إن ما برز إلى السطح قبيل المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، من اختلاف يكاد يصل إلى حد التناقض حول شرعية التمديد لبنكيران من عدمه، وما تبع ذلك من سجال قانوني، لم يتمكن المجلس الوطني من حسمه، يعكس في الحقيقة خلافا عميقا حول الهوية السياسية للحزب. هو خلاف بين تيار محافظ، لا يرى في حزب العدالة والتنمية سوى ذراع سياسي لحركة التوحيد والإصلاح، الهدف من وجوده هو تنزيل الرؤية الإصلاحية للحركة قدر الإمكان، والمدافعة السياسية للحفاظ على الطابع الديني التقليدي للدولة، وهذه المهمة مشروطة بعدم الدخول في أي نوع من الصدام مع الدولة، حتى لو أدى ذلك إلى التوقف عن أداء هذه المهمة مرحليا. وفي هذا المنطق لا تهم كثيرا نتائج الانتخابات، ولا حتى احترام القواعد الديمقراطية، بل يمكن تجاوزها إذا كان هناك أي احتمال – ولو ضعيف – للدخول في صراع مع الدولة قد يهدد المشروع وجوديا. وفي المقابل، هناك فئات واسعة من أعضاء الحزب خاصة الشباب، يعتبرون أنه قد حان الوقت ليتحول الحزب إلى حزب حديث يناضل من أجل بناء دولة المؤسسات، التي تحترم فيها إرادة المواطنين وحرياتهم، وتسود فيها العدالة الإجتماعية. و يكون الدور الأساسي للحزب هو مواجهة الفساد والاستبداد المتخفي وراء أجهزة الدولة، لأن استمراره يهدد هذه الأخيرة في وجودها. وتعتبر هذه الرؤية أن شرط القيام بهذا الدور هو الحفاظ على استقلالية قرار الحزب، وعدم التضحية به تحت أي مبرر غير عقلاني تختبئ تحته إرادات الاستبداد والسيطرة من داخل التنظيم أو من داخل الدولة.