الرجاء يشتكي آيت منا إلى القضاء    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي        28 ناجيا من تحطم طائرة بكازاخستان    مسؤول روسي: المغرب ضمن الدول ال20 المهتمة بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"    التوحيد والإصلاح: نثمن تعديل المدونة    بلاغ رسمي من إدارة نادي المغرب أتلتيك تطوان: توضيحات حول تصريحات المدرب عبد العزيز العامري    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي    تأجيل محاكمة عزيز غالي إثر شكاية تتهمه بالمس بالوحدة الترابية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    الريسوني: مقترحات التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة قد تُلزم المرأة بدفع المهر للرجل في المستقبل    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: التحفيز والتأديب الوظيفي آليات الحكامة الرشيدة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    "ميسوجينية" سليمان الريسوني    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    بنحمزة: الأسرة تحظى بالأهمية في فكر أمير المؤمنين .. وسقف الاجتهاد مُطلق    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إغلاق "فريواطو".. إقبار للسياحة الجبلية وللرواج الاقتصادي بتازة
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 10 - 2017

تَازة، تلكَ المدينة العَريقة الواقفة على الجِبال، المُطلة على مِساحاتٍ ضَخمةٍ من الاسْتغلالياتِ الفلاحِية والتَجمُعات السَكنية، والراقِدة على مَغاراتٍ وكهوفٍ يتساوى عدَدُها وأيام السَنة، ماضِيها وبُطولات أبنائِها منذ إرهاصات استْعمار الدَولة؛ أجازَ لها أن تشْغل مَراكز متقدمة على مستوى أصْعدَة مُختَلفة، وأَن تُغدو مَرجِعا تاريخِيا وثقافِيا وسِياحياً للباحثينَ في مجالات مُتعدِدَة.
هذِه المَدينة، بِحاضِرتَيْها القَديمَة والمُحدثة، اسْتطاعَت أنتُشكل استثناءً في المَمْلكة مِن خَلال مَوضِعها الجُغرافِي وأطُرهَا الكُفؤة التي سَيرَت مَراكز حَساسَة في أجْهزة الدَولة، هي التي شَكلت في مَرحلةٍ سابقة ممرا حَيوياً ونقطة اسْتراتيجِية تَربطُ شَرقَ المَملكة بِغربِها، وشَهِد لَها العَدو باسْتحالَة السَيطرَة على المَغرِب دون التَمكُن مِنها.
اشتهرَت تَازة تارِيخِيا بِصابُونها البلدي المُتفَردِ، وبِجمَالِها الطَبيعي الذِي لَم تَمسَسْه يدُ الإنسانِ، وبمُؤهِلاتِها السِياحيَة التي فَرضَت نَفسَها أَولا كَمكَوناتٍ جاذِبة للزُوار وَطنياً ودولياً، وثانياً كمُحصنٍ للمَغْرب عسْكَريا؛ كُل المَباني التارِيخِية والمَواقِع الأثَرية بهَذه المَدينَة، تؤهلُها لأنْ تُصنَف تُراثَا وطَنيا.
تازة: مَغارات تُماثِل عَدد أيامِ السَنة وغِيابٌ لاهتِمام رَسمي
تَنتشِر عَلى امْتدادِ جَماعَات إقليمِ تَازة،مَجموعةٍ ضَخمة مِن المَغاراتِ يصِل عَددُها 356 مغارة،بدْءا بجماعة "الشيكر" مُرورا ب"مَغراوة" وانتِهاءً بِ"واد أمْليل" و"بويبلان" و"واد إنَاون"، حَيثُ يُمثِل هَذا الحَيز الجُغرافِي مُستقَرا لِكلِ مُحاوَلاتِ التَشكيلِ بِتظافُرِ جُهودِ المَاء والصَخرِ والزَمنِ.
هُنا؛ تُطوقُك مَغاراتٍ أُفقية وعُمودِية والسَهلة والقَابلةِ للاسْتغوارِ والوَعرَة وفَائقَة الوُعورة؛ أشْكالٌ وألوانٌ وأحجامٌ شَكلت لَوحَة فَنية طَبيعِية تَشد الزَائرَ العادِي قَبلَ المُولع ب"الإستغوار"؛ هُنا فقط، تكون الطبيعة قدْ أَبدعتْ بأقْصى مَا لدَيها.
