عكس ما كان يتوقعه الكثيرون, خص الخطاب الملكي الأخير في افتتاحية الولاية التشريعية العاشرة، خص جانبا مهما منه للحديث عن أعطاب الادارة المغربية وانتقاد أداء ومردودية الموظفين داخلها مستغربا توجه المواطنون إلى ملكهم من أجل حاجيات بسيطة. ولطالما اشتك المغاربة لسنوات من بؤس الإدارة المغربية وغياب المسؤولية والنجاعة في قضاء مصالحهم. ولكن ما هي الاسباب التي تقف عائقا امام الادارة المغربية ومواردها البشرية في خدمة مصالح المواطن بجودة واتقان؟ من بين أهم العناصر التي تجعل الموظف قادرا ومتحمسا على الانتاج في ادارته ان يكون مقر عمله مناسبا ومريحا ومجهزا تجهيز جيدا يلبي احتياجات مهمته. ولكن للأسف بلمحة سريعة في الادارات المغربية نجدها في أغلب الاحيان غير مؤهلة بتاتا لذلك. فأغلب مرافقها غير نظيفة، والمكاتب تفتقد لأبسط التجهيزات من ناسخات، كراسي، خزانات الى مكيفات في الجو الحار. زد على ذلك الضوضاء المرتفعة والتي تتسبب في ارتفاع ضغط الموظف ويحس بنفسه كأنه في سوق شعبي، إضافة لغياب مقهى صغير او مكان ترفيهي يسمح للموظف بالتقاط انفاسه وتجديد نشاطه او حتى مكان مناسب للأكل فيضطر بدون وجه حق في ظل نظام العمل المستمر الى أن يخرج اثناء الدوام لأخد وجبة الغداء في البيت او في أحد المطاعم القريبة مما يعطل مصالح المواطن. فكيف للموظف امام هذه الظروف المزرية والنقائص التجهيزية ان يكون منتجا في عمله؟ أيضا من بين العوامل المساعدة التي تزيد من كفاءة الموظف نجد التكوين المستمر في ميدان العمل، فاغلب الموظفين في الإدارات المغربية لا تنظم لهم دورات تكوينية دورية للتحسين من مستواهم وذلك في ظل نظام تعليمي مغلق لا يجاري تغيرات العصر هذا التكوين المستمر الذي يسمح بالانتقال من نظام مغلق (نكون من أجل التكوين) إلى نظام منفتح على بيئته الشيء الذي يسمح للموظف اولا ان يكون محترفا في شغله مما يمكنه من إتقان جميع قدراته ومهاراته في ممارسة وظيفته، ثانيا يجعل منه عنصر تغيير قادر على تطوير وظيفته والرقي بإدارته. ومن بين الحلول التي يجب العمل عليها ايضا من أجل تجويد الخدمات الادارية مما سبق ذكره هو احداث هيئة مراقبة ميدانية مستقلة تتابع وتراقب بشكل مباشر عمل الادارات وتكون لها الصلاحيات الكافية في اتخاد الاجراءات اللازمة في حق كل متكاسل ومتهاون. وتشرف ايضا على مراقبة ساعات العمل عن طريق الاجهزة الحديثة المخصصة لذلك للحد من ظاهرة التأخر و'' السليت ‘' أثناء الدوام. هذا الارث الثقيل والعقلية القديمة اللذان لازالت تسير بهما الادارات المغربية لا يمكن التخلص منهما بهذه السهولة بل وجب تظافر الجهود كل من جهته ومسؤوليته حتى ترقى الى ما وصلت اليه الدول والمتقدمة ويحق آنذاك للمغربي ان يفتخر بإدارته بدل ما خلقته له هذه الخدمات من مرض قد نطلق عليه مرض ‘' الاداروفوبيا'' بحيث تجد ان اغلب المواطنين يكرهون ويخافون التعامل معها لغياب التقدير وحفظ الكرامة.