قدمت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر للسلطات القطرية قائمة تتضمن 13 مطلبا، مشترطة تنفيذها كشرط لرفع الحصار عن الدوحة، ومن أبرز المطالب خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد جميع عناصر الحرس الثوري الإيراني من الأراضي القطرية، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وإغلاق قناة "الجزيرة"، وقطع جميع الصلات مع جماعة "الإخوان المسلمين" وتنظيمي "داعش" و"القاعدة" و"حزب الله" اللبناني. وقد منحت الدول المحاصرة السلطات القطرية مهلة 10 أيام لتنفيذ هذه المطالب، متعهدة باتخاذ إجراءات إضافية ضد الدوحة في حال رفضها القيام بذلك، وتنتهي هذه المهلة يوم الاثنين 3 يوليو 2017. أمام هذا الوضع الراهن يبدو أن حل الأزمة الخليجية لا زال بعيد المنال، خاصة وأن مدة 10 أيام التي منحتها الدول المحاصرة لقطر لم تبقى عليها سوى أيام قليلة، مما يندر بتصعيد جديد يعقد مسألة التوصل إلى حل سلمي متفق حوله في القريب العاجل في ظل تنامي مساعي الوساطة الدولية لإنهاء الخلاف بين "الأشقاء". لكن السؤال المطروح هنا لماذا لم تتفاعل قطر مع هذه المطالب، الأمر الذي يدفنا إلى النبش في خلفيات هذه المطالب ومدى جديتها، هنا يقول وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن المطالب التي قدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر ستصبح لاغية بانتهاء مهلة تنفيذها، وهو معطى يؤكد رفض دولة قطر لهذه المطالب، إذ اعتبرتها تمس سيادتها بشكل واضح وهو ما ترفضه قطر بشدة. وفي ذات السياق أيضا أكد وزير الخارجية القطري، في حلقة نقاشية عقدت اليوم الخميس في العاصمة الأمريكيةواشنطن، أن "الحديث عن مطالب غير قابلة للتفاوض أمر يمس سيادة قطر، ويخالف القوانين الدولية". وحول جدية هذه المطالب وسعي دول الحصار نحوى إيجاد حل يقول "جيمس دورسي" الباحث في السياسات الدولية بجامعة "راجاراتنام" في سنغافورة، على أن مطالب دول الحصار التي أرسلت بها إلى قطر، هي عبارة عن مجموعة من المطالب مُصممة بشكل واضح ليس للتوصّل إلى حل سلمي، بل لإلحاق عقاب وأضرار لا حدود لها. إن أبرز ما حملته هذه القائمة هي المطالبة بإغلاق قناة الجزية والقنوات التابعة لها، وهي إشارة إلى امتعاض هذه الدول من مساندة الجزيرة لكل الضمائر الحية والدفاع عن حرية الرأي والتعبير، سيما وأنها كانت دائما إلى جانب الربيع العربي، وإلى جانب هذا تضمنت القائمة شرطا أخر قيل عنه الشيء الكثير ألا وهو إغلاق القاعدة العسكرية التركية، بحيث أن هذه القاعدة لم يتم تفعيلها إلا بعد إعلان الحصار عن قطر، وهو أمر أثار استغراب العديد من المتتبعين الذين لم يستسيغوا كيف يتم إدراج مطلب لم يكن قائما أثناء إعلان الحصار. وبهذا الخصوص صرح سفير دولة قطر في تركيا، سالم بن مبارك آل شافي، أنه لا يوجد مبرر منطقي للمطالبة بإغلاق القاعدة العسكرية التركية وقطع العلاقات الدفاعية بين قطروتركيا إلا إذا كانت لدى دول الحصار نوايا عدوانية مبيته أو مخطط لتدخل عسكري يعتقدون أن القاعدة العسكرية التركية قد تحول دونه. وفي ذات السياق طرحت الكاتبة إحسان الفقيه عدة تساؤلات حول كون إدراج مطلب إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر هو مطلب غير مُبرَّر، لأن التواجد العسكري التركي ليس هو الوحيد على أرض الخليج، فلماذا لم تُطالب دول مجلس التعاون بإغلاق القاعدة الفرنسية في الإمارات؟ ولماذا لم تتحدث عن استضافة أبو ظبي لزعيم شركة "بلاك ووتر" ذات الأدوار المشبوهة وتشكيل قوات من المرتزقة للقيام بمهامٍّ خاصة داخل وخارج الإمارات؟ ولماذا لم تطالب بإغلاق القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج؟ وتضيف الباحثة أنه إذا كانت دول الحصار تعتبر وجود القاعدة العسكرية التركية تدخلا في الشأن الخليجي، فإن مطالبتها الدوحة بإغلاق هذه القاعدة وفكِّ الارتباط العسكري مع تركيا يُعتبر تدخلا في شأن خاص بين دولتين لهما حقوقهما السيادية. مما لا شك فيه أن قائمة المطالب 13 التي سلمتها الكويت كوسيط لقطر من قبل دول حصار، حملت في طياتها مطالب متعددة منها ما تم إدراجه في أخر لحظة من جهة، والمس بسيادة دولة قطر من جهة أخرى وهو ما ترفضه قطر أمام لغة التهديد التي عبرت عنها دول الحصار، مما يؤكد وبالملموس على أن تداعيات الأزمة الخليجية القائمة لا زالت تلوح في الأفق.