إلى حُدودِ اليوْم، مِن بينِ الكَم الهائلِ مِن المَغاراتِ المُكتشَفَة قَديماً وحَديثاً، تَرقُد ثَلاث مَغاراتٍ، إحْداها تُصنِف الأولَى إفريقِيا من حَيثُ العُمق والحَجم والثَانية عَالمِيا بنفسِ المِعيارَين، والمَغارَتان الثَانية والثَالثة تَتَبِعان الأولى في التَصنيفِ.
مَغارات"الشعرة " و"شيكر" و"فري واطو" هي مَغاراتٍ اكْتُشفَت منذُ زمَنٍ ليسَبالبَعيدِ، تَتَواجدُ الأولى بالنُفوذِ التُرابي ل"لصميعة" حَيثُ تَمتدُ على مسافَة عَشرة أمتار عمقا و7000 مترا طولا. بَينَما الثانية هِي بِمثابَة اسْفنجٍ يمتَص كُل مِياهِ التَساقُطاتِ المَطرِية وتَدفُقَات الثُلوجِ القادِمة منَ السَفح، ويَصِل عمقها 217 متر.
مَغَارة "فريواطو"، التي يُسَمِيهَا المُولَعٌونَ بِمجَال الإسْتغوارِ"جَوهَرَة تازة"، تَنتَمي لِنُفوذِ جَماعَة "بودير" بدوار "شيكر" تَحديدا مُتوسِطةً مُنتزهَ "تازكا" الوطَني،وتَحوز فوهةً ضَخمة بقُطر يبلغُ 40 متر، ولمْ يَستطِع أحدٌ أن يُحددَ طُولها وعُمقها أو حُدودها الجُغرافِية.
فْرِي واطو: ثانِي أعْمَق تجْويفٍ أرضيٍ عالمِياً
"مَغارَة فْري واطُو، تُصنَف الثَانية عَالمياً بَعد خَليج بَيْروت، رُغمَ أنَ المُستغَورينَ الذينَ وصَلوا إِلى أَقصَى نُقطَة مُمكِنة، رَجعوا بخُفي حُنيْن، وَلَم يَتمَكنوا مِن مَواصَلة اسْتكْشافِ حُدودِها وأغْوارِها بِسبَب نَقصٍ في الأكْسجٍين وصُعوبَة المَسالِك". يحكي محمد قاسمي، رئيس جمعية فري واطو لتشجيع الإستغوار والسياحة الجبلية، في تصريح لجريدة "العمق".
تَتَجَزَأُ المَغارَةُ إِلى قِسمَيْن، فَضاءٌ أولٌ يَبلغُ عُمقُه 160 متر، تَصِل إلى حدِه بَعدَ أَن تَطَأ قَدمَاكَ حَوالِي 520درج، داخِل فَضاءٍ لَمْ تَمْسَسَهُ يَدُ الإنِسانِ فِي النَشْأةِ وَالتَكوينِ والاسْتِمرَارِ، تَتَسَربُ إِليكَ أشِعة الشَمْس على مَدى المَسافةِ لِوجُود فَوهَةٍ طَبيعِية هِي الثَانِية مِن حَيثُ القُطْر بِالإقْليمِ.
قَاسِمي في ذات التصريح، وَهو يُقدم لنا وَسطَ المَغَارة، بِسبَبِ اسْتحَالَةِ الوُلوجِ إِليْها مُنذ سَنة ونَيف بِقرَارٍ عامليٍ، لَم يَفُتهُ أَن يُشَدِد عَلى ضَرورَة مُرافَقة المُرشدِ عِندَ الانْتقالِ إِلى الفَضاءِ الثاني مِن المَغارَة، واسْتخدَامِ مُعداتِ خاصَة وبدلات مُقاومة الرُطوبَة، وهُنا جَوهَر المَغارة ورُوحهَا" يقول قاسمي، مضيفا، "تًوجدً مَجموعَة مِنَ المَناظِرِ الطَبيعِية والصُخورِ الكِلسِية، ومَوادَ الكْريسْتَالِ التِي لَزمَ تَكوينَها مَلايينَ السِنينَ وبُحيراتٍ مَائيةٍ تَصِل أكْبرها طولاَ إلى 3كلمترات".
