته، استخدام تقارير الشرطة ووثائق المحكمة بشكل عام مصطلح "الشذوذ الجنسي" للإشارة إلى العلاقات الجنسية بين أشخاص من الجنس نفسه. وأعربت المنظمة عن قلقها من العنف الجسدي والعاطفي الذي طال إحدى القاصرات من قبل أهلها قبل تقديمها للمحاكمة وبعد الإفراج عنها ومتابعتها في حالة سراح، داعية في السياق ذاته إلى "وجوب حمايتها من العنف الأسري"، قائلة إنه "في الوقت الذي يواجه فيه المغرب مشاكل حقيقية كالفقر والبطالة والتطرف، تجد السلطات الوقت لمحاكمة مراهقتين بسبب قبلة مزعومة"، وفق ما أوردته المنظمة ضمن بلاغها الذي توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه. وقالت هيومن رايتس ووتش إن القضية تثير أيضا مخاوف بشأن المحاكمة العادلة، في ضوء مزاعم بحصول انتهاكات حقوقية أثناء الاحتجاز، حيث أخبر أحد محامي الدفاع، مولاي الغرفي، هيومن رايتس ووتش، أن الدليل الوحيد الذي اطلع عليه هو "اعترافات" مكتوبة في تقرير الشرطة. وقال المحامي المذكور في إفادته ل "ووتش" إن الفتاتين أنكرتا محتوى محاضر الشرطة أمام النيابة العامة، وقالتا إن الشرطة أجبرتهما على توقيع إفادات لم يقرأنها، حيث أكدت "ب. ه." وهي إحدى المتهمات أنها أُجبرت على توقيع 5 إفادات لم يُسمح لها بقراءة أي منها، مبرزة أن تقارير الشرطة بشأن المتهمتين متطابقين، باستثناء اسميّ الفتاتين. ونبهت المنظمة إلى أن اعتراف الفتاتين بأنهما وقعها على المحضر دون قراءته حيث أجبرن على ذلك، هو نمط تستعمله الشرطة المغربية في أخذ اعترافات المتهمين، وتنتهك فيه المحاكم المغربية الحق في محاكمة عادلة باعتمادها كثيرا على الاعترافات لإدانة المتهمين من دون إجراء تحقيقات جدية عند تنصل المتهمين من اعترافاتهم وقولهم إنها انتُزعت تحت الإكراه أو مزورة. وأشارت المنظمة أنه في 5 قضايا تضمنت 77 متهما فُصل فيها بين عامي 2008 و2013، أدانت المحاكم المغربية المتهمين فقط بناء على اعترافات مثيرة للجدل، وكرر متهمون في عديد من القضايا، أو محاميهم، قولهم ل "هيومن رايتس ووتش" إن الشرطة في أكثر الحالات إما أجبرت المتهمين أو خوّفتهم للتوقيع على أقوالهم دون قراءتها. ونقلت المنظمة عن عضو بمجموعة "أصوات" لمناهضة التمييز المبني على الجنسانية والنوع الاجتماعي، قوله "إن تجربة الفتاتين في الاعتقال كانت مؤلمة ومهينة"، مضيفا أن المتهمة "ب. ه." أخبرت المجموعة أنها تعرضت للتهديد من سجينات بالغات، وقالت إنها كانت خائفة حتى أنها لم تأكل مدة 3 أيام، فيما قالت المتهمة الثانية "ش. س." إنه قبل إرسالها إلى مركز احتجاز الأحداث، أُجبرت رفقة صديقتها على خلع ملابسهما أمام السجينات الأخريات ليتم تفتيشهما". واعتبرت المنظمة أن تجريم السلوك المثلي بالتراضي ينتهك حقوق الإنسان الأساسية التي يحميها القانون الدولي، ويخالف "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي انضم إليه المغرب في 1979، والذي يحظر التدخل في الحق في الخصوصية، مُذكرة بأن "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة" أدانت القوانين التي تجرم السلوك المثلي بالتراضي، لأنه يخرق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأشارت أن "فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي" اعتبر أن اعتقال الأشخاص بسبب السلوك الجنسي مثلي بالتراضي هو انتهاك لحقوق الإنسان من حيث التعريف، منبهة إلى أن دستور المغرب لعام 2011 ينص في ديباجته على أن المغرب يلتزم ب "حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان".