ليست هي السنة الأولى التي تحتل خلالها التلميذات صدارة المتفوقين خلال الامتحانات الإشهادية على المستويين الجهوي والوطني، بالإضافة إلى الفرق المهم بين نسب نجاح التلميذات والتلاميذ في امتحان الباكالوريا، حيث باتت الظاهرة جلية، وفق ما أفاد به باحثون في الشأن التربوي. وحصلت التلميذة إيمان الطويل على معدل 19.31 كأعلى معدل بامتحانات الباكالوريا للموسم الدراسي المنقضي، فيما تمكنت التلميذة سمية القادري من تحصيل أعلى معدل بالامتحان الجهوي برسم السنة الأولى باكالوريا بمعدل 19.41. مسؤولية الباحث التربوي حسن العيساتي، يعتبر أن تفوق الإناث على الذكور أضحى ظاهرة بما للكلمة من معنى، اعتمادا على نسبة النجاح أو نسبة التفوق إذ أن النتيجة تكون نفسها بتفوق الإناث، لافتا إلى أن الظاهرة تتجاوز الامتحانات الإشهادية بل أصبحت ظاهرة تلازم الفصول الدراسية منذ السنوات الأولى للدراسة رغم بعض الاستثناءات. ويرى الباحث أن طبيعة الفتاة في حد ذاتها التي تميل إلى الانضباط والدقة في العمل والتنظيم الجيد مقارنة بالميول نحو التمرد على البيت التي يتميز بها بشكل أكبر الذكور، لافتا إلى أن الفتاة التي هي امرأة المستقبل تُجَهز بشكل مبكر على المسؤولية وبالخصوص مسؤولية البيت. وأوضح العيساتي لجريدة "العمق" هذا التحضير ينمي لدى التلميذة حس المسؤولية ما ينعكس بالتالي على إتقان العمل، وهو ما يفضي بالضرورة لنتائج إيجابية عندما يتعلق الأمر بالتحصيل الدراسي، وفي نفس السياق يساعد الوقت الكبير الذي تقضيه الأنثى مقارنة بالذكر في البيت على الإهتمام أكثر بالواجبات المدرسية، مشيرا إلى أن الانضباط والانتباه داخل الفصل الدراسي تعتبر خاصيات أنثوية أكثر منها ذكورية. تحرر من جهته، اعتبر عماد الورياشي، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، أن الفتاة تعيش اليوم لحظة اجتماعية متميزة متسمة باندفاع قوي بعدما كانت مسألة الدراسة والعمل في أسفل هرم إهتمامات المرأة، بل من الكماليات غير الضرورية في حياتها. ويرى المدرس في ثانوية خاصة بالبنات بمدينة مراكش، أن الدراسة والعمل غدا في أعلى هرم تطلعات وأحلام الأنثى وأهم من أي شيء آخر، وفق تقدير المتحدث الذي أشار إلى أن شريحة كبيرة من الفتيات أصبحت الدراسة بالنسبة إليهن بوابة نحو التحرر من قيود الأسرة والمجتمع من أبسط تجلياتها مثل الخروج والدخول إلى المنزل إلى أعلى التطلعات كتحقيق الذات والأهداف الشخصية والتميز. ولفت المتحدث لجريدة "العمق" إلى أن المغرب تبنى خلال العقدين الأخيرين سياسة تشجيع تمدرس الفتاة بشكل واضح وصريح إلى جانب إعادة الاعتبار لمكانة المرأة في المجتمع على جميع الأصعدة، متابعا أن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بين التلاميذ وتأثيرها سلبا خصوصا على فئة الذكور التي تتمتع بحرية أكبر داخل المجتمع عكس الرقابة المفروضة على الفتاة.