حَاولنَا اسْتكشَافَ جَوانِبَ المَغارة، فأثارَ انْتبَاهَنا قِطعة مَعدنيةٍ تُستخدمُ في تَثبيتِ حِبالِ النُزولِ، لِيُخبِرنَا مُرافِقنَا أنَها تَعودُ للفَرنسِي "نُوربِيرْ كَاستُورِي"أَولَ شَخصِ تَطأ قَدماهُ قلبَ المَغارَة سنة 1933.
حَميد رَياني، إِعلامي بالمَنطقة، ومُرافِقنا طِيلَة الرِحلَة، لَم يَفتْه الَتنبيهَ إلى أَنَ"مُكتشِفها الأَول اتَفقَ هُنا مَع الجَميعُ علَى إِطلاقِ اسْميْنِ مُختَلفَين لفضاءيها، فأشار للأول بِ"قاعة الموسيقى" لأنَ قطَراتِ الموسِيقى تَنزِل مِن مُستوى أعْلى وَبِنزولُها المُنتظَمِ تُحدِثُ رَنة مُوسيقِية، والثاني بقَاعَة "العذراء" للشَبهِ الرَهيبِ الذِي يَربِطُ بينَ الصَواعِد والنَوازِلِ المُكونَة لِهذا الفَضَاء ومَجمُوعة منَ التَماثِيلِ الدِينيةِ عِندَ المَسيحِ.
فْري وَاطو تَتسَببُ في كَسَادِ سُوقِ تَازة.. وسُمعَة عَلى المِحكِ
مُحمد قَاسِمي،بَدا مُتحَسِرا طِوالَ الوَقتِ علَى وَاقعِ السِياحَة والاقْتصَادِ بالمَنطقَة بَعدَ إغْلاَقِ "جَوهرَة المَواقِع السِياحية"، ومَا خَلفَته مِن تدَهورٍ عمِيق في بِنيةِ الرَواج التِجارِي بإقْليمِ تَازَة.
"كايْنينْ زُوارْ خَاصين جْدا، كَايجيو هْنا غير باشْ ياخْذوا قْهوَة بالقُربْ مِن فضَاء المَغارة، وَآخرونْ مُخلِصونْ للَمغارَة يأتُون كلَ سَنةٍ لزِيارَتِها بالنُزولِ 20 أو 30 دَرْجة ويعَودون" هكَذا تَحدث قاسمي، مضيفا "مَقاهِي وَمطَاعِم وفَنادِق وطَاكسِيات تازَة كَانت تَعرفُ روَاجا مُكثفا، والآن كُل شَيء مُتوقف". يقول المتحدث.
حَسَب رئِيس الجَمعية المُسيرَة لشُؤونِ المَغارة، فإِن نَشاطَ هَذِه الأخِيرَة كانَ يُوفِرُ أزيَدَ مِنْ 10منَاصِبَ شُغلٍ دَائمة وأخْرى مُؤقتَة؛ مِن ضِمنِها مُرافقَة الزُوار وحِراسَة المَمرات ومُراقبةِ الفَوهة مِن أعْلى بالإضَافة إلَى حِراسَة مَوقِف السَيارات، إلاَ أنَه خِلالَ جَولتِنا وسَطَ المَدينةِ وبِجمَاعَة "بابِ بوديرْ" و"آيت شيكر"، لاَ شَيء هُنا يُوحِي برَواجٍ اقْتصَادِي ولاَ بِزوارِ غُربَاءٍ عنِ المَنطقة، كُل مَا يُوجدُ هُو بِضع عَشراتٍ مِن الزوارِ فضَلوا السِياحة الجَبلِية وأَتوا بِكلِ مُعداتِ رحَلات البَر، ورَاحُوا يَسْتكشِفونَ جَوانِبَ قرية "بَابَ بودير".
يَتذَكَر مُتحدثنا، كَيفَ كانَ الزُوار يَتقاطَرونَ على المَغارَة وعلى بَاقي المَواقعَ السياحيةِ المُحيطةَ، حَتَى كانَت الفَنادِق والمَنازِل المُعدة للكِراء تَمتلِئ عَن آخِرِها، وَتقعُ الجَمعية فِي حَرجِ عدَم تَوفيرِ طَاقةِ اسْتِيعَابية للزُوارِ الذينَ يتَزايدُ عددهم خلال فَصْلَي الربيعَ والصَيفَ.
