كانت سلطات إقليمتازة قد سارعت، نهاية أبريل الماضي، إلى إغلاق مغارة فريواطو، مباشرة بعد مصرع أستاذة وجرح 5 من تلامذتها إثر حادث انهيار صخري داخل هذه المعلمة السياحية، التي توجد بدوار شيكر جماعة باب بودير وتبعد عن مدينة تازة بحوالي 26 كلم . «الاتحاد الاشتراكي» رصدت ردود مواطنين وزوار الإقليم ومهتمين بالاستغوار... وسجلت آراءهم وملاحظاتهم واستمعت إلى اقتراحاتهم ورسائلهم الواضحة والمشفرة... كانت سلطات إقليمتازة قد سارعت، نهاية أبريل الماضي، إلى إغلاق مغارة فريواطو، مباشرة بعد مصرع أستاذة وجرح 5 من تلامذتها إثر حادث انهيار صخري داخل هذه المعلمة السياحية، التي توجد بدوار شيكر جماعة باب بودير وتبعد عن مدينة تازة بحوالي 26 كلم . «الاتحاد الاشتراكي» رصدت ردود مواطنين وزوار الإقليم ومهتمين بالاستغوار... وسجلت آراءهم وملاحظاتهم واستمعت إلى اقتراحاتهم ورسائلهم الواضحة والمشفرة... انتقادات وخيبة أمل تقول مواطنة مغربية وهي تروي تفاصيل زيارتها المخيبة للآمال وهي تكشف عن صورة شخصية لها تشير فيها إلى باب المغارة «بعد أن اطلعت في أحد المواقع الإلكترونية على جاذبية المكان، قررت وزوجي زيارته، لكني أصبت بخيبة أمل كبيرة.. أريد فقط أن أعرف متى يتم فتح المغارة أمام الزوار؟» ويتدخل زوجها، بعد أن طلب الرحمة للأستاذة المتوفاة.. «المطلوب اليوم ودون أدنى تردد، إعادة فتح هذه المعلمة السياحية أمام زوار المدينة ، والتعاطي مع المبادرة كأفق واعد للاستثمار السياحي الجبلي ، المطلوب كذلك البحث عن شركاء ولو خارج البلاد». وتابع مستطردا «لابد من توفير شروط السلامة النفسية والجسدية وتوظيف التقنيات الحديثة للمراقبة وتتبع خطوات الزوار الوافدين من داخل الوطن وخارجه، لأن من شأن كل ذلك ضخ دم جديد في شرايين السياحة الجبلية بمدينة تازة وبهذه المنطقة الجبلية التي تعد من مرتكزات إنعاش الاقتصاد المحلي وتعزيز تنمية اجتماعية حقيقية وهو حلم ليس بعيد المنال». وعبر وجه إعلامي بالمدينة عن خيبة أمله بسبب التقصير الإعلامي تجاه المسالة، مضيفا أن إعلام المدينة والجهة منشغل بأمور أخرى بعيدا عن المسار التنموي الفاشل لمدينة تازة. وتابع مستطردا: لماذا لم تستفد هذه المدينة المنكوبة في منتخبيها من موقعها الجغرافي الاستراتيجي في الجهة الشرقية للمملكة؟ وما النتيجة من موقعها وانفتاحها عبر التاريخ وانتمائها للوطن عبر الأجيال والعصور؟. لقد كان مفترضا، يضيف المتحدث نفسه، أن تكون منطقة جذب وعبور ومحور استقطاب حقيقي للضيافات ، وجلب للعديد من هواة السياحة الجبلية من مختلف بقاع العالم . ويتابع بقلق: « مدينتنا وإن كانت تتميز بفضاءات خلابة ومناظر طبيعية ساحرة «راس الماء- باب بودير.. منتزه تازكا ، وبتنوع تضاريسها بين جبال وهضاب وتلال تجعل منها وجهة سياحية مغرية، فهي ليست على نفس القدر من منتخبيها والغيورين على مسارها التنموي، فقدر المدينة أن تسير دون تنمية حقيقية ، ودون رجالات يحملون هم النهوض بمؤهلاتها ... ويسرد زميل له أسماء عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي سادت لفترة وبلبوس انتخابي ، ثم ما لبثت أن أخمدت، بعد أن أوصلت ثلة من الانتهازيين إلى مراكز المسؤولية، معتبرا تشديد الخناق الاقتصادي والسياحي على المدينة الموحدية نكبة حقيقية يتحمل مسؤوليتها منتخبو المنطقة، وهو ما يهدد مستقبل الحاضرة. وانتقد ذات المتحدث بعض القرارات التي اتخذتها السلطات المحلية مثل إغلاق مغارة فريواطو، مضيفا أن» اغتيال أحلام حاضرة عبد المومن الكومي الموحدي ولو عن حسن نية بمثابة ضربة قوية لمشاريعها الاقتصادية والتنموية الواعدة. المغارة .. الكنز.. لكن تعد مغارة فْرِيوَاطُو من بين أهم الأماكن التي يقصدها