أوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2015، أن نسبة استعمالات صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية بلغت حوالي 50 في المائة كمعدل خلال الفترة 2008-2015، مضيفا أنه بالرغم من الزيادة الملموسة التي عرفتها موارد الصندوق خلال هذه الفترة (انتقلت من 590 مليون درهم إلى أكثر من 2 مليار درهم)، فإن استعمالات هذه الموارد عرفت انخفاضا ملموسا خاصة خلال السنوات المالية 2011 و2012 و2014. وفي هذا الإطار، أوصى المجلس الأعلى للحسابات باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل توزيع موارد الصندوق بناء على مقاربة واضحة وموضوعية تأخذ بعين الاعتبار المنهجية التشاركية بين مختلف المتدخلين وتكامل وتلقائية البرامج المزمع تمويلها. وأضاف تقرير جطو، أنه في غياب استراتيجية محددة بدقة، تم استخدام الصندوق خلال الخمسة عشر سنة السالفة بطريقة ظرفية في مواجهة الطوارئ أو من أجل مواكبة المقاربات المعتمدة من قبل مختلف القطاعات في مجال التنمية القروية. في هذا السياق، كشف التقرير ذاته، أنه تم استخدام موارد الصندوق خلال الفترة 1999-2015 لتمويل مشاريع معدة من طرف وزارتي الفالحة والتعمير، في إطار الخطة 2020 للتنمية القروية" و"الخطة الوطنية للتنمية القروية" و"الخطة الوطنية لتنمية المناطق الجبيلة". ولتفادي الاستخدام الظرفي لصندوق التنمية القروية وغياب خطة موحدة للتنمية القروية، أوصى المجلس في تقريره برسم سنة 2015 بالسعي إلى بلورة خطة موحدة تهدف الى التنسيق بين جميع المشاريع القطاعية، وتشجيع المقاربة التشاركية المسؤولة بين مختلف المتدخلين قصد تحقيق أهداف التنمية القروية والمناطق الجبلية وضمان استدامتها. وسجل المجلس غياب التنسيق في إعداد البرامج ومخططات العمل، ووجود فصل تام في التخطيط المتعلق بالبرامج الممولة من طرف الصندوق بين قطاعي الفالحة وإعداد التراب الوطني، حيث يتم التحكيم بين المشاريع على أساس المبالغ الاجمالية المحددة لكل آمر بالصرف مساعد في حدود الموارد المتوفرة، دون الأخذ بعين الاعتبار معايير الاندماج أو التكامل بين البرامج والمشاريع والمخططات. ووقف تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات على تداخل الاختصاصات بين القطاعين على مستوى إنجاز العديد من المشاريع والمخططات، لاسيما بالنسبة لوزارة إعداد التراب الوطني التي ساهمت في تمويل مجموعة من العمليات التي تدخل في اختصاص قطاع الفلاحة، كما هو الشأن، على سبيل المثال ب "مخطط التنمية لسلسلة الجمال لجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء" و"مشروع التحسيس بأهمية إحداث تجمعات لانتقاء قطعان الصردي" و"مخطط تثمين وتحويل الصبار بالجماعة القروية أوالد كواش بخريبكة". وفي هذا الصدد، أوصى المجلس المذكور على العمل على تفعيل دور اللجان البينوزارية (الوطنية والجهوية) المكلفة بالتنمية القروية لضمان تنفيذ الخطة المعتمدة وتوحيد الرؤية وتشجيع المشاورات وتفادي تداخل الاختصاصات، مع الحرص على تحديد آليات وأدوات الحكامة المتعلقة بإعداد وتحكيم البرامج وانتقاء المشاريع والتمويل المنتظم والقار. ولفت تقرير جطو إلى أنه تم إحداث الصندوق دون تحديد الأدوات الكفيلة بحسن تدبيره، لاسيما ما يتعلق بالحكامة والتتبع والتقييم والمراقبة، بحيث اقتصر القانون المحدث للصندوق على تعيين الآمر بالصرف، في حين تم إغفال الآليات المتعلقة بإعداد وتحكيم البرامج المقترحة وتتبع وتقييم المنجزات وتحديد معايير انتقاء المشاريع وتأمين تمويل منتظم وقار للصندوق. وهو ما أدى – حسب التقرير- إلى غياب الإنسجام والتكامل والاندماج بين مختلف المبادرات في مجال التنمية القروية.