يُونس، المُنتَمي لِذاتِ الجَمْعيةِ، قَال في تصريح لجريدة "العمق" إن "السُلطاتِ المَحَلِية بِتازَة تَقومُ بِفتحِ أبوابَ المَغارَة كُلما تَعلقَ الأمْر بِزوارٍ "خاصِين مِن جِهتها" وتُغلقها في وَجهِ الزُوارِ الأجَانبِ الذينَ يَودُونَ اسْتكشَافِها وسَبرِ أغْوارِهَا،" وفي هذا الصدد، ذَكر المُتحدث نفسهُ "لقد اتفقَنا في إطارِ جَمعِيتنا مَع إحدى المُنظمَاتِ التِي تُعنَى بمَجَالِ الإسْتغوارِ بإسْبانيا، لْزيارَة المَغارَة، وَهُو الاتفاقُ الذي أبلَغناهُ للسُلطاتِ بالإقليمِ وقَامَت بالمُوافقة عليه "شفاهيا"، لِنتفاجَأ بِضربِ الحِصارِ عَلى أبْوابِ المَغارَة عِندَ قُدومِ الزُوارِ الأجَانبِ وتَم مَنعُهم مِن ولُوجِها".
الحَادثُ اعتَبرهٌ يونس، في التصريح نفسه "تَلطيخاً لِسمْعَةِ المَغارَةِ ولِسُمعَة القَائِمينَ عَليهَا مِنْ "أَعْلى"، أَمَامَ أَجَانِبَ جَاؤُوا لِغَرضٍ عِلمِي وَأَكادِيمي مَحْضٍ، فِي حِين يَتمُ فَتحُها لِأْجلِ أغراضٍ أقَلَ أهَمِية وأقَلَ مَردُودِيةٍ اقْتصَادِيا".
مَغَارة فْري واطُو: مَصيرٌ مَجهُولٌ بِسبَبِ "عَدَم الاخْتصَاصِ"
إغلاقُ مَغارَة "فري واطو"، كَان بِقرارِ لَجْنة مُشتَركَة بَيْن الجَمَاعة التُرابية وعَمالةِ إقليمِ تَازَة، عَقِب حادِثِ مَقْتلِ مُؤطِرةٍ تَربَويةٍ كَانت تٌرافق مَجموعة مِنَ التلامِيذ في رِحلةٍ اسْتكشافِية للمَغارَةِ.
الحادِثُ جَرت أطَوارُه بَحرَ السَنة المَاضِية، عِندَما تَصدَع سَقْف المَغَارة وسَقطَت قِطعَة مِنْهٌ، وانْقَسَمت إلى جُزئَينِ، أحَدهُما أودَى بِحياةِ المٌؤطِرة علَى الفَوْر،وبِنفسِ السُرعَة تَم إيفَاد لَجنة مُشتَركة قَررَت إغلاقَ الَمغارة، ووضَعت لافِتة إشْهارِية في المَدخل تَحملُ عِبارَة "المَغارة مُغلقة مُؤقتا، سَتعرفُ عَملية الإصْلاح والتَرمِيم".
الجَمعِية المُسيِرة لشُؤونِ المَغَارَة لمْ تَتَلق أي إشعَار "رَسْمِي" مِن طَرف أيَة جِهة بإغِلاق المَغارة أَو بِتارِيخِ إعَادة الفَتح أو بِتفاصِيل التَرمِيمِ والإصْلاح، وَلمْ تَتم اسْتشَارَتها خِلالَ عَمليةِ اتخَاذ قرَارِ الإغْلاقِ.
"هوَ حدَث عرَضِي، لاَ يَعنِي أنَه سُجِل تقْصيرٌ مِن أيَة جِهة مُتدخلة فِي تَسييِر المَغارة، فَتَصدُع الجَبلِ بعَاملٍ من عَوامل الطَبيعة كالرَجات الأرْضية، أو الضَجيج الكَثيفِ داخِلَ المَغارَة أو تَآكل الحِجَارة أمرٌ عَادٍ ويَقعُ في كُل بِقاعِ العَالمِ" يقول رئيس الجمعية المسيرة" مضيفا" لكنَإغْلاق جَوهَرةِ لِلموَاقِع السِياحية بإقليم تازة ليسَ حَلا".
