اعتبر المحلل الاقتصادي عمر الكتاني، أن البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أمام البرلمان أمس الأربعاء، يدل على غياب رؤية اقتصادية واضحة للحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن ما سماه ب"خليط الأحزاب والشخصيات في الحكومة لا يعبر عن وجود توجه سياسي واقتصادي محدد". التقشف .. الحل وأوضح الكتاني في تصريح لجريدة "العمق"، أن الشق الاقتصادي في البرنامج الحكومي لم يحدد بدقة الأولويات التي ستركز الحكومة على تحقيقها، مشددا على أن العثماني مطالب حاليا بنهج سياسة تقشفية وترشيد تدبير الأموال من أجل الحد من التضخم وتجاوز عدد من المشاكل الاقتصادية وفق منظور شامل. وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه يجب على الحكومة استعادة الأموال المنهوبة والحد من الامتيازات الممنوحة للموظفين الكبار وحسن تدبير وترشيد المال العام، وإعادة توزيع التوظيفات بطريقة عادلة وفق الخصاص الموجود في كل قطاع، لافتا إلى أن هناك قطاعات تُمنح لها مناصب أكبر من حجمها في حين تعيش قطاعات أخرى خصاصًا على مستوى الموارد البشرية، كالتعليم والصحة. النمو والبطالة.. "غياب الدقة" وبخصوص الأرقام التي قدمها العثماني في برنامجه الحكومي، أوضح الكتاني أن نسبة النمو التي وعد العثماني بتحقيقها (ما بين 4.5 و5.5 في المائة)، محتملة جدا نظرا للتساقطات المطرية الجيدة التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا لن يكون إنجازا للحكومة، بل من منجزات السماء وفق تعبيره. وفيما يتعلق بعزم الحكومة خفض نسبة البطالة من من 9.4 إلى 8.5 في المائة، قال الخبير الاقتصادي إن هذه الأرقام تبقى رمزية وبعيدة عن الواقع، نظرا لكون عدد كبير من العاطلين عن العمل لا تشملهم هذه الأرقام، وأردف بالقول: "هناك 3 ملايين عاطل في المغرب وليس مليون، وبالتالي الأرقام التي تقدمها الدولة تبقى خاطئة في هذا المجال". المديونية.. "المشكل الأخطر" المتحدث حذر حكومة العثماني من الاقتراض مجددا من البنك الدولي، مشيرا إلى أن المديونية العامة هي أخطر مشكلة في المغرب، لافتا إلى أن المديونية العامة للخزينة بالنسبة للناتج الداخلي الخام، هي 82 في المائة وليس 64 كما أعلن العثماني أمس، مشددا على أن الحكومة مطالبة بعدم الالتجاء إلى الاقتراض خارجيا خلال ولايتها إذا أرادت تقليص نسبة مديونية الخزينة العامة. وتعليقا على ما قاله العثماني من أن حكومته ستعمل على جعل المغرب ضمن الدول الخمسين الأولى في مؤشر التنافسية الاقتصادية، قال الكتاني إن التنافسية تلزمها معايير محددة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي افتقر إلى هذا الأمر، حسب قوله. الاستثمار.. نقطة ضوء أما بخصوص الاستثمارات، أوضح المحلل الاقتصادي أن جزء كبير من الاستثمارات المغربية ستذهب في 2017 إلى إفريقيا، ونتائجها ستكون بعد سنوات وليس الآن، بينما الاستثمارات الداخلية فمن المتوقع أن تكون نتائجها متفائلة، نظرا لوجود شركات صينية وتركية وفرنسية كبيرة أعلنت استثمارها في المغرب. المتحدث شدد على أن إصلاح صندوق المقاصة أثر سلبا على فئات كثيرة في المجتمع بسبب ارتفاع بعض الأسعار، مشيرا إلى أن الحكومة مطالبة بالعمل حاليا على تقليص هذا التأثير، معتبرا أن ارتفاع كلفة المعيشة والسكن والعقار يسيء للإصلاح الاقتصادية التي يباشرها المغرب. التعويم.. "مغامرة غير محسوبة العواقب" وفي سياق مرتبط، هاجم الكتاني تعويم الدرهم المغربي، واصفا هذا الإجراء بأنه رهان ومغامرة وبعيد عن المنطق وقد يؤثر سلبا على الاقتصاد المغربي، لافتا إلى أنه في حالة عدم سقوط الأمطار فإن قيمة الدرهم ستنخفض وسيضطر المغرب إلى صرف ملايير أكثر لاستيراد القمح. وتابع قول: "في حالة ارتفعت قيمة الدرهم فإن الأمور ستكون إيجابية والمغرب سيربح نظرا لكونه سيؤدي قيمة أقل على وارداته التي تضاعف صادراته، غير أنه إذا وقع العكس وانخفضت قيمة الدرهم فإن ذلك سيكون مشكلة كبيرة بعد أن ترتفع كلفة الصادرات بالدرهم، وبالتالي الاقتصاد الوطني سيكون هو الخاسر". أستاذ الاقتصاد اعتبر أن الاقتصاد المغربي يبقى هشا نظرا لأنه يراهن على أمور خارجية، مشيرا إلى أن من أبرز نقط ضعف الاقتصاد بالمغرب، هو عدم توازن ميزانه المالي، وارتباط اقتصاده مع أوروبا بالعلاقات السياسية، حيث إنه في حالة تأثرت هذه العلاقات سلبيا، فإذن ذلك سينعكس مباشرة على الجانب الاقتصادي، على حد قوله.