أكد حكيم بن شماش انه لا مجال لأي تراجع عن التعهدات والالتزامات التي قطعتها البلدان التي صادقت على اتفاق باريس بشأن التغيرات المناخية، داعيا البرلمانات الوطنية الأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي إلى تفعيل كافة صلاحياتها الرقابية والتشريعية لحمل الحكومات على احترام التعهدات والالتزامات المتضمنة في الاتفاق المذكور. وأعتبر بن شماش، رئيس الوفد البرلماني المغربي، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع البرلماني المنعقد بمناسبة "كوب 23" يوم 12 نونبر الجاري بمدينة بون بألمانيا، أن "أي تراجع من هذا القبيل سيؤدي ثمن فاتورته معظم دول الجنوب وخاصة منها البلدان الإفريقية التي يعاني معظمها من تداعيات الآثار السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية". وقال " في هذا الشأن "حان الوقت للمؤسسات التشريعية لإرساء خطة عمل برلمانية تفضي إلى تحقيق عدالة مناخية عالمية منصفة، فعالة، ومستدامة". وجدد بن شماش الذي كان يتحدث باسم البرلمانات الإفريقية، تأكيد انخراط برلمانات القارة السمراء منذ إقرار اتفاق باريس في شتنبر 2015، مرورا بقمة مراكش في نونبر 2016، وانتهاء بمؤتمر بون 2017، في كل "الديناميات الهادفة إلى تحقيق دعم كاف ومناسب لمستلزمات التكيف مع التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية". واستعرض بن شماش في معرض مداخلته أهم ما تضمنه"إعلان الرباط" المنبثق عن الاجتماع البرلماني الإفريقي التشاوري المنعقد بالرباط يوم 27 اكتوبر 2017، وداعا رئاسة الاتحاد البرلماني الدولي إلى اعتماد هذه الوثيقة المرجعية، وضمها ضمن أوراق هذا الاجتماع البرلماني الدولي. وفي هذا الإطار، أكد بن شماش على تشبث البرلمانات الإفريقية بالتقدم الحاصل في مجال التعاقدات والالتزامات الدولية بشأن التغيرات المناخية كما توجت باتفاق باريس وإعلان مراكش للعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة، وأيضا الالتزام بالعمل على اعتماد التشريعات الوطنية الكفيلة بالحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من آثاره وتشجيع التنمية المستدامة والاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة، وكذا الالتزام بالعمل من خلال المهام الرقابية للبرلمانات على جعل حكومات البلدان الإفريقية، تفي بالتزاماتها في ما يرجع إلى المساهمة في الحد من انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. وذكر بن شماش أن الحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من آثاره الكارثية على البشرية، حاضرا ومستقبلا، يعد مسؤولية تاريخية مشتركة بين أعضاء المجموعة الدولية، معتبرا أن الأمر يتعلق بضرورة أخلاقية وواجب إنساني، يقتضي تضامنا دوليا ملموسا وتقاسما للأعباء المالية الضرورية لتحقيق الأهداف التي التزمت المجموعة الدولية ببلوغها وخاصة في مؤتمر باريس. ودعا في هذا الصدد، الدول والمنظمات المانحة، وخاصة البلدان الغنية، إلى الوفاء العاجل بالتزاماتها إزاء "الصندوق الأخضر من أجل المناخ"، باعتباره آلية لتحقيق هدف تحويل اعتمادات البلدان الغنية إلى البلدان السائرة في طريق النمو، وخاصة الأكثر هشاشة والتي تتأثر أكثر بالاختلالات المناخية، وضخ الاعتمادات الضرورية لتنفيذ المبادرات الهادفة إلى الحد من آثار الاختلالات المناخية على الشعوب الإفريقية. كما شدد على أهمية الاستثمار في إنتاج الطاقات من المصادر المتجددة، خصوصا وأن إفريقيا تتوفر على إمكانيات هائلة من هذه المصادر وتشكل سوقا واعدة في مجال الطاقة، بالنظر إلى العجز الكبير الذي تعاني منه عدة بلدان إفريقية، وخصوصا في المناطق القروية، في التزود بهذه المادة، وبالنظر إلى الاستعمالات المتزايدة للطاقة ودورها المحوري في التنمية والتمدين. وفي نفس السياق، قدم بن شماش كذلك، التقرير الصادر عن الاجتماع البرلماني الذي نظمه مجلس المستشارين يوم 26 يناير 2017 بتعاون مع معهد غرانتهام للأبحاث حول المناخ والتنمية، ومؤسسة ويستمنستر للديمقراطية حول موضوع "ملاءمة التشريعات الوطنية مع اتفاق باريس بشان التغيرات المناخية" باعتباره يشكل خارطة طريق على المستوى التشريعي للاستجابة للمتطلبات التي يقتضيها تفعيل اتفاق باريس، مبرزا في هذا الباب أن البرلمان المغربي هو الوحيد الذي نظم هذا لقاء من هذا النوع بهدف ملاءمة تشريعاته مع اتفاق باريس، وذلك باعتراف خبراء من معهد غرانتهام للأبحاث حول المناخ والتنمية. إلى ذلك وافق الاتحاد البرلماني الدولي على الطلب الذي تقدم به حكيم بن شماش، بضم "إعلان الرباط" بشأن التغيرات المناخية إلى الوثائق المنبثقة عن الاجتماع البرلماني المنعقد بمناسبة "كوب 23" في مدينة بون الألمانية، وذلك بعد نقاش ساخن ضغط فيها رئيس برلمان عموم إفريقيا وهددت بعض ممثلي البرلمانات الإفريقية بالانسحاب، في حالة عدم اعتماد "إعلان الرباط" كوثيقة مرجعية ضمن الوثيقة الختامية المنبثقة عن الاجتماع البرلماني الدولي بمدينة بون الألمانية.