حادث الوفاة، كَانَ الشَجرَة التِي تُخفِي الغَابَة، إذ تَوقفَ العَمل فِي مَغارة كانَت تَعيشُ علَى وقعِ حَربٍ هامِدة بيْن الجَمعية المُسيرة لشؤونِها وَالجمَاعة التُرابية لِبابِ بُودير، لِتصِلَ رَدهَاتِ المَحاكِم، وَتقَرر المَحكمة أحَقية طَرف ثَالثٍ في تَملٌك المَكانِ.
"الإغلاقُ يُضرُ باقتِصادِ وسُمعَة تازة" هِي الجُملةُ التي اسْتهلَ بِها السَيد عبد المجيد بنكمرة، رئيس جماعة باب بودير، حَديثه فِي اتِصَالٍ هَاتِفي مَع موْقعِ "العمق المغربي" مؤكِدا عَلى أَن قَرارَ الإغْلاقِ تَتَحمَل فِيهِ السُلطَات الإقْليمِية المَسؤولِية، كَمَا تتَحمَل الجَمعية المُسيِرة لِشؤونِ المَغارَة المَسؤولِية بِسبَبِ عَدَمِ أداءَها مُستحَقاتِ الكِراءِ لِمَا يُناهِز سِتِ سَنواتٍ لصُندوقِ الجَماعَةِ.
رئيسُ الجَمَاعة التُرابية الوَاقعة فوْقهَا مغَارة "فريواطو"، قَال في مَعرض حَديثِه، إِنَ الجَماعَة لَا تَتسبَبُ في أيَة عَمَلية "بلوكاج" لعَمَل المَغارة أو لنشاطِ السِياحَة بالمَنطقةِ، لكَنهَا تَودٌ اسْتغلالَ مُؤهِلاتِها فِي تَعزيزِ مَداخيلِ الجَماعَة لإعَادة تَوجِيه هَذه الأخِيرةِ لِتنْفيذِ مَشارِيع تَنْمَوية".
واستَرْسَل بَنكمرة قائلاً في الاتصال ذاته مع الموقع: "مَا دَامَتِ المَسْألة بِيدِ القضَاء، والجَمعية لمْ تُسدِد دُيونَها للجَماعَة، والمُحدَدة فِي تَاريخِ إغْلاقْها فِي حَوالي 17مليون سنتيم"مضيفا "نَحنُ نَرفضُ تَوقيعَ أية اتِفاقيةٍ أو إِسنادِ عمليةِ التسييرِ والسَهرِ على شُؤونِ المَغارةِ إلى جَمعية فريواطو للاسْتغوارِ وتشْجيعِ السِياحة الجَبلية".
وحَولَ سُؤال ترافعِ مَجْلسِ الجَماعة لأجْلِ فَتحِ المغَارة، أكَدَ بنكمرة ل"العمق" أنهُ طَالبَ غَير مَا مَرةٍ فِي اجْتِمَاعَاتٍ رَسْمِية بإنْهَاء نَزيفِ السِياحَة والرَواجِ الاقتصَادي بالمَنطقة عبْر فَتحِها، لكنَهُ اسْتدرَكَ قَائلا "كُون جبرت راها مفتوحة، ولكن منين نحلوها معامن نخدمو ؟" يتساءل رئيس جماعة "باب بودير".
جمعية من أجل مغارة ..وهذه مقترحاتها لحل "الأزمة"
"أَحبَبنا هذِه المَغارةِ ورافقنا بداياتها الأولى لاسْتقْبالِ الزُوار خِلال تِسعينياتِ القرن المَاضي، مَا تَركته فِينا مِن ذكرَياتٍ لم تُمحَ بالزَمنِ، فَفَكرْنا فِي خَلقِ جَمعيةٍ تُعنى بِشؤونِها وتَطوُر مِن خَدماتِها المُقدَمة للزُوارِ وتُجوِدُها " يقولُ رَئيس جَمعية فريوَاطو لتَشجِيع الإسْتغوار والسَياحَةٍ الجَبلِية، مُضيفا "جِئْنا بالأساسِ للحِفاظِ علَى الثَرواتِ الطَبيعِية دَاخلَ المَغارِة فِي أُفقِ الحَفاظ عليْها حِمايَة للبَيئةِ وضَمانَالاسْتمرارِيتِها بذاتِ المُواصَفاتِ وأفضَل".
