حينما أترصد و أتتبع خطوات شريحة من المواطنين بهدف الإيقاع بها ،في مخالفات قانونية مرتقبة ،و أترك ناسا آخرين وهم يرتكبون نفس المخالفة بل أقبحها و أرذلها ،تكون بذلك قد أوصلت سمعة بلدك القانونية إلى الحضيض . ففي باريس أو واشنطن أو برلين أو لندن و للأسف حتى عاصمة الكيان الصهيوني ،توقف الشرطة كل من خالف القانون ،سواء كان ملحدا أو علمانيا أو متدينا أو رجل سلطة (عندنا مخزنيا) أو إنسانا عاديا،و لا يكال بمكاييل عدة بل بمكيال واحد ،دقيق وضابط ... فكيف يعقل أن شوارعنا ،غالبا ما تكون فارغة من الشرطة، إلا في مناسبات هنا وهناك ،أو مظاهرات ،والمخالفات تقع على المباشر دون حياء و لا استحياء ،ولا أحد يحرك ساكنا. في حين ،يترصد قوم لاثنين من المواطنين -بخلفية سياسية – وتقفي تحركاتهما خطوة خطوة على الطريقة الهوليودية، وانتظار ارتكاب المواطنين خطأ قانوني ثم الإجهاز عليهما والظهور بمظهر المطبق للقانون ،في حين أن من أراد أن يعرف ذلك، فيكفيها السفر في طرق بلادنا مع شاحنات المسافات البعيدة !وسيرى دقة تطبيق القانون في الطريق فحسب . فكيف تقتفى خطى رجل وامرأة في زواج عرفي وفي غفلة شرعية ؟وتغض البصر غضا جما على الزواج الشيطاني –علاقات لا قانونية ولا شرعية بين رجل و امرأة - الموجود في الطرقات والملاهي ودور الزنا والسياحة الجنسية المنظمة ...وحدث و لا حرج ! هذا دليل قاطع أن في بلادنا قوة ضغط على شكل شبح تتحكم في حكومة البلاد ، وتحاول أن تغير رأي الرأي العام ،عبر إحداث فرقعات إعلامية هنا وهناك ،بعدما فشلت في محاولاتها السابقة ،والتي استعملت كل أساليب الخداع و المكر وترويج الشائعات والضرب على أوتار الاقتصاد والدين ،وافتعال الأزمات هنا وهناك ،والإيقاع بين الشعب ومن انتخبه للحكم (الحكم بين قوسين !). وهكذا ستظل التقارير تأتي من واشنطن وغيرها –بالرغم من أنهم لا يريدون الخير لنا –أن الوضع الحقوقي والقانوني في المغرب مصاب بنوع من الأمراض ،لذا فما لم نكن جديين في إصلاح أنفسنا فسنضل نتسابق ولكن إلى الخلف حيث التخلف . وأخير سؤال يطل علينا بإلحاح : كيف يمكننا أن نحول النقمة إلى نعمة ؟ أو على شاكلة المثل "رب ضرة نافعة "... الإنابة إلى الله تعالى قبل كل شيء، ثم بعد ذلك يأتي الخير كله : أولا :عدم تلقف أسرار الناس ولو كانوا مخالفين ايدولوجيا ، ومحاولة سترها وتنزيه النفس عن استعمالها –أي أسرار الناس – في النزالات السياسية والفكرية . ويحضرني هنا ما وقع لليساريين في مرحلتهم الزاهية في المغرب من فضائح أخلاقية وفضائح مفبركة وغير مفبركة، فالمطلوب من الصف الإسلامي التنزه عن نشر تلك الأخبار واستعمالها ،وهذا مبدأ نبوي أصيل ،ومن يريد الدليل على بالرجوع إلى كتب السيرة النبوية العطرة . ثانيا :الاحتراس وعدم الوقوع في الشبهات . لو أن الأخويين(سي حماد و لالا فاطمة ) رافقتهما امرأة في سن الستين مثلا مع بنتها الصغيرة ،يكونا قد تعاملا بحذاقة، وفوتا على صيادي الهفوات فرصة ثمينة ،ولكن قدر الله وما شاء فعل ولعله خير .وهذا مبدأ نبوي أصيل كذلك ،ودليله : عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدّثته، ثم قمتُ فانقلبت، فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما-، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( على رسلكما، إنها صفية بنت حيي ) ، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، فقال: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا -أو قال شيئا- ) ". متفق عليه، واللفظ للبخاري . ثالثا :تضامن لا مشروط مع مظلومية الأخت الكريمة فاطمة النجار والأخ الكريم مولاي عمر بن حماد : من الغباوة التفكير أن الحالة حالة زنا ،فالإنسان العادي العامي، بسيط الفهم ، قليل العلم ، إذا فكر في ارتكاب ذنب استتر مئة مرة ومرة ،فما بالك بخيار الناس وخاصتهم . لذا فطابع التلقائية هو الذي كان لاعبا أساسيا في القضية ،ثم ربما علاقة الحب –الحب الشرعي–كانت قوية بين الطرفين، أعمت العقل ،فلم يتخذ مقاييس الأمان من شر هذا الزمان . والثابت أن الأخ بن حماد و الأخت النجار مظلومين ،و أسجل تضامني معهما ، و أنصحهما بالثبات وعدم إظهار الدنية أو الضعف ، بل هو ابتلاء يمرا منه فيه خير لهما وللحركة وللصف الإسلامي بصفة عامة ، بحيث سيكون درسا لنا جميعا أن القيافة مسلطة على أهل الخير،والدعاة والأحرار وأعداء الفساد ،في حين الطرف الآخر يعربد في المجون وهتك الأعراض بلا رقيب و لا حسيب . وفي الختم لن تكون فاطمة خير من أمنا عائشة ،رضي الله عنها ،حيث دبر المنافقون الإفك الكبير ،مستغلين حدث ابتعاد الجيش الإسلامي عنها (وللمزيد الاطلاع على تفاصيل الحادثة )، ولكن هذا الحث ظنه المسلمون شرا فكان خيرا بإذن الله ، وبرأت أمنا عائشة من فوق سبع سماوات ،ونزل تشريع إسلامي مهم ،كانت حادثة الافك سببا له . أعيد تسجيل تضامني اللامشروط معكما ، و لا أزكي على الله أحد ،و لم يغير هذا في رؤتي لكما وتتبع موادكما الدعوية الرائعة ،إلا عتابا واحدا هو التفريط في مقاييس الأمن ضد التماسيح والأفاعي والجرذان !