زوار مدينة تازة والوافدون من مختلف المناطق داخل المغرب وخارجه، إذ تتوفر داخلها على ممرات تحت أرضية طبيعية ومتاهات يصعب على الزائر تفاديها حيث يمكن للزائر أن يستمتع بمناظر مذهلة ، وهي بذلك تشكل أحد الكنوز بالنسبة للمهتمين بفن الاستغوار . وتجمع بعض المصادر على أن الفتحة الكائنة أعلى مغارة فرِيواطُو عبر منها الفرنسيّ نوربير كاستوري إلى قلب التجويف عام 1933، والقطعة المعدنيّة التي ثبّت بها حبل الهبوط مازالت بمكانها إلى اليوم.. وفق المصدر ذاته . ولعل الذاكرة الجمعية لساكنة دوار شِيكر وباب بودِير أيضا تلزم نوعا من التحفظ وهي تروي قصة أشبه بالأسطورة ، حيث تقترن بمستغورين أجانب فعّلوا مغامرة الولوج إلى أعماق فرِيواطُو، عام 2006، دُون الاستعانَة بأيّ دليل خبير بممرّات الفضاء المظلم.. تاركين وراءهم سيارات رباعيّة الدفع ظلّت مركُونة لأيّام قبل أن يتمّ جرّها صوب المحجز العمومي لغياب أصحابها عنها لأيّام، وإلى اليوم لم يظهر أي من هؤلاء المغامرين المجهولين.» ولا يهتم أحد المستغورين بجذور التسميّة ويرى أن «إِيفْرِي نْ وَاطو»، أي «مغارة الرّيح» وفقا للترجمة من منطوق بني مازغ إلى العربيّة الفصيحة.. الأقرب الى التداول الشفهي تاريخيا سيما وان هذا الطرح يجد قوّته من خلال قول أبناء المنطقة الريفيّة المتاخمة للغار،وهم من اقوى المدافعين عنه.» وتجمع كافة الآراء أن هذه المعلمة السياحية الفريدة مغارة لم تنل حصتها منالاهتمام. ويشدد أحد الفاعلين الجمعويين أن ضعف التسويق الإعلامي لمجموعة من المشاريع السياحية بالإقليم تعتبر وصمة عار على جبين ليس المجالس المنتخبة، وإنما وزارة السياحة نفسها والأوصياء على القطاع . فرغم أن مغارة فريواطو، يقول أحد المهتمين بفن الاستغوار بالمنطقة، تدر أموالا صعبة حيث تكتري إحدى الجمعيات المغارة بمقابل ماليّ يصل إلى 18 مليون سنتيم سنويا تضخ في خزينة جماعة باب بودِير، إلا أن السلطات ظلت شحيحة ومقترة . حتى أنها لم تكلف نفسها وضع علامات تشويرية مميزة وذات طابع إشهاري تحيل على المغارة في الطريق باستثناء ما هو عام. وتجمع كافة المصادر إلى أن الصعود إلى المغارة يستوجب قطع سبع «لويات» صعودا سيرا على الأقدام حتى مدخل المغارة ، أما الولوج إلى أعماقها فهو لا يتطلب سوى 10 دقائق، كي يصل المستغور الفضاء العميق عبر درج مدعوم بسلم حديدي . الأمر الذي يجعل الاستغوار شاقا أمام كبار السن فضلا عن الذين يعانون من أمراض القلب وضيق التنفس . لذا يقترح احد اعضاء الجمعية التفكير في سلم كهربائي ناقل. فمن ياترى يتحمل مسؤولية هذا التقصير حتى تسترجع جماعة دوار شيكر رصيدها من عائدات المعلمة؟ يتساءل أحد أعضاء الجمعية ويخلص إلى أن الجميع مسؤول من ساكنة الدوار إلى الجماعة والسلطات ثم الوزارة الوصية والحكومة نفسها. ويضيف مستطردا: هؤلاء من المفروض فيهم تشجيع الاستثمار واستقطاب حاملي المشاريع والعمل على إغرائهم للنهوض بالمشاريع السياحية في السهل كما بالجبل « يضيف المتحدث ذاته ، موضحا بأنّ جزءا من الحلّ يتمثّل في عمل الحكومة على ضخّ استثمارات مركزية تنهض بالسياحة الجبلية بإقليمتازة، وذلك عبر رؤى قادرة على ترويج الرساميل ضمن المؤهلات الكبيرة المتوفّرة، داعيا إلى توفير بنيات سياحيّة وتسهيل ولوج فضاءات مغارة فرِيوَاطُو وجبال تَازكَّة بوجه خاصّ. يوسف العزوزي الكاتب العام للمنتدى الجهوي للصحافة والإعلام بتازة، يرى أنّ «التنميّة الشاملة تعدّ خيارا غير ذي أولويّة لدى المنتخبين المدبّرين للشأن العام المحلّي والإقليمي والجهويّ». مضيفا أنّ تأخر التنميّة السياحيّة بإقليمتازة يعود إلى «التركيز على الاستثمارات العقارية من لدن لوبي عقاري أفلح في التحكّم بدواليب السياسة والخيارات المستقبلية بالمنطقة». ولا يشك أحد أنّ الرهان على تنميّة إقليمتازة وساكنته ينبغي أن يمرّ عبر مؤهلات السياحة الجبليّة القادرة على جعل وجهة تازة واحدة من الوجهات الرائدة في هذا المجال.. «مغارة فرِيوَاطُو واحدة من هذه المؤهلات التي ما زالت غير مستثمرة بالشكل الذي ينبغي أن يطالها.. إنّها قاطرة مستقبليّة قادرة على جرّ الإقليم بأكمله صوب تنميّة شاملة ومندمجة» يقول الفاعل الجمعوي ع اليعقوبي. وإذا كان معظم الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يعتقدون أن قرار الإغلاق كان حكيما بعد الحادث الأليم، سيما بعد التأكد من عدم توفر شروط الأمان بالمغارة، فإن تحركات استغوارية هنا وهناك تفيد بوجود وعود بفتحها أمام السياحة الداخلية بمجرد القيام بالإصلاحات اللازمة. ويتمنى البعض أن تشمل فكرة التأهيل جماعة بويبلان التي تعتبر مزارا سياحيا واعدا رغم افتقارها إلى الولوجيات الأساس، كما البنيات التحتية اللازمة لاستقطاب السياح. يقول الأستاذ محمد صلاح اللملومي من تونس «عندما قام الإخوة في المنتدى الدولي لتازة خلال شهر ماي 2016 بتمكيننا من جولة رائعة في الجبال المحيطة بتازة، عند الرجوع بقدر ما كنا منتشين بما شاهدناه من جمال طبيعة غنّاء بقدر ما كان بعض خيبة الأمل كائنا فينا ، لأننا وقفنا على أبواب مغارة إفريواطو دون الولوج إليها لأنّها مغلقة». يقول الباحث في الحضارة المدنية امحمد العلوي الباهي إن «مغارة فريواطو شهيرة عالميا.. والسياح الذين يقصدونها الآن يتأسفون على هذا الإغلاق»... سياحة قروية تترقب التفاتة مسؤولة وحسب استغواريي الجهة، فإن المغارة تتشكل من ثلاثة مداخل رئيسية أولها يمتد على 520 درجة ، مضاء طبيعيا بواسطة نور الشمس الذي يتسرب من فوهة المغارة المذكورة و يقع على عمق 160 مترا تحت الأرض في ما يصل عدد درجات المدخل الثاني 200 درجة و هو ضيق ومظلم مما يتطلب معه استعمال المصابيح اليدوية والمرشد السياحي. المدخل الثالث هو عبارة عن مساحة منبسطة يمتد على طول 3 كلم، وتستغرق هذه الزيارة بمساعدة المرشد 3 ساعات على الأقل. الشيء الذي يتحمس إليه المغامرون من الزوار بمساعدة المرشدين طبعا، وذلك لما يجدون من متعة وسعادة من خيرات المغارة من الصواعد والنوازل والأحجار المعلقة». وتحتاج السياحة القروية إلى إرادة حقيقية من قبل الأوصياء على القطاع من أجل التطوير و تقوية وتنويع استراتيجية التنمية السياحية بمختلف الأبعاد، مع تسويق التراث والموروث المغربي الذي يروم تعزيز إشعاع الهوية الثقافية . وتعتبر السياحة القروية كأهم منتوج تزخر به جغرافية تازة وضواحيها من كنوز أحفورية يستدعي سبر أغوار هذا المنتوج الغني بثرواته وإمكانياته البيئية والثقافية المتنوعتين، وكذا تعزيز جاذبية المناطق السياحية الجهوية مع التركيز على البعد البيئي، والحفاظ على استدامة الموارد الطبيعية...علما بأن تشجيع المواقع الإلكترونية كأداة أساسية للترويج السياحي ولتعزيز المجال القروي ،يظل على قدر كبير من الأهمية، على أن لا يتم إغفال دور الانترنيت في توجيه والتعريف بهذا المنتوج الثقافي والبيئي. كما أن دور الجمعيات بارز في تنمية المنتوجات المحلية على مستوى تثمينها وفسح آفاق جديدة أمامها مثلها مثل دور المجتمع المدني في الترويج للسياحة القروية من خلال النشاط الجمعوي، على اعتبار أن السياحة البيئية هي مجموع أشكال السياحة المعتمدة على الطبيعة والثراء الثقافي والسوسيواقتصادي... الذي تزخر به مدينة تازة. ترى من يهب لإنقاذ هذا التراث الثقافي وتحسيس السكان والمواطنين عموما، بضرورة المحافظة عليه، وكذا التوجه للجهات المسؤولة محليا وجهويا وكذلك على المستوى الوطني و وضعها إزاء مسؤوليتها؟