قاسمي، يقول في تصريح للجريدة،إنَ الهَدف الأسْمى بعدَ تِسعِ سنَواتٍ منَ التَسيِيرِ أَصبَح لدَيهِم هو جَعلُها مؤسسَة لتعليمِ رياضَة الاسْتغوارِ، مُراهنةً علَى "مُستقبل سِياحِي أفضَلَ للمَنطَقة" عبْر هذِه المَغارَة، نُريدُ جعلَ هذِه الأخِيرَة مَعلمةًوتُراثا طبيعِيا وَطنِيا حَتى تُصبِح في مصاف باقي المَغاراتِ بالدُولِ الأجْنبية.يضيف قاسمي.
الجمْعِية تَرى أنهُ لا بَديلَ عنِ الاسْتثْمَارِ في المَوارِد الطَبيعِية، وأُولاها مَغارةٌ"فري واطو"، وفي هذا الصدد، ذَكرَ مُتحدثنا أن الجَمعية قامت ب"السَهرِ" على نَظافَة فَضائِها الدَاخلِي والخَارجِي وأطَرَت عملِية الزيَارَة عَبْر مَجْمُوعَة مِن التَغْييرَاتِ عَلَى مُستَوى الوُلوجِ لِداخِل المَغارَة وَوَضَعَت قانُوناً داخِلياً للزِيارَةِ، كَما أنَها اعتَادَت فتحَ الطَرِيقِ المُؤدية للمَغَارَة عنْد تَسَاقُطِ الثلُوج بِتدَخل "يدٍ عاملةٍ بسيطةٍ".
وأشَارَ رئيسُ الجَمعية، في معْرِضِ حَديثه ل"العمق"، أن أَعْضَاءَ المَكتَبِ المُسير أتَمُوا عِدة تَكوينَاتٍ في دُول أورُوبية تَهُم مَجالَ الإسْتغْوارِ، وحَصَلوا على دِيبلومَات أُطر فِيدِرالية فَرَنْسية مُتخَصِصَة في تِقنِية الاستغوار" التِي يَحوزُها بِضْع أشْخاصٍ في المَغرِبِ.
ولأجل ضمان حُسن تسييرها وتأهٍيلِها، يرى قَاسِمي، أنه "لاَ مَحيدَ عن إبرَامِ عقْد شَراكةٍ ثلاثية الأطرافِ بين الجَمعية والمَندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والجَمَاعة الترَابيةِ لجمَاعةِ بابِ بودير، وهِي الاتِفاقيَة التِي مِن خِلالِها يتِمُ تَحدِيدُ اختِصاصَاتِ كلِ جِهةٍ على حِدة". على حد قَولِ قاسمي.
" تَصَوُرنا في الجَمعِية بِخُصوصِ تَأهيلِها،يَكْمُنُ في تَجهِيزهَا بالإنَارَة عَبرَ تَركِيب اللَوحَات الشَمسية حِفاظا عليها عبْر دِراسة مِن مَكتَب الدِراسَاتِ للطَاقة المُتجدِدَة إلى جَانبِ تَجهِيزِ مَدخلِها الأَولِ بشَبَكَةٍ وسَلاليمَ حَديديةٍ تُناسب روْنقها الطبيعي وعَقْد شَراكة مع مَكتب الدرَاساتِ التابِع للفِدرَالية الفَرنْسية لأجل تَجهيزِها بِمصْعد كهَربائِي فِي الفَضَاءِ الأولِ مَع إحداثِ أماكِنَ للرَاحَة". يقول رئيس الجمعية.
وعبر المتحدث ذاته، لجريدة "العمق" عن امْتِعاضِه مِنْ طَبيعَة العَلاقَة التي أصْبَحت تَربط الجَمعية بالجَماعَة التُرابِية "باب بودير"، والتِي قالَ إنها "أغلقت كًل الأبْوابِ أمامَ أعْيننا بِنظْرتِهم لنا كَجمْعية غَيْر صَالحَة وغيرِ مُؤهلَة وغير قادرة على تسيير المغارة، رغم تضحياتنا" يضيف قاسمي " وزحفنا نحْو الخارِج لأَجلِ تَلقِي تَكوينَاتٍ في المَجالِ وَ عُدنا بديبلومَات"مؤطر فيدرالي فرنسي في الاستغوار".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.