اعتبر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، أن النظام السياسي في المغرب يستثمر في مشاريع ضخمة "لا تتوافق مع حاجيات الشعب وليس لها أي مشروعية شعبية"، متسائلا بالقول: "هل أهل الريف بحاجة إلى الطرق والمعامل والمستشفيات أم إلى مشروع القطار فائق السرعة TGV؟" مشددا على أن الاقتصاد الناجح هو توظيف الإمكانيات حسب حاجيات المواطنين. وأوضح الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أن مشروع ال TGV على سبيل المثال، كانت أمواله كافية لبناء 25 ألف مدرسة قروية أو 5000 مدرسة حضرية، أو 25 مركزا صحيا جامعيا، مشيرا إلى أن الاختيارات الاقتصادية للبلد لو كانت مبنية على حاجيات الشعب فلن تكون هناك أي احتجاجات، "لكنها مبنية على حسابات أخرى، وهو ما يفسر ما يحدث في الحسيمة". وأضاف في ندوة تحت عنوان "السلطة والريف ومآلات الحراك"، نظمتها اللجنة الوطنية لدعم حراك الريف بمقر هيئة المحامين، مساء اليوم الثلاثاء، أن الدولة اعتمدت على خيارات تراهن على رجال المال وعلى الخارج، وليس المواطنين والضعفاء، لذلك قامت بتفويت الرأس المال العمومي ومنح إعفاءات ضريبية وامتيازات "للكبير والسمين". وتابع قوله: "الدولة بهذه الاختيارات تخلت عن مداخيل مهمة كانت ستمول بها المدارس والمستشفيات ومشاريع استثمارية أخرى"، لافتا إلى أن إعطاء الدولة الأولية لفلاحة التصدير همش 90 في المائة من الفلاحة الوطنية البسيطة، على حد تعبيره. الاقتصادي الذي اشتغل منسقا بمعية البنك الدولي، قال إن أحداث الريف سببتها الفوارق الطبقية والبطالة والزبونية والمحسوبية والرشوة، مشيرا إلى أن محسن فكري كان ضحية "مافيا" الصيد، ولكنها في الحقيقة ليست "مافيا" بل نظام حكم يعتمد على اقتصاد الريع والاستفادة من الامتيازات، بينما يذهب المواطنون ضحية هذا النظام. وأشار أقصبي إلى أن الواقع الاقتصادي الذي أفرز حراك الريف هو واقع مشترك في كل مناطق المغرب، لكنه في الريف أكثر حدة، خاصة مع غياب مقومات الاقتصاد من مركات صناعية وفلاحة منظمة، متسائلا بالقول: "هل الإصلاح ينطلق من الحسيمة إلى الرباط، أم من الرباط إلى الحسيمة مرورا بكل مناطق البلد؟"، لافتا إلى أن تقرير البنك الدولي ل2017 أقر بأن الاقتصاد المغربي متخلف عن نظيره الأوروبي بنصف قرن، حسب قوله.