لاشك أن "للعالم الأزرق" أهمية كبيرة في التواصل بين بني البشر في عصرنا الراهن, إذ أحدث نقلة نوعية في مجال الإعلام والاتصال وهو بذلك اصبح جزءا لايتجزء من حياتنا اليومية, حيث اصبح الانسان أكثر إلماما بالأخبار والمستجدات التي قد لا يشاهدها في الإعلام الرسمي. إن الاستقلالية التي يتمتع بها "العالم الازرق"المعروف لدى مستخدميه "بالفايسبوك", تجعله فضاءا حرا لفئة عريضة من المستخدمين للهواتف الذكية تعمل على تثبيت التطبيقات الخاصة بمواقع التواصل الإجتماعي, رغبة منهم في الانخراط والمشاركة الفعالة في العالم الإفتراضي غير ان إذا نظرنا الى العالم الأزرق نظرة عميقة سندرك حتما ان الفايسبوك يمكن اعتباره بطاقة تعريفية للمستخدم فبمجرد اقتحام احد البروفايلات (الصفحات الشخصية) يتضح لك حينها جل المعلومات الشخصية للمستخدم بما فيها مواقفه وأراءه حول القضايا السياسية والاجتماعية, مما يجعل العالم الافتراضي مجالا أوسع وأرحب للتعبير عن الفكر والمواقف مكسرا بذلك القيود المفروضة في الواقع, وكذا متخطيا حاجز الخوف الذي تمارسه الديكتاتوريات في دول العالم الثالث وما يؤكد دلك بشكل واضح دوره الفعال في تأطير التظاهرات والاحتجاجات التي شهدها العالم العربي في وقت سابق. لا يمكن إنكار ان الفضاء الازرق باعتباره منبرا حرا مجسدا لما بات يعرف ب "صحافة المواطن" اصبح ملتقى للتيارات الراديكالية المختلفة مما جعلها بعضها يصطدم ببعض وهدا يتضح بشكل واضح وأنت تتابع الصفحات والتعليقات التي تعيش على صفيح ساخن بين نشطاء الفضاء الازرق غير ان هدا الامر يتضح بشكل صريح في الصراع بين الجارين المغربي الجزائري إذ ان المنافسة بين هدين الطرفين في المجال السياسي والعسكري بين الحكومات أصبح يتخد بعدا اخر يتجسد دلك في الجدال والصراع الذي يدور بين جماعة من النشطاء المغاربة والجزائريون حيث يحاول كل طرف أن يبرز تفوقه على الطرف الاخر في مختلف المجالات السياسية والرياضية والفنية. إن الصراع بين نشطاء الفضاء الأزرق في مختلف المجالات ومحاولة كل فئة تحمل لونا سياسيا او ايديولوجيا معينا ماهو إلا مظهر من مظاهر الكبت الذي تعاني منه اغلبية شعوب دول العالم الثالث الغارقة في بحر الفساد والاستبداد, بيد ان الصراع بين الفايسبوكيون ونقاشاتهم البيزنطية يحجب الرؤيا عن القضايا الأساسية التي تخص شعوب العالم الثالث بالدرجة الاولى, والمتمثلة في قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتوزيع العادل للثروات. إن دول العالم الثالث عامة والمغرب بشكل خاص لا يمكن لأحد ان ينفي المشاكل التي يتخبط فيها, والمتمثلة في تردي أوضاع التعليم والصحة الى غير ذلك, غير الفضاء الأزرق أصبح بمثابة مكبر الصوت الّذي يسمع صوت فئة عريضة من الشعب والتي تعبر عن السخط والغضب الكائن في نفوسها مستعملة بدلك وسائل كثيرة ومتعددة, يمكن رصدها في نشر مقاطع فيديو تصور المشاهد التي تعبر عن معاناة المواطنين المختلفة وتعبر في نفس الوقت عن السخط والغضب للمتضررين, كما اتخذت فئة أخرى أسلوب السخرية من خلال الإعتماد على الكاريكاتير لتبليغ رسائل مشفرة تحمل بين طياتها التعبير عن التدمر والاستياء من الاوضاع المتردية نتيجة التهميش والاقصاء. إن الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها بالسلطة ,لاشك أنها علاقة يطبعها نوع من الحذر دلك أن نشطاء العالم الافتراضي يعبرون عن افكارهم لكن بنوع من الحذر في كثير من الاحيان, وهذا ينطبق كذلك على السلطات التي تنزعج من هاته التجمعات البشرية التي يصعب التعرف عنها ورصد المواضيع التي تتحدث عنها في الكثير من المجموعات والصفحات المغلقة. صفوة القول, إن مواقع التواصل الاجتماعي, لاشك أنها تمثل مرأة تعكس الواقع الذي ترزح تحت كابوسه شعوب دول العالم الثالث, فهي بدلك تعتبر منبرا حرا يعبر بشكل واضح عن الدهنيات ومستوى التقدم الفكري والمعرفي لدى الشعوب النامية , وهي بدلك تعطي إشارات قوية للأنظمة المستبدة لا يمكن تجاهلها.