أثارت تصريحات وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، ضد المغرب، غضبا شديدا لدى جزائريين اعتبروا ما تلفظ به الوزير يشكل إساءة لبلادهم، بينما طالب إعلاميون ومثقفون بإقالته. واتهم وزير الخارجية الجزائري، خلال مشاركته بالجامعة الصيفية لرجال أعمال بلاده "منتدى رؤساء المؤسسات"، الجمعة، المغرب ب"تبييض الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات في بنوك موجودة في عدد من الدول الأفريقية"، وقال إن زعماء العديد من الدول أخبروه بذلك. شعب واحد وكان لتصريحات الوزير الجزائري؛ تداعيات في الداخل، إذ أطلق جزائريون، بينهم إعلاميون ومثقفون، هاشتاغ "#جزائريون_و_مغاربة_شعب_واحد" على مواقع التواصل الاجتماعي. ولأول مرة منذ بروز الصراع بين الجزائر والمغرب بسبب الصحراء، تثير تصريحات مسؤول جزائري غضبا بالجزائر، على اعتبار أن مثل تلك التصريحات "لا يمكن أن تصدر عن مسؤول دبلوماسي وأمام الملأ"، بحسب قول الإعلامي الجزائري عادل نبري ل"عربي21". وقال نبري: "دفعت تصريحات الوزير عبد القادر مساهل؛ الجزائريين إلى القيام بمقارنات حول أداء الدبلوماسية الجزائرية في السابق وأدائها اليوم، في معرض تنديدهم بالمستوى الذي أبانه الوزير مساهل عند حديثه عن تجارة الحشيش بالمغرب، وهو كلام لا يمكن أن يقال علانية حتى وإن كان صحيحا"، على حد قوله. وتابع نبري: "أعتقد أن ما تلفظ به عبد القادر مساهل ستكون له عواقب وخيمة بين البلدين، قياسا بردود الفعل التي صدرت عن جهات رسمية وسياسية في المملكة المغربية"، مضيفا: "كما أن مثل هذه التصريحات ستكون لها تداعيات حول مصير الوزير مساهل بحد ذاته، في وقت تعالت أصوات تطالب بإزاحته من منصبه"، وفق تقديره. غضب جزائري وكتب المعارض الجزائري، عبد العزيز بوباكير، على صفحته في فيسبوك، ملمحا إلى يعتبره تراجعا بمستوى السياسة الخارجية الجزائرية: "قال لي الرئيس السابق الرئيس الشاذلي بن جديد أنه بموت وزير خارجيّتي فقدت ذراعي الأيمن، ولو كان لي خمسة وزراء من أمثال محمد الصديق بن يحيى لجعلت الجزائر قوّة إقليمية مهابة الجانب". وتابع بوباكير، وهو كاتب مذكرات الراحل الشاذلي بن جديد الذي ترأس الجزائر من 1978 إلى 1992: "لاحظوا معي السقوط الحرّ للدبلوماسية الجزائرية. من محمد الصديق بن يحيى والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وبوعلام بسايح ورمطان لعمامرة.. إلى عبد القادر مساهل!". يذكر أن بن يحيى قتل في تحطم طائرته فوق الأجواء العراقية حينما كان يقود مبادرات تسوية بين العراق وإيران عام 1982. وتابع بوباكير: "يُصعّد (وزير الخارجية!) عبد القادر مساهل الموقف بشكل بائس وغير لائق مع الأشقاء في المغرب. هل الجزائر في حاجة إلى جبهة أخرى؟"، قبل أن يضيف: "يبدو لي أن وزير الخارجية المزعوم يجهل قواعد البروتوكول والقنوات الدبلوماسية المعروفة واللباقة"، معتبرا أن "الحديث عن تبييض الأموال في الجزائر أجدى من السفسطة حول تبييض المغرب لأموال المخدرات"، بحسب تعبيره. وهناك من الجزائريين من اعتبر تصريحات مساهل؛ "عادية" بالنسبة لبلد "عدو" للجزائر، حتى وإن كانت مسيئة وصادمة، لكن كيف يمكن تبرير حديثه عن تونس ومصر وليبيا؟ وقال المحلل السياسي حميدات الزين، ل"عربي21″، إن ما أدلى به مساهل، "عندما قال إنه لا يوجد استثمار في تونس وهذا البلد يواجه مشاكل كبيرة جدا، يعتبر سقطة دبلوماسية كبيرة من جانب رئيس الدبلوماسية الجزائرية"، كما أشار إلى أن حديث الوزير عن أن "مصر بلد يقضي وقته في البحث عن قروض لحل مشاكله الإقتصادية"، هو بمثابة "قلة لباقة من جانب الرجل". وأضاف الزين: "الهجوم على المغرب فهمنا خلفياته وأسبابه، أما استعداء مصر وتونس وليبيا فهذا لا يستقيم سياسيا ولا أخلاقيا.. أعتقد أن استخلافه بات ضروريا"، كما قال. وغرد المعلق الرياضي الجزائري، حفيظ دراجي، قائلا: "التصريح الأخير الذي أطلقه وزير الخارجية الجزائري بخصوص الجارة المغرب لا يقوله عاقل!!". وفي المقابل، رد مسؤول دبلوماسي جزائري بأن "كلام وزير الخارجية الذي تسبب بأزمة دبلوماسية مع المغرب، لم تكن تصريحات واردة في خطاب رسمي للخارجية الجزائرية، وإنما مجرد تعليق على تساؤلات طرحها رجال أعمال جزائريون".