طالب المركز المغربي لحقوق الإنسان، بضرورة إخراج مشروع دعم النساء الأرامل والمطلقات إلى الوجود، داعيا إلى تحقيق نزيه وموضوعي حول فاجعة سيدي بولعلام التي أودت بحياة 15 امرأة، وتحديد المسؤوليات التقصيرية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات إدارية وقانونية، لمنع تكرار مثل هذه الفاجعة. وطالب المركز في بلاغ له، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، بضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، وفق التوجيهات الملكية الأخيرة، والبحث عن حلول مبتكرة، من خلال إشراك فعاليات المجتمع المدني والنخب المغربية الشابة، خريجي المعاهد والمدارس المغربية، وتنظيم مباريات حول المشاريع التنموية الناجحة، وتشجيع الاقتصاد التضامني، والتجارة المنصفة، كمسلك وحيد للنهوض بوضعية الشرائح المغربية في وضعية هشة. وأوضح المركز الحقوقي، أنه شكل لجنة تحقيق فورية، للوقوف على حيثيات الواقعة، حيث قام أعضاؤه بكل من الصويرة والنواحي، ومراكشوآسفي وشيشاوة بتحقيقات دقيقة، من خلال الاستماع لشهود عيان، فضلا عن تحليل المعطيات الواردة عبر بعض وسائل الإعلام، بإشراف المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان. وكشف لجن التحقيق التي شكلها المركز، أن عدد الوافدين الذين حجوا إلى السوق الأسبوعي لسيدي بولعلام للاستفادة من قفة جمعية أغيسي لحفظ القرآن الكريم والأعمال الاجتماعية بمناسبة المسيرة الخضراء، فاق 3500، حيث قدمت نساء من أقاليم مجاورة، كآسفي وشيشاوة، علما أن رصيد المساعدات التي كان من المزمع أن تستفيد منها الأسر المعوزة، لا يتعدى 2500 حصة، لافتا إلى أن القفة التي توزعها الجمعية منذ أربع سنوات، كانت عبارة عن كيس من الدقيق وقنينة زيت وعلبتي شاي. وأشار البلاغ إلى أن عملية توزيع المساعدات حرت بعلم ممثلي السلطات العمومية، إلا أنه لم يتم تقدير حجم جحافل النساء والرجال، الذين قدم بعضهم من مناطق بعيدة بعشرات الكيلومترات من المنطقة، بل تابعة لأقاليم أخرى، مضيفا أنه "رغم حضور ممثلي السلطات العمومية في عين المكان، بمن فيهم رئيس الدائرة والقائد الشاب الحديث التعيين بالمنطقة، وبتواجد قائد الدرك الملكي بالمنطقة، لم تحظى المنطقة بتعزيزات أمنية مناسبة من القوات العمومية، إزاء العدد الغفير من النساء والرجال، الذين ملؤوا المكان بشكل مفاجئ وغير متوقع، بعدما تحركت الاتصالات الهاتفية بين النساء لاغتنام فرصة تسلم مساعدات مجانية". وسجل المركز أنه رغم العدد غير الكافي من الحصص، استمرت عملية تسليم المؤونة، حيث حصلت أشكال متعددة من "المحاباة والزبونية والوساطة في العملية، حسب ما راج بين المواطنين"، كما حصلت "سلوكيات عنيفة مورست من طرف بعض النساء، حيث استعملن إبرا لغرزها في أجسام بعضهن البعض، بغية إفساح الطريق لهن لبلوغ باب مقر منح المساعدات، في حين اكتفى مسيرو الجمعية بتصوير مشاهد تدافع النساء وتصارعهن فيما بينهن". وتابع البلاغ قوله: "بسبب وخز الإبر، والسب والشتم بين النساء، وتشابك بعضهن بالأيادي، صدرت أصوات النجدة والصراخ قبل وقوع الحادثة، مما خلق هلعا في أوساط النساء، تسبب في تدافعهن بشكل عنيف وهستيري، مما نجم عنه دهس بعض النساء اللواتي تعرضن للاختناق والرفس بالأرجل، الشيء الذي تسبب في وفاة بعضهن، وإصابة أخريات إصابات متفاوتة الخطورة، حيث بلغ عدد المتوفيات على الفور 15 امرأة". وخلص تقرير لجنة التحقيق الحقوقية المذكورة، إلى أن فاجعة الصويرة، فضلا عن كونها قضاء وقدرا، ترجع بالأساس إلى الفوضى والعشوائية، وبالتالي تنطوي على مسؤولية تقصيرية، دون أن تكون هناك نية حدوث ذلك أو أية شبهة جناية مدبرة، كما أن عملية منح المساعدات لم تكن من ورائها أحزاب سياسية، بل جرت بمناسبة وطنية، وهي المسيرة الخضراء. واعتبر المركز أنه كان الأجدر أن يصدر ممثلو السلطات العمومية، وفي الوقت المناسب، أوامر بتوقيف العملية، ومنع تسليم المساعدات لأي شخص، وإرجائها إلى تاريخ آخر، بعد إعادة ترتيب العملية وتنظيمها، أو إشراف السلطات العمومية على العملية برمتها. ولفت البلاغ إلى أن ما جرى "ينبغي أن يصحي ضمير المواطنة في نفوسنا جميعا، لنسائل أنفسنا عما تكتمه تضاريس بلادنا الاجتماعية، من مآسي وعلل، تدفع بعض المواطنات المقهورات إلى المجازفة بحياتهن، بعد ان هدرت كرامتهن، وما ينبغي فعله لتقليص هذه الفوارق السوسيو اقتصادية في بلادنا، لكونها مصدر كل هذه المآسي التي تطل علينا بين الفينة والأخرى، كانتحار مي فتيحة والفتاة أمينة الفيلالي وخديجة السويدي وغيرهن". يُشار إلى أن مصادر متطابقة كشفت أن القيادة الجهوية للدرك الملكي بجهة مراكشآسفي، قد أصدرت قرارا بإعفاء القائد الجهوي للدرك الملكي بالصويرة عبد العزيز اعبادة، على خلفية الفاجعة، فيما ذكر بلاغ لوزارة الداخلية، أمس الإثنين، أنه تطبيقا للتعليمات الملكية المتعلقة بالمحاسبة وبالمبادئ التي يتعين أن تحكم العلاقات بين الإدارة والمواطنين، فإنه سيتم الاستماع الى عامل إقليمالصويرة من قبل القضاء، في إطار التحقيق القضائي الذي فتحته النيابة العامة المختصة.