15 ألف أستاذ محال على التقاعد هذه السنة، والكثافة السكانية للقسم تجاوزت 70 نسمة. ستواجه الحكومة المقبلة دخولا مدرسيا ساخنا على إيقاع موجات الغضب والاستياء من حال التعليم وما آلت إليه وضعية العملية التعلِيميّة التّعلُّميَة بكامل مكوناتها (المتعلم، المعلم، المنهاج، الفضاء). فعلى مستوى الموارد البشرية، يعرف الموسم الدراسي (2016-2017) خصاصا مهولا في أطر التعليم الملتحقة هذه السنة؛ ذلك أن 15 ألف من أستاذات وأساتذة المغرب تمت إحالتهم على التقاعد النسبي هذه السنة وتركوا المدارس خاوية على عروشها، ليضاف هذا المشكل إلى الخصاص المهول الذي تعرفه المدرسة المغربية سابقا؛ والذي يُقدَّر بقرابة 30 ألف أستاذة وأستاذ ! إن ما يميز الدخول المدرسي لهذه السنة كثرة المفاجآت واجتماع الأزمات المتقاطرة على قطاع التعليم من كل حدب وصوب؛ حيث إنه، وإضافة إلى إحالة جملة من رجال التعليم على التقاعد، من المرتقب أن يتولى مهمة تربية أبناء المغاربة: "الطلبة المتدربون"؛ الذين لم يستفيدوا من ساعات التكوين الكافية والمقررة خلال الموسم (2015-2016) داخل أسوار المراكز التربوية للتربية والتكوين. الجديد في هذه السنة، ليس هو الخصاص في الأطر أو أرقام الإحالات على التقاعد المخيفة.. الجديد كان ببعض المدن الكبرى التي استفاق أولياء تلامذتها على مفاجأة إغلاق بعض المؤسسات الخاصة لأبوابها أمام التلاميذ المسجلين تحت لوائها. والجديد أيضا هو الاكتظاظ المخيف الذي افتتحت به العديد من المدارس والثانويات موسمها هذا؛ بحيث تجاوزت الكثافة السكانية داخل القسم 70 نسمة ! ما أثار غضب رجال ونساء التعليم الملتحقين بحجرات العمل، بل سمعنا أن إحدى الأستاذات أغمي عليها لما وجدت نفسها أمام طاولات تتسع لأربعة تلاميذ عوض اثنين ! منظمة التعاون والتنمية الدولية جعلت المغرب في تقريرها يحتإبراهيم أحتشاول الرتبة 73 من 76 دولة شملها التقرير، وذلك حسب مؤشر "أفضل المدارس عبر العالم". تقرير بنك المغرب أيضا انتقد خطة الدولة لإنقاذ التعليم، واعترف بفشلها فشلا ذريعا، إذ طالب بالتعجيل والإسراع في تنزيل الرؤية الإستراتيجية لإصلاح التعليم، بل إن بعض الحركات السياسية بالمغرب هي الأخرى انتقدت السياسة المنتهجة في التعليم ووسمتها ب"السياسة الليبرالية" الهادفة إلى تبضيع قطاع التعليم ورفع الدولة يدها عنه. الدخول المدرسي لهذا الموسم دخول يتجه نحو نفق مظلم لا يُحمَد مَخرَجه ولا مآل سالِكِيه، فبَعدَ حذف التفويج؛ الذي سيؤدي إلى تجميع الأفواج في حجرة واحدة عوض اثنتين أو ثلاثة، وبعد حذف بعض المواد، والتقليص من الغلاف الزمني لمواد أخرى، ناهيك عن التغيير الجذري، أو ما يسمى ب"الحملة التطهيرية" لمقررات التربية الإسلامية، التي بات يصطلح عليها ب"التربية الدينية"، إضافة إلى إغلاق بعض المؤسسات، والاكتظاظ المهول... كل هذا؛ يجعل أولياء الأمور يضعون أيديهم على قلوبهم حسرة على احتضار التعليم ببلدنا، وتنبؤا بضياع مستقبل أبنائهم، وحرمانهم من حقهم في التربية وفق مناهج تدعو إلى تكريس حب المواطنة والمحافظة على الثوابت المغربية المُسَلّم بها، في بلد كلما تقدّم خطوات نحو التنمية.. كلما تراجع ضمن مؤشر التعليم، وتبوء آخر المراكز في التقارير الدولية والوطنية، واحتل المراتب الأولى ضمن مؤشر البطالة والأمية والتخلف.