قال الباحث السياسي عبد الصمد بلكبير، إن السيناريو المتوقع لتجاوز حالة "البلوكاج" التي تعرفها عملية تشكيل الحكومة الجديدة، هو أن يتدخل الملك لحل المشكل، معتبرا أن هذ الأمر يعطي أهمية للملكية في التجربة المغربية. إعادة التوازنات الحقيقية وأوضح بلكبير في تصريح لجريدة "العمق"، أن التدخل الملكي يجب أن يهدف إلى إعادة التوازنات بمنطق يراعي فيه التوازنات الحقيقية التي عبر عنها الشعب في 7 أكتوبر، معتبرا أن الارتهان لمنطق حزب التجمع الوطني للأحرار ومن خلفه لن يُخرج تشكيل الحكومة من المأزق. واعتبر أن حزب "الأحرار" لن يحترموا الدستور بسهولة وسيستعملون جميع الوسائل، مستدركا بالقول: "لكن السلطات العليا ستفهم أنه ليس من مصلحتها ولا مصلحة الدولة والشعب والديمقراطية، أن تذهب مع رغبات هذا الحزب"، مشددا على أنه يمكن الوصول إلى حل وسط بملامح واضحة. وبخصوص طبيعة الأزمة الحالية في تشكيل الحكومة، أوضح المتحدث أن حقيقة الأزمة تكمن في مضمون الحكومة، "بمعنى المضمون الثقافي والفكري والأخلاقي والقيمي"، مشيرا إلى أن وجود حزب الاستقلال في الحكومة سيجعل ميزان القوى لصالح العدالة والتنمية، "وإلا فإنه من الأفضل تشكيل حكومة أقلية بين الأحزاب الثلاثة التي أعلنت مواقفها الرسمية". التحكم الأستاذ الجامعي اعتبر أن "الطرف الذي يدافع عن ما قبل دستور 2011، يستعمل وسائل تبدو قانونية لكنها غير أخلاقية، من أجل عرقلة القانون وللتأويل الرجعي وغير الديمقراطي والسلبي للدستور، وذلك بعدما أخفقوا في الانتخابات"، حسب قوله. وقال بلكبير "في آخر المطاف، السياسة يحكمها ميزان القوى وليس النصوص القانونية والدستورية، لأن النصوص تؤول من طرف الأقوى، وللأسف الشديد الأقوى الآن بالمغرب ليس هو صندوق الانتخابات وليس الحزب الذي أخذ 125 مقعدا، بل هو التحكم الذي يستعمل قوته الإدارية والمالية والاقتصادية وربما أكثر من ذلك في هذه المعركة، وواضح أن السلطات العليا ليست محايدة تماما في هذه النازلة". واستدرك بالقول: "الآفاق لن تكون خطيرة لأنه بالرغم من كون المتحكمين يشعرون أنهم الأقوى، فلا يستطيعون أن يغامروا سواء بتفويت مهمة تشكيل الحكومة إلى الحزب الثاني كتأويل غير ديمقراطي للدستور، لأنه سيسبب مشاكل لا حصر لها لصورة المغرب على مستوى الخارج ولدى الموقف الشعبي، كما لا يستطيعون إعادة الانتخابات لأن شرعية العدالة والتنمية ستتضاعف". وأرجع المتحدث سبب الأوضاع الحالية إلى الغموض الذي يلف الفصل 47 من الدستور، الذي ينص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز في الانتخابات، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان الإشارة في الفصل ذاته إلى أنه في حالة فشل التكليف الأول في تشكيل الحكومة، تعاد الانتخابات مثلا، حتى لا يبقى الباب مفتوحا لاحتمالات الفوضى، وفق تعبيره. عقدة حزب الاستقلال وبخصوص تفاصيل تشكيل الحكومة، أوضح بلكبير أن عقدة حزب الأحرار تكمن في وجود أو عدم وجود حزب الاستقلال بالحكومة، معتبرا أن هذا الأمر يختصر موضوعا آخرا وهو توازن القوى داخل الحكومة، فإذا كان حزب الميزان داخل الحكومة سيكون ميزان القوى لصالح البيجيدي، لذلك المطلوب من ابن كيران أن يصمد إلى النهاية، لأن التنازل عن "الاستقلال" سيسبب خسارات لا حصر لها لحزب المصباح شعبيا وحزبيا، يضيف بالقول. وأشار في نفس السياق، إلى أن دخول الاستقلال للحكومة من عدمه، يعني خريطة سياسية تنسجم مع ما صوت من أجله الشعب المغربي على العدالة والتنمية، أو خريطة فيها ردة وانقلاب أبيض، مضيفا بالقول: "والله يحفظ يولي انقلاب في شكل آخر باسم ميزان القوى". وتابع قوله: "البيجيدي والاستقلال متقاربان جدا من حيث المرجعيات الفكرية والثقافية، وما قام به حزب شباط من مراجعة ونقد ذاتي ضمني وأحيانا صريح وعلني، شيء إيجابي، والمفروض من ابن كيران عدم التخلي عنه لأن ذلك سيفقده شعبيته ومصداقيته والثقة التي يحضى بها من جهة، ومن جهة أخرى ستنشأ حكومة برأسين في حالة التحالف مع الأحرار، "لأن أخنوش سيتصرف معه راس لراس، أنا ونتا وخصنا نتقاسموا هاذ الغنيمة". حزب فرنسا والتعليم عبد الصمد بلكبير أشار في تصريحه لجريدة "العمق"، أن أخنوش لا يريد فقط أخذ الوزارات السمينة والاستراتيجية، لأن الأخطر من وزارة المالية هي الوزارات المعنوية القريبة من الناس، حسب وصفه، مشيرا إلى أن صحافة أخنوش تحاول توجيه الأنظار بشكل خاطئ بأن النقاش يوجد حول وزارة المالية. وأضاف أن "الأخطر هي الوزارات التي تهم الإنسان، وهذا ما يهم فرنسا وحزبها في المغرب، والتي تريد تقرير مصير الوجدان والعقل والوعي والذاكرة والأسرة والقيم والأخلاق، وعلى رأسها وزارة التعليم، هذا هو المشكل الحقيقي وليس ما يقولون في الصحافة"، حسب قوله. وفي نفس السياق، أوضح المتحدث أن ما سماه بحزب فرنسا يعرف جيدا أنه من خلال السيطرة على عقول الناس وذاكرتهم ووعيهم وأخلاقهم سيكسبون المال، ويعرفون أن القيمة الإضافية الجوهرية للعدالة والتنمية من خلال التجربة الحكومية الأولى، هي أنه لا توجد تناقضات كبيرة في الأمور الاقتصادية، بل توجد خلافات بسيطة في الأمور الاجتماعية يمكن تجاوزها. واعتبر أن الذي لا يمكن قبوله في الحكومة الجديدة، هو وضع وزير للتعليم من طرف فرنسا وألا تكون له علاقة بالمجال، مشيرا إلى أنه "لا يمكن للشعب المغربي أن يقبل من ابن كيران أن يتسامح مع هذا الأمر وفي باقي الوزارات الشبيهة بالتعليم"، على